تعيش مدينة فاس هذه الأيام على صفيح ساخن بسبب المياه، حيث خرج آلاف المواطنين في مسيرات احتجاجية مطالبين بتحسين جودة الماء وخاصة في منطقة سايس. وقد عبر المحتجون عن استنكارهم ضد المسؤولين الذي يستهترون بحياة السكان، باعتبار أن المياه المستهلكة بعدد من أحياء المدينة لا تتوفر على معايير الجودة التي تفرضها مياه الشرب، بما يضمن للمواطن استهلاكها دون قلق أو خوف من أخطار صحية محتملة. وأصبحت مدينة مولاي ادريس الأزهر تتخبط في أزمة مائية غير مسبوقة، وهي المدينة التي عرفت عبر التاريخ بجودة مياهها، وبطبيعة التدبير العلمي لاحتياجات المواطنين، حيث كانت تتوفر المدينة على أمين الماء وشيخ الماء، كما أن واد فاس كان مشهورا باسم واد الجواهر. وقد حمل السكان المحتجون، من خلال الشعارات، التي كانوا يرددونها، المجلس البلدي إلى جانب إدارة الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، مسؤولية الوضع المتأزم الذي آلت إليه المدينة في مختلف الميادين الاجتماعية والأمنية والاقتصادية، وفي مقدمتها رداءة مياه الشرب، مؤكدين أن المجلس الحالي لم يتخذ أي إجراء يلزم إدارة الوكالة بتحسين خدماتها المقدمة للمواطنين، على عكس المجلس السابق الذي كان يباشر تنظيم لقاءات مفتوحة مع إدارة الوكالة خلال فصل الشتاء من أجل اتخاذ الإجراءات الوقائية وتلافي حصول أضرار بشبكة توزيع المياء بسبب تهاطل الأمطار، وخلال فصل الصيف من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لتجاوز أي نقص أوخصاص على مستوى الموارد المائية الصالحة. ونبه المحتجون إلى أن مدينة فاس تواجه حالة الإفلاس الكلي، فبعد أن كانت تشكل ثاني أكبر مدينة في المغرب على المستوى الاقتصادي، أصبحت تحتل الرتبة التاسعة وطنيا، وبعد أن كان سكانها يتمتعون بالمياه العذبة الوافرة، ها هم يواجهون شبح التلوث والخصاص. وتأتي هذه الاحتجاجات، حسب تصريحات المشاركين فيها، بعد أن بلغ السيل الزبى، مهددين بمواصلة المسيرات والوقفات الاحتجاجية، والامتناع عن أداء الفواتير، إلى حين إيجاد الحلول للمشاكل المطروحة وتوفير الماء الشروب. وندد السكان المتضررون، بالصمت المريب للمجلس البلدي ورئيسه الذي ابتلع لسانه في أول امتحان، وتناسى القيام بواجبه عبر مراقبة الوكالة، وحماية صحة السكان، كما نددوا بإدارة الوكالة التي لا يهمها سوى استخلاص الفواتير على "خدماتها" الرديئة. وأكد المحتجون أن مسؤولي المجلس ومعهم مسؤولي الوكالة الوكالة المستقلة، مطالبون كما كان الأمر في الماضي، بالعمل على تحسين الإنجازات التقنية للمنشآت والشبكات وعقلنة استهلاك المياه، عبر توجه المياه ذات المصدر الجوفي المعروفة بجودتها للشرب، والمياه ذات المصدر السطحي إلى الاستعمالات الأخرى المتعلقة بالسقي الحدائق والمسابح، وضمان حماية البيئة من المياه العادمة والصناعية، والرفع من مستوى التطهير بمختلف قطاعات المدينة ومواصلة الأعمال المتعلقة بتطهير واد سبو وغيرها من التدابير التي تحمي صحة المواطنين ..