وأخيرا أفصح الأستاذ عبد الإله بن كيران رئيس الحكومة وأمام الملأ، عن مشروع إصلاح صندوق التقاعد من طرف حكومته كطرف وحيد يهمه هذا الإصلاح وفي تنكر صريح لباقي الأطراف الأخرى، وفي مقدمتها التمثيلية النقابية المعنية بالدفاع عن حق الشغيلة: والغريب أن هذا الإصلاح الذي يدعيه مشروع الحكومة الأحادي، جاء ليكرس منطقا لجأت إليه هذه الحكومة العجيبة، والمتمثل في اللجوء، وباستمرار لجيوب الموظفين لأداء ما تم من تجاوزات وسوء تدبير أو إصلاح مواكب. ونموذج إصلاح وضعية المكتب الوطني للماء والكهرباء الذي يؤدي عباد الله المغاربة من جيوبهم تبعات إفلاسه بارتفاع أثمان الماء والكهرباء، يكاد يتكرر في إصلاح صندوق التقاعد، ونحن نقف على حقيقة ما جاء به هذا الإصلاح الذي يقضي الرفع من سن التقاعد إلى 63 سنة، ثم من بعد 65 سنة مع رفع نسبة الانخراط من 2 إلى 2 ونصف في المائة، ثم احتساب نسبة 2 في المائة عن كل سنة عند الخروج للتقاعد، بمعنى أن على الموظف المنتمي لهذا الصندوق أن يشتغل 50 سنة إن أراد أن يحصل على راتبه الشهري المعتاد كاملا، والذي كان يصرف في النظام الجاري بمجرد وصول سن 60 سنة من العمل. وهذا من رابع المستحيلات على موظفين تنهكهم سنوات العمل بل توصل البعض منهم إلى حافة القبر، وهو مازال يباشر عمله العادي اعتباراً للظروف المرهقة والمقلقة التي يشتغل فيها. إن الحكومة بإصرارها على الخوض في هذا الملف تحت طائلة إصلاحه، ومن وجهة رأيها الوحيد، تؤكد بما لايدع مجالاً للشك أنها تعجلت الخطوات بل هرولت دون أن تحسب عواقب ما أقدمت عليه ولو بغضب الموظفين ودعائهم، وذلك أضعف الإيمان والذين يحسون أن طاقتهم وتضحيات عملهم على امتداد السنين ستذهب في مهب الريح إرضاء لخاطر حكومة آمنت لوحدها بإيجابية هذا الإصلاح الفريد في زمانه، وتنكرت لكل الأصوات المنادية لايجاد صيغة أخرى وفق مشروع تشاركي يأخذ بكل الآراء والمقترحات لإبداع مشروع متفق عليه لا ضر ولا ضرار، أما أن ينزل بسوطه على كاهل الموظف المسكين فهذا فيه حيف وحكرة وسفك لعرق الأدرع سواعد وأدمغة وأجساد الذين عملوا وكدوا واجتهدوا، وفي الأخير سلبوا حقهم المخول لهم التوقف عند حدود 60 سنة، وبراتب معاش يقيهم تبعات المرض والعلاج ومصاريف العيش، الذي ارتفعت نسبته بفعل الزيادات وأضحت هي القاعدة لا في الرواتب الشهرية بل المواد الغذائية، وكل ماله ارتباط بالحياة اليومية ومصاريفها التي باتت لا تطاق..!