التأمت الجمعيات والتنسيقات الأمازيغية يومي 9 و10 يناير 2016 ببوزنيقة في إطار المناظرة الوطنية الأولى للحركة الأمازيغية بالمغرب، تحت شعار:" من أجل إنصاف فعلي وعادل للأمازيغية". وكانت هذه المناظرة محطة تاريخية بامتياز، تم فيها وصل الماضي بالحاضر لاستشراف المستقبل، حيث تم تدارس الرهانات المرتبطة بالأمازيغية في ظل سياق دولي وإقليمي ووطني يعرف تحولات سياسية واجتماعية دقيقة ومقلقة وكذا الإشكالات ذات الصلة بالحركة الأمازيغية على المستوى السياسي والتنظيمي، بهدف تطوير الخطاب والممارسة حتى تحقيق إنصاف فعلي وعادل للأمازيغية. واعتبرت الهيئات والفعاليات المشاركة بالمناظرة الوطنية الأولى للحركة الأمازيغية كل سياسات الدولة المغربية في تدبير الشأن الأمازيغي بعد حراك 2011 لازالت وفية للسياسات والمقاربات السابقة التي تكرس التمييز والإقصاء والتهميش ضد الأمازيغية، وبعيدة عن الإنصاف العادل والفعلي، ومخالفة لالتزامات الدولة الأممية والوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان. وأكدت أن الفاعل المؤسساتي مازال قاصرا عن ترجمة مواقفها المعلنة تجاه الأمازيغية إلى مقترحات ومبادرات وتدابير فعلية ومنصفة لها، مما يعكس استمرار ذهنية الإقصاء المتحكمة في تصور النخب الإدارية والسياسية. فالأمازيغية اليوم هي مِلك لمن يعمل من أجلها. وأضافت الجمعيات المشاركة في بيان لها أن تعاطي الدولة مع الفاعل المدني رهين منطق الاستيعاب، حيث تغيب شروط الديمقراطية التي تحترم استقلالية مكونات المجتمع المدني، وتمنحها دورها الفعلي في تدبير الشأن العام. تندد بانتهاكات الدولة المغربية للحريات العامة، وقمعها لنضالات الحركات الاجتماعية.(نضالات سكان إميضر، سكان تدوارت، سكان بني تجيت، الأساتذة المتدربين...)، كما جددت تضامننا مع المعتقلين السياسيين للحركة الثقافية الأمازيغية وتدعو إلى الإفراج الفوري عنهم. واعتبرت العمل الوحدوي المشترك خيارا استراتيجيا، تفرضه التحديات الكبرى التي تواجهها الحركة الأمازيغية، صونا لاستقلاليتها، وتعزيزا لقوتها الاقتراحية والاحتجاجية، والترافعية. وأعلنت تأسيس الائتلاف المدني الأمازيغي "أغْناس". واعتبر عبد الله بادو رئيس الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة في كلمة افتتح بها هذا اللقاء، أن: "المناضرة غير مسبوقة تجمع فرقاء فرقتهم الأشكال التنظيمية، وتعددت مشاربهم الفكرية وخلفياتهم الثقافية، واختلفت أزمنة اشتغالهم وظروف نضالهم، ووحّدهم همّ إنصاف الأمازيغية والرقي بها وتبويئها المكانة اللائقة بها في الدولة والمجتمع. منهم جيل الرواد الذي أسس لمفاهيم التعدد والتنوع، وجاهَر بها في زمن كانت فيه الدعوة مستعرة لوحدة مغشوشة مبنية على إلغاء كل المكونات لصالح فهم أحادي منغلق للهوية واللغة والثقافة. ثم نضجت الحركة الأمازيغية، واشتد عودها وتطورت مطالبُها وتعددت أساليبُ عملها وأشكال تنظيمها. وجعلت لكل قناعاتها صدًى في مختلف البنيات المدنية والسياسية وحضورا في المحافل الدولية والأممية، وقدّمت للشعب المغربي وللحركة الإنسانية شهداء ومختطفين، وشبابا قابع وراء أسوار السجون. كما أثمرت فنانين ومبدعين وقامات علمية لا تخطئُها العين. لم يكن هذا المسار خال من المثبطات والعراقيل، التي اختلط فيها الذاتي بالموضوعي، والراهن بالاستراتيجي، والعمل الاحترافي بروح الهواية والتطوع. ولكن العزائم كانت أقوى والنوايا صادقة. إن غايتنا المشتركة هي الحضور اللائق للبعد الحضاري الأمازيغي في جوهر الدولة وفي صلب المجتمع، لذا توسلت الحركة الأمازيغية الميكانيزمات التربوية لتحسيس المجتمع، ومنهج الاحتجاج والترافع في مواجهة الدولة. فالمناظرة نتيجة تفاعل ميداني وتنظيمي بين مكونات الحركة، أفضى إلى ديناميةٍ ممانعة تتصدى لكافة أشكال التمييز ضد الأمازيغية وترفض الاستكانة للمقاربات السطحية والجزئية. اليوم تجتمع مكونات الحركة في هذه المناظرة، مُحمّلة بهمومها وانكساراتها مقدّرةً، لإنجازاتها ومكتسباتها. نجتمع وكلنا أمل في مغرب آخر ممكن، معتز بتعدده وتنوعه. سنعيش خلال هذه المناظرة الوطنية الأولى للحركة الأمازيغية لحظات إنسانية من خلال تكريم أسماء كانت لها بصْمتها الساطعة في وضع صرح الحركة الأمازيغية، رجال صدقوا العهد منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا. إنها خطوة رمزية نعيشها بحنين جامح وبرغبة صادقة لاستخلاص الدروس وحفظ التاريخ النضالي للشعب المغربي قاطبة وللحركة الأمازيغية على وجه الخصوص. إن الاعتزاز بالتاريخ لا يعني الماضوية ولا الرجعية، بل هي لحظة عرفان وامتنان ونقطة انطلاق للتفكير في نواقص الحركة الأمازيغية وترسيخ مميزاتها. والأمر هنا يقتضي الجرأة في الجواب عن أسئلة محورية، تخفي وراءها الكثير من التفاصيل. أسئلة من قبيل: ما الصيغة المثلى لتوحيد الحركة الأمازيغية مع احترام خصوصيات مكوناتها؟ ماهي الانتظارات الراهنة والاستراتيجية من الحركة الأمازيغية؟ هل تسعفنا أساليب العمل وأشكال التنظيم الحالية في مُجابهة الرهانات المطروحة؟ أسئلة وأخرى علينا جميعا أن نغتنم هذه الفرصة لتدارسها وطرح مداخلَ للجواب عنها خلال مجموعات العمل طيلة يوم غد. وسنحتفل على خطى أجدادنا دون تقديس، وسنحتفي بتقاليدنا وعاداتنا دون تبخيس، في حفل فني غني ومتنوع يخلد رأس السنة الأمازيغية 2966 هذا المساء."