يبدو ان النزال الدبلوماسي البارد بين الجارين المغرب و الجزائر قد أضحى يشهد حلبات تنافس متعددة بعضها بعيد عن السياسة و قضاياها. الجزائر شرعت منذ سنوات في توظيف سلاح المخدرات لإحراج ومضايقة الرباط ، وديوانها الرسمي للمخدرات لا يكل عن إصدار تقارير واحصائيات عن كميات المخدرات الرائجة بالتراب الجزائري والادعاء بان مصدرها هو الحدود المشتركة مع المغرب فيما الرباط تتهم الجزاير بإغراق المدن و القرى المغربية بأقراص القرقوبي المهلوسة ، ليتحول هذا التراشق حول ملف حساس الى محاولة كل طرف إحكام زمام المبادرة لصالحه فيما يتعلق بتداعيات ملف المخدرات. آخر حلقات التراشق المسترسل بين الطرفين يتجلى في احتضان كلا البلدين لملتقى دولي حول موضوع المخدرات مع اختلاف المقاربة وزاوية معالجة الظاهرة الاجتماعية الحساسة و كذا الأهداف المعلنة و المتسترة من وراء تنظيم التظاهرتين.نهاية الأسبوع الجاري تحتضن مدينتا طنجة المغربية وتلمسانالجزائرية ملتقيات دولية حول نفس الموضوع وهو المخدرات. ندوة طنجة هي عبارة عن ندوة حول الكيف والمخدرات ينظمها مجلس جهة طنجةتطوان بمشاركة مؤسسات وطنية و خبراء دوليين و فاعلين جمعويين وسيعكف في الغالب على التوصل الى توصيات قد تجد للكيف المغربي بعد الاستعمالات الصحية والإيكولوجية وحتى ربما الاقتصادية المفيدة ، حتى لا تستمر النبتة الريفية في تقمص تلك السمعة السيئة المثيرة للشبهات القانونية والأمنية. مدينة تلمسانالجزائرية أقرب الحواضر الجزائرية الى المملكة ستستقبل بدورها الجمعة المقبل حوالي ألف خبير من 17 جنسية يفترض ان منهم مغاربة ايضا في ملتقى دولي حول ظاهرة المخدرات وآثارها الإقليمية والعالمية وسبل مكافحتها و ستسهر حتما الجهة الرسمية المؤطرة له و هي الديوان الجزائري لمكافحة المخدرات على إقناع جميع الجنسيات المشاركة بان الجار المغربي يتحمل لوحده مسؤولية اغراق الجزائر وكل دول المعمور بمآت الأطنان من مخدر الحشيش و ستحاول استدراج المنظمات الدولية بما فيها الهيئة الاممية المتخصصة إلى تبني توصيات تدين الرباط بشكل صريح و مباشر. ما بين ندوة طنجة وملتقى تلمسان تبرز بشكل جلي الهوة العميقة والشرخ المتعاظم اللذين يفضحان علانية قصور التفكير الصبياني و المراهق للجيران الذين يتصورون انه بتعبئة عشرات من الخبراء و ارقام مغلوطة و مسيسة سيحصلون على الادانة الدولية التي ستجبر المغرب على تصفيد حدوده البرية في وجه المخدرات ، وواقع الحال يثبت و بالأدلة الدامغة ان شبكات تهريب المخدرات الدولية المتجذرة في الساحل الافريقي و الصحراء الجزائرية لم تعد تعبىء و تكترث بالحدود بل، وأنها تمكنت من اختراق اجهزة الأمن و الجيش الجزائرية على طول الشريط الجنوبي الجارة الجزائر. عِوَض ان يعمل البلدان الجار على الحوار الصريح من اجل إيجاد حلول موحدة للآفة والتعاون من اجل بلوغها ، كل منهما يغني ليلاه وحيدا في ليل دامس.