يبدو أن وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية وهي تعيش ولايتها الحكومية الأخيرة قد أنهت مهمتها الانسانية تجاه الأشخاص المسنين المشردين الذين تم حرمانهم هذه السنة من الحملات الوطنية التي دأبت الوزارة المعنية على تنظيمها خلال شتاء كل عام رافعة شعارات تخص هذه الشريحة من المجتمع المدني التي تنصل من مسؤولية الاعتناء بهم الأبناء والأقارب وحكم عليهم في أرذل العمر بالعيش بقية حياتهم إما في الشوارع والأزقة أو بدور العجزة بالإضافة الى التحسيس بأوضاعهم والنهوض بالدور الريادي للأسر في رعايتهم. حرمان الأشخاص المسنين واستثنائهم من برنامج وأجندة الوزارة المختصة جعل الرأي العام المحلي يتساءل عن السر وراء عدم انطلاق الحملة الوطنية الثالثة الخاصة بتجميع العجزة المشردين من الشوارع ووضعهم تحت تدابير مؤسسات الرعاية الاجتماعية في فصل الشتاء الفائت الذي وإن شح فيه المطر شهدت خلاله المدينة موجة برد قارص أثرت صحيا على المسنين المشردين الذين عاشوا على الأرصفة بلا مأوى ممددين في الشارع العام يحمون أنفسهم من البرد ببعض الثياب والكراتين وأكياس البلاستيك في مشهد حز في نفوس المواطنين الذين كلما أرادوا أن يتجولون بالشوارع إلا ويصطدمون بهذه الأشخاص منها من تمشي حافية عارية الجسم بشعور مشعتة ومنها من تقتات من فضلات حاويات الأزبال ،وغالبا ما تصدر عنهم أعمال خطيرة كالضرب والجرح نظرا لظروفهم الاجتماعية الصعبة والقاسية ،الشيء الذي يعطي صورة سيئة تشوه بسمعة المدينة وزوارها في غياب جمعيات تنشط في هذا المجال وتعنى بهذه الفئة المهمشة التي تتكون من فئات مشردة من مختلف الأعمار والأجناس تصارع من أجل البقاء ،أو دور الوزارة المعنية التي أخلفت وعدها هذه السنة مع هؤلاء بعد أن شمل برنامج الحملة الوطنية الثانية الماضية لحماية الأشخاص المسنين تنظيم حملة اعلامية عبر مختلف قنوات الاتصال السمعي البصري ،وأنشطة تحسيسية بمختلف الأقاليم والعمالات بتعاون مع مصالح التعاون الوطني ووكالة التنمية الاجتماعية وباقي الشركاء الآخرين في غياب دور كفيلة باحتضان هذه الشريحة المهمشة إلا دار العجزة التي تبقى المؤسسة الوحيدة التي تتوفر عليها المدينة والتي تنتظر هي الأخرى أيادي المسؤولين للإفراج عنها بعد أن انتهت بها الأشغال وأصبحت جاهزة للقيم بواجبها الانساني في انتشال الأشخاص المشردين وبالتالي احتواء هذا الوضع الذي لن يزيد المرء إلا تأزما واشمئزازا. فهل سيتمكن الأشخاص المسنون من إيجاد مكانا آمنا يسترهم بعد أن تخلت الوزارة المعنية عن واجبها في الاهتمام والاعتناء بهم خلال شتاء هذا العام ؟ أم أن دار لقمان ستبقى على حالها وستظل هذه الفئة تفترش الأرض وتلتحف السماء الى إشعار آخر ؟ إنها صيحة نوجهها باسم هؤلاء من أبناء هذا الوطن ،نتمنى أن تجد الآذان الصاغية ... !