بنكيران: عندما تبالغ الحكومة فإن في الدولة من يقوم ب"تجباد الوذنين" وعلى أخنوش الاستقالة بسبب تضارب مصالحه    بوزنيقة.. انطلاق اليوم الأخير من اجتماع ليبي وتوقعات باتفاق نهائي    أطباء بلا حدود تتهم إسرائيل بتنفيذ حملة تطهير عرقي في غزة    أبرزها "الكلاسيكو".. الجولة 13 تختتم يومه الخميس بإجراء ثلاث مواجهات    بنكيران مخاطبا رئيس الحكومة: 'يا تلعن الشيطان يا تقدم استقالتك'    النجاح البارز للترشيحات المغربية في عام 2024: تجسيد للرؤية الملكية السامية من أجل حكامة متعددة الأطراف فعالة وتضامنية    فتاة تلقى مصرعها إثر سقوط مروع من سطح منزل بطنجة    جدل الكرة الذهبية الإفريقية.. حكيمي: لقد أوهموني أنني الفائز!    المنتخب المغربي ينهي سنة 2024 في المركز14 عالميا    المغرب – ألمانيا: التوقيع بالرباط على اتفاقية بقيمة 100 مليون أورو لتمويل برنامج دعم السياسات المناخية    في ‬سياق ‬الدينامية ‬الكبيرة ‬التي ‬تعرفها ‬العلاقات ‬الاستراتيجية المغربية الإسبانية    الإفراج عن أربعة فرنسيين في بوركينا فاسو بفضل وساطة الملك محمد السادس    ماكرون يشكر جلالة الملك على دوره في الإفراج عن 4 فرنسيين محتجزين في بوركينا فاسو    غدا ‬تنطلق ‬أشغال ‬المناظرة ‬الوطنية ‬الثانية ‬للجهوية ‬المتقدمة    ‮«‬خطوة ‬حقوقية ‬جريئة‮..»‬‬ في ‬مسار ‬تعزيز ‬حقوق ‬الإنسان ‬بالمملكة    الخطوط الملكية المغربية تستعد لاستئناف الخط المباشر الدار البيضاء – بكين بتوقيع 16 اتفاقية        بعد تراجع تحصيل تلامذتنا في العلوم.. هل تحدث الصدمة التربوية؟    إيلون ماسك يعلنها رسمياً.."ستارلينك" قريباً في المغرب    بورصة البيضاء تبدأ التداولات ب"الأخضر"    الصين: الخطوط الملكية المغربية تستعد لاستئناف الخط المباشر الدار البيضاء – بكين بتوقيع 16 اتفاقية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    عملية جديدة لهدم منطقة عشوائية للسكن وإعادة إيواء الأسر بالبرنوصي    الجديدة.. المصالح الدركية تحبط عمليات لتنظيم الهجرة السرية والاتجار بالبشر    في اليوم العالمي للغة الضاد…مقاربة اللغة العربية من زاوية جيو سياسية    موتسيبي يقوم بزيارة الدول المستضيفة ل "الشان"    نسج الزرابي فن صامد في المغرب رغم ضعف مداخيل الصانعات    بوساطة ملكية حكيمة.. إنجاز دبلوماسي جديد يتمثل في تأمين الإفراج عن أربعة فرنسيين كانوا محتجزين في واغادوغو    رامي إمام يطمئن الجمهور عن صحة عادل إمام ويكشف شرطًا لعودة الزعيم إلى الشاشة    تركيا تدعو المجتمع الدولي لإزالة "هيئة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب    كيوسك الخميس | خبراء الداخلية يعملون على تقسيم إداري جديد    أعضاء المجلس الإداري لأكاديمية سوس ماسة يُصادقون بالإجماع على برنامج العمل وميزانية سنة 2025    مديرية الأمن تطلق البوابة الرقمية E-POLICE وخدمة الطلب الإلكتروني لبطاقة السوابق    من هو نَسيم كليبات الذي تم تَسليمه للسُلطات الإسرائيلية؟    المغرب وألمانيا يوقعان شراكة للتزويد بالماء الشروب المتكيف مع المناخ    كأس الرابطة الانجليزية: ليفربول يواصل الدفاع عن لقبه ويتأهل لنصف النهاية    بطولة فرنسا: ديمبيليه يقود باريس سان جرمان للفوز على موناكو والابتعاد في الصدارة    أكاديمية المملكة تشجع "محبة السينما" باستضافة الناقد إدريس شويكة    الأندية المشاركة في بطولة القسم الممتاز لكرة القدم النسوية تعلن استنكارها لقرار العصبة الوطنية وتأثيره السلبي على مسار البطولة    فريق مستقبل المرسى ينتزع فوزًا ثمينًا على حساب فريق شباب الجنوب بوجدور        شباب جمعية "أسوار فاس" يواصلون الإبهار بعروض مسرحية متنوعة بطنجة    تسجيل أول حالة إصابة خطيرة بإنفلونزا الطيور في أمريكا    كلمة .. شعبنا آيل للانقراض    لماذا أرفض الرأسمالية ؟    