في رسالة ذات حمولات شتى لكي مون والذين سار في ركبهم، منتدى كرانس مونتانا العالمي يختار مدينة الداخلة المغربية، كنموذج للاستقرار والنمو، لعقد دورته السنوية في نسختها الثانية حول موضوع "أفريقيا والتعاون جنوب جنوب"، وبهذا تشهد الداخلة تحديدا والأقاليم الجنوبية للمملكة حدثا مهما يدرج على جدول أعمال كبار صناع القرار في العالم. وشارك هذه السنة أكثر من ألف شخصية دولية من مسؤولين حكوميين وممثلين عن منظمات دولية، ومن بين أبرز المنظمات المشاركة، المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو. وشكلت الدورة الحادية والثلاثون للمنتدى مناسبة للتحاور على امتداد ستة أيام حول العديد من المواضيع المحورية التي تتعلق أساسا بالتنمية والسلم وحقوق الإنسان بمختلف أبعادها وتفريعاتها. في هذا الصدد، قال رئيس المنتدى جون بول كارتيرون إن "جهة الداخلة وادي الذهب تقدم نموذجا للتنمية الفاعلة، وهو ما يضعها في قلب الرهانات العالمية". ويعد الحضور الأفريقي الكبير في هذه الدورة فرصة لطرح حلول وأفكار جديدة وآليات متباينة لتفعيل التعاون جنوب جنوب وجلب الاستثمارات للنهوض بالتنمية عبر عقد شراكات اقتصادية بين دول القارة. وهو ما أكده الملك محمد السادس، في رسالته التي وججها إلى المشاركين في المنتدى، حين قال إن "هذه الدورة التي ستتناول موضوع تحسين الحكامة من أجل تنمية مستدامة، تعد استكمالا للحوار الهادف الذي انطلق هنا السنة الماضية، حوار كلنا أمل في تعميقه من خلال المشاورات والنقاشات وتبادل المعارف والإرادات البناءة". وركز جلالته في رسالته التي تلاها رئيس مجلس جهة وادي الذهب خطاط ينجا، على أهمية أفريقيا باعتبارها فاعلا أساسيا في عملية التقدم وتفعيل التعاون جنوب جنوب الذي لم يعد "شعارا فضفاضا ولا مجرد عنصر من عناصر السياسات التنموية، يختزل فقط في المساعدات التقنية، بل بات يخضع لرؤية استراتيجية تروم تنمية البلدان والاستجابة لحاجيات السكان". ولم يكن اختيار مدينة الداخلة لعقد منتدى كرانس مونتانا اعتباطيا بالنسبة إلى القائمين عليه وبالنسبة إلى الدولة الحاضنة، فالداخلة هي عاصمة جهة وادي الذهب وتعد نموذجا للتنمية الاقتصادية التي خص بها المغرب البعض من أقاليمه الجنوبية. وقال رئيس المنتدى في هذا الصدد إن "الداخلة تعد نموذجا لمستقبل المغرب وأفريقيا، نظرا لما تتميز به من موقع استراتيجي يمثل همزة وصل على المستويين الاقتصادي والتجاري". ومن جهتها قالت النائبة الفرنسية في البرلمان الأوروبي ووزيرة العدل الفرنسية السابقة رشيدة داتي، إن احتضان مدينة الداخلة لمنتدى كرانس مونتانا للسنة الثانية على التوالي يعكس الثقة التي يحظى بها المغرب إقليميا ودوليا، في ظرفية سياسية واقتصادية مهمة. وثمنت النائبة الأوروبية التي شاركت في أشغال المنتدى المجهودات التي يقوم بها المغرب من أجل تعزيز التعاون جنوب-جنوب، وحرصه الدائم على استتباب الأمن والسلام في منطقة شمال أفريقيا تحديدا. ويرى أنصار الوحدة الترابية أن احتضان جهة وادي الذهب لمثل هذا الحدث الدولي يعتبر انتصارا نوعيا للمملكة في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية مع الجزائر وصنيعتها جبهة البوليساريو، مؤكدين أن المغرب استطاع إقناع المنتظم الدولي بأهمية الأقاليم الجنوبية في تفعيل التعاون جنوب جنوب على المستوى الإقليمي وفي تفعيل الجهوية الموسعة كخيار سياسي ناجع على المستوى المحلي.