تأثرت في طفولتي بالممثل والمقاتل "بروس لي"، وتفتح وعيي السينمائي على المخرج الكبير مارتن سكورسيزي وفرانس فورد كوبولا والأفلام الايطالية "، هكذا يفتتح المخرج الألماني – التركي أول سلسلة الدروس السينمائية " الماستر كلاس في إطار الدورة 15 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش. بداياتي لولوج عالم السينما، يقول "كين": " انطلقت لحظة اكتشافي المخرج التركي " يون " وكان معتقلا سياسيا أثناء الحكم العسكري التركي ، صنع أفلامه وهو في السجن ، و استطاع أن يخرج سبعة أفلام في مسيرته الفنية ، كان يكتب السيناريو ويعد اللقطات ويعطيها لأحد مساعديه ليقوم بتصويرها ، وفي المساء كان يأتي مساعده باللقطات المصورة ليريها له. بعد أن أصيب بسرطان في المعدة رحل إلى فرنسا للعلاج وبقي فيها لاجئا حتى توفي كنت أتساءل آنذاك ، كيف يمكنك أن تخرج فيلما وأنت في السجن ؟ و ما كان يدور في خلدي وقتها هو إخراج الأفلام . وأشار المخرج التركي أن نجاحه في ترسيخ اسمه كأحد أهم رواد السينما الحديثة في أوروبا والعالم، يرجع الى الثقة التي تجمعه بين الممثلين وفريق العمل الذي غالبا ما تتسم بالمحبة والاحترام وتبادل الآراء في وجهات النظر، مبرزا أن للموسيقى دور كبير في جل أعماله. و أضاف" أن كل أعمالي السينمائية تحمل جانبا من شخصيتي ، ومحاولة مني لتقريب الفجوتين بين الثقافة الألمانية والثقافة التركية لصهرهما وتحويلهما لثقافة واحدة ". لم أكن أحب في طفولتي زيارة تركيا ، ويسترسل أكين " ولكن عندما كبرت قمت بزيارة موطني الأصلي ، و أول ما حاولت اكتشافة هو الثقافة التركية الأصيلة والموسيقى العريقة ، وأيضا موسيقى الشباب والتي كانت متأثرة بالثقافة الغربية . نجاح أي عمل لي ، كان بسبب الثقة بيني وبين والممثل ، كما أعتمد كليا على إحساسي ، وتلك الشرارة التي تنبعث من داخلي ، واستكشاف تلك المناطق المجهولة في ذاتي ، أنا أثق كثيرا في غرائزي . وخلال الحديث عن فيلمه الأخير " القطع " الذي يتحدث فيه عن المجازر التركية ضد الآرمن فى أواخر عصر الدولة العثمانية عام 1915، قال أنه تعرض لنقد قاس وردود فعل سلبية من كلا البلدين ، واعتبر أن هذا النقد السلبي دليل على نجاح الفيلم ، ووصول الرسائل التي كان يود إيصالها ، والهدف من الفيلم حسب رأيه " هو تكريس حرية التعبير داخل المجتمع التركي، والمتحررة من جميع النزعات الذاتية أو الإثنية أو الطائفية، بقدر ما يهمها تقديم الحقائق الموضوعية وملامسة القضايا الإنسانية." ولا يخفي أكين مقارنة هذه المجازر بمحرقة الهلوكوست الألمانية ، حيث استطاعت الأخيرة أن تتحرر من عقدها وتدرسه في مدارسها كجزء من تاريخها ، بينما تركيا مازالت تخفي الحقائق التاريخية ، والتي لا يمكن تجاهلها أو تغطيتها بمختلف الأساليب والوسائل. واعتبر أكين أن نقده للواقع التركي من خلاله أفلامه نابع عن حبه العميق لهذا البلد والرغبة في تحسنه نحو الأفضل، واصفا ذلك بمثابة الأب الذي ينتقد طفله أثناء تعليمه له لإشارات المرور خوفا عليه من مخاطر الطريق. يذكر أن نقطة التحول في مسار فاتح أكين جاءت مع فيلم "وجها لوجه" الذي حصل على الدب الذهبي في مهرجان برلين عام 2004، ليصبح الطفل المعجزة للسينما الألمانية المعاصرة. تبدأ فيلموغرافيا فاتح أكين بفيلم قصير يعود الى عام 1995 بعنوان "أنت واحد" لتتوالى الأعمال مع "عشبة ضارة" (قصير)، "الترس"، "نسينا أن نعود" (وثائقي)، "عبور الجسر- صوت اسطنبول" ( وثائقي) و "على الجانب الآخر"، الذي فاز بجائزة أفضل سيناريو بمهرجان كان 2007 ، و"روح المطبخ" ، الذي حصد جائزة لجنة التحكيم الخاصة بالبندقية 2009 ، وأعمال أخرى. يذكر أن دروس الماستر كلاس تقليد راسخ في دورات مهرجان مراكش، يتيح الفرصة للجمهور والمهنيين من أجل تقاسم عوالم السينما الداخلية مع مخرجين كبار. وستتواصل هذه الدروس خلال الدورة مع المخرجين الإيراني عباس كيروستامي والكوري الجنوبي بارك شان ووك.