تضع السعودية اللمسات الأخيرة على خطة تنقل بمقتضاها ساحة الصراع المزمن مع جارتها إيران، إلى الفضاء الإعلامي الواسع عبر بناء مقاومة شرسة لحملات إعلامية ذات طابع طائفي تشنها طهران ضد الرياض، عبر العشرات من القنوات الفضائية والصحف والمواقع الإخبارية. واتسعت في الآونة الأخيرة، حملة إعلامية إيرانية في وسائل إعلام غربية دأبت على اتهام السعودية باستهداف المدنيين في حملتها العسكرية ضد الحوثيين في اليمن، وتتهمها بدعم متشددين إسلاميين في سوريا من دون توجيه النقد لمساعي إيران لتوسيع الصراع الطائفي في المنطقة. وغابت عن السعودية أي ردود حاسمة في وسائل إعلام مؤثرة على غرار تلك التي اتخذتها على المستوى الدبلوماسي عندما اقتحم متظاهرون إيرانيون مقر السفارة السعودية في طهران وأضرموا فيه النار عقب إعدام السعودية رجل الدين الشيعي نمر النمر مطلع العام، ما أدى إلى قطع السعودية ودول عربية أخرى علاقاتها الدبلوماسية مع إيران. وقال وزير الإعلام والثقافة السعودي عادل الطريفي إن بلاده تتجه للاستثمار في إعلامها المحلي، مؤكدا وجود خطط لتطوير وكالة الأنباء السعودية بشكل يجعلها قادرة على البث ب10 لغات، في مرحلة أولى على أن تصبح قادرة على البث ب20 لغة العام 2017. كما ذكر أن الوكالة ستزيد من عدد مواقعها الإلكترونية مع إضافة الترجمة الفورية لإسماع صوت السعودية بقوة في الخارج. وقال الطريفي إن وزارته لديها توجه لأن تصبح المحطة الفضائية السعودية "الإخبارية" مؤسسة "قادرة على أن تكون ناطقة بثلاث لغات إنكليزية وفارسية وأوردو". ويحاول الطريفي مواجهة استراتيجية إيرانية واسعة لدعم مؤسسات إعلامية يؤسسها شيعة وإعلاميون معروفون بنشاطاتهم السياسية والفكرية والدعوية في خدمة المذهب الشيعي الأثني عشري، خاصة في اليمن ولبنان وسورياوالعراق الذي تمتلك فيه إيران نفوذا واسعا. واشتكى من وجود "الكثير من الرسائل السلبية التي توجه إلى دول المجلس وتستهدف زرع الفتنة، من بينها مدينة النجف ودول خارج العالم العربي". ويقول إعلامي عراقي حضر مؤتمر وزراء إعلام دول مجلس التعاون الخليجي الذي أعلن خلاله الطريفي عن خططه، إن العراق يقع تحت تأثير 49 قناة فضائية و120 موقعا إلكترونيا وإذاعات أخرى تنفق عليها إيران لفرض هيمنة فكرية وطائفية على البلاد. وتمتلك السعودية في المقابل ترسانة إعلامية كبيرة تشمل صحفا إقليمية وقنوات إخبارية مملوكة لسعوديين قريبين من العائلة الحاكمة منها مجموعة إم بي سي التي تضم قناة "العربية" الإخبارية وقناة "الحدث" التي تأسست عام 2014. وطرحت خطط التوسع الإعلامي السعودي تساؤلات حول جدية "سياسة رد الفعل" التي تتبناها الرياض في مواجهة إيران، وتأثير التصعيد الإعلامي بين الجانبين. في هذا السياق، يقول مراقبون إن السعودية تحاول عبر التوجهات الإعلامية الجديدة الترويج لخطوات دبلوماسية ينظر إليها الغرب على أنها خروج عن النهج المحافظ الذي اتسمت به السياسة الخارجية السعودية منذ تأسيس المملكة في عشرينات القرن الماضي. لكن هذه السياسة تأتي في وقت تسيطر فيه على المزاج الإعلامي الغربي رغبة جامحة في السماح لإيران بالانفتاح مرة أخرى على العالم بعد رفع العقوبات الاقتصادية التي كانت مفروضة عليها. وقال الطريفي "هناك حملات ممنهجة من قبل أعداء ودول نعد لها آليات الرد.. ونطمح في بناء مكاتب للتواصل مع الدول التي لا توجد لديها رؤى واضحة حول مواقف الخليج، ونحن لا نبحث إلا عن الأمن والسلم ومساعدة الدول العربية المتضررة".