معاناة متجددة لمرضى السل بفعل انقطاع الدواء باستمرار    وداعا أمي جديد الشاعر والروائي محمد بوفتاس    حفل توقيع "أبريذ غار أوجنا" يبرز قضايا التعايش والتسامح    جمعيات تعبر عن رفضها لمضامين مشروع قانون التراث الثقافي    اختيار الفيلم الفلسطيني "من المسافة صفر" بالقائمة الطويلة لأوسكار أفضل فيلم دولي    تطوان تُسجّل حالة وفاة ب "بوحمرون"    مزرعة مخبرية أميركية تربّي خنازير معدلة وراثيا لبيع أعضائها للبشر    علماء يطورون بطاطس تتحمل موجات الحر لمواجهة التغير المناخي    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملامح السياسة الاستعمارية الجديدة في المنطقة: هل اتفقت روسيا والولايات المتحدة على بقاء سوريا بؤرة للتوترات؟ بقلم // عبد القادر الإدريسي
نشر في العلم يوم 05 - 04 - 2016

عبرت المعارضة السورية عن شعورها بالقلق من الغموض الذي يطبع الموقف الأمريكي إزاء بقاء بشار الأسد في الحكم، خلال المرحلة الانتقالية، إذا ما سارت خطة الحل السلمي في الاتجاه المرسوم لها، وكانت هناك فعلاً مرحلة انتقالية تمهد للتسوية السياسية للأزمة السورية. وجاء في تصريحات لأحد قادة المعارضة السورية، أن لا أحد يعلم ماذا يدور في الخفاء بين موسكو وواشنطن، ولا ما هي طبيعة التفاهمات التي دارت بين العاصمتين بخصوص مستقبل سوريا.
ومن حق المعارضة السورية أن تعبر عن قلقها بعد أن بدت في الأفق ملامح السياسة الأمريكية تجاه سوريا والمنطقة العربية بكاملها، التي لا تطمئن ولا تدعو إلى الارتياح، في ظل التفاهم المريب بين الدولتين العظميين على توزيع الأدوار بينهما، بعيداً عن عيون دول العالم، وخارج نطاق مجلس الأمن الدولي على أساس أنهما تنطلقان من اعتبار مجلس الأمن هذا هو تحت سيطرتهما.
إن عدم وضوح الموقف الأمريكي من بشار الأسد ليس بالأمر الجديد، لأن بقاء هذا الديكتاتور في الحكم مسألة مفروغ منها، كانت واضحة منذ اندلاع الثورة السورية، وحين ظهرت إشارات من تال أبيب تدل على أن النظام في دمشق تحت الحماية، للعلاقة الاستراتيجية بين الطرفين، على الرغم من الأكاذيب التي تنطلق من دمشق حول المقاومة والممانعة والتي تجد تجاوباً من حزب الله في لبنان. وكان واضحاً أن واشنطن تتفاهم مع تل أبيب على حماية النظام البعثي الذي قام في سنة 1963 بدعم مباشر من الولايات المتحدة الأمريكية، وظل تحت رعايتها من بعيد، إلى أن استولى الفريق حافظ الأسد وزير الدفاع وقائد القوات الجوية، في نوفمبر سنة 1970 على السلطة، حيث زال الغموض، وظهر النظام الأسدي على حقيقته.
وبدعم من الولايات المتحدة الأمريكية استولت دمشق على زمام الأمور في لبنان سنة 1976، بتغطية من قرار مشبوه من جامعة الدول العربية، فأصبحت الدولة اللبنانية تابعة لسوريا، بمباركة من إسرائيل التي ظلت تراقب عن قرب. وكان أن صدرت الأوامر لحافظ الأسد ليصفي المقاومة الفلسطينية من لبنان، فشن حرباً ضروساً على الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بتضافر من قوات لبنانية كانت ولا تزال تدور في فلك إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية. فعرف العالم أجمع أن نظام دمشق يخدم السياسة الأمريكية، بما يعني أنه يسير في ركاب إسرائيل الدولة الجارة له. ولذلك يكون حزب البعث العربي الاشتراكي، سواء في سوريا أو في العراق (وقد استولى الحزب على الحكم في الدولتين في شهر واحد مارس من سنة 1963) أداة أمريكية صهيونية في المنطقة العربية.
فلا يستغرب أن تكون سوريا والعراق هما بؤرتَيْ الخراب والدمار والحرب الأهلية أكثر من غيرهما، وأن يكون التهديد لأمن المنطقة يأتي من هاتين الدولتين، يضاف إليهما ليبيا التي وإن كانت لم تنكب بحزب البعث، ولكنها نكبت بما هو أشد فتكاً منه، في ظل الهيمنة الأمريكية. بل نستطيع أن نقول إنَّ الأنظمة العسكرية الانقلابية جميعها، التي هي اليوم بؤر للاضطرابات وللحروب وللفتن وللفوضى الهدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا تخرج عن هذا النطاق، وهو أنها صناعة أمريكية بطرق متعددة. ولذلك فهي اليوم، وليس غيرها، مصادر للقلق باعتبار أنها تهدد الأمن والسلام، ليس في المنطقة فحسب، بل في العالم.
لقد وضعت المعارضة السورية ثقتها في الولايات المتحدة الأمريكية منذ البداية، وكانت واهمة، أو لنقل كانت مخدوعة، ومدفوعة إلى ذلك دفعاً، إذ لم يكن أمامها البديل، خصوصاً وأن واشنطن كانت قد أظهرت استعدادها للوقوف إلى جانب الثورة السورية، ولمحت مراراً بإسقاط النظام البعثي السوري. ولكن اتضح أن تلك كانت دعاية خادعة انبنت عليها حسابات خاطئة، تورطت فيها حتى بعض دول المنطقة، منها تركيا التي حسبت أن النظام على وشك الانهيار، وأن واشنطن جادة في سياستها المعادية لبشار الأسد. فكانت النتيجة أن النظام لم يسقط، وأن أمريكا ليست مع إسقاطه، وأنها تتفاهم مع روسيا على بقائه، وأن بشار يتآمر اليوم ضد تركيا ويرسل لها الإرهابيين من حزب العمال الكردستاني ومن داعش أيضاً، وكأنه في أحسن حال، واثق من نفسه، مطمئن إلى مصيره. وبذلك انقلبت الآية، وصارت تركيا هي المهددة بأسوأ الاحتمالات، بتفاهم بين موسكو وواشنطن، وأصبح بشار الأسد (يحقق الانتصارات)، ويقدم نفسه بطلاً يحارب الإرهاب، ويطرد داعش من تدمر، وكان هو الذي أدخل داعش إلى تدمر وإلى غيرها من المدن والبلدات والقرى السورية.
بشار الأسد باقٍ في الحكم لفترات قادمة، وما حكاية التغيير السياسي إلا خدعة، ما دام الروس والأمريكيون قد اتفقوا على خطة سياسية تخدم مصالحهم هم لا مصالح الشعب السوري، وبله مصالح دول المنطقة. وبقاء الأسد المجرم القاتل، على الرغم من كل هذا الخراب الواسع الذي أحدثه في سوريا والجرائم الكثيرة التي ارتكبها، ليس له من معنى سوى أن الدولتين العظميين قد اتفقتا على بقاء المنطقة في دوامة الفوضى الهدامة. لأن الأوضاع لن تهدأ وتستقر ما بقي الأسد في الحكم، والثورة السورية لن تستسلم وتذعن للأمر الواقع ما لم تحقق أهدافها، ودول المنطقة لن يهدأ لها بال ما دام الوضع في سوريا متفجراً ومهدداً لأمن المنطقة وللسلام العالمي، وما دامت الأهداف التي خططت لها وعملت من أجل تحقيقها، من خلال دعمها الموصول للمعارضة السورية، لم تأخذ طريقها إلى التنفيذ، وظلت أهدافاً مثالية لا أقل ولا أكثر.
في ظل هذه السياسة الاستعمارية الجديدة لروسيا الاتحادية والولايات المتحدة الأمريكية، إزاء المنطقة العربية، والتي من أهم عناصرها الاتفاق على بقاء بشار الأسد في الحكم، وإجهاض الثورة السورية، وإلهاء المعارضة بما يسمى المفاوضات مع النظام، في إطار حل سياسي يخرج سوريا من الأزمة، فإن الدول العربية التي بادرت إلى التحرك من أجل التغيير في سوريا والوقوف إلى جانب الشعب السوري، سيكون عليها أن تغير من مواقفها، وأن تقيم حساباتها وفقاً لما هو قائم وليس لما هو مفترض، لأن الوضع الحالي في المنطقة يؤكد أن عهداً جديداً على الأبواب، وأن الرياح ستجري بما لا تشتهي السفن في المنطقة.
إن كل ما يجري اليوم على الأرض، يؤكد أن روسيا والولايات المتحدة الأمريكية قد اتفقتا على بقاء سوريا بؤرة للتوترات وللأزمات، ومنطلقاً للفوضى الهدامة التي تخدم مصالحهما، ومباءة للفساد والإفساد في الأرض إلى ما لا نهاية. وهو الأمر الذي يثبت أن هاتين الدولتين العظميين لا تحميان السلام العالمي، وإنما تحميان أمن إسرائيل بالدرجة الأولى. وليمح الشعب السوري من الخريطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.