على خلفية العدوان الإرهابي الذي ضرب الجمعة 13 نونبر مناطق مختلفة بباريس مخلفا مئات الضحايا بين قتيل وجريح، انخرط مسلمو فرنسا عبر هيئاتهم التمثيلية رفقة نخبة من المثقفين والصحفيين العرب والمسلمين المقيمين في الديار الفرنسية، في حملة التنديد الواسعة بالعملية التي استهدفت قيم التسامح والتآخي والعيش المشترك في المجتمع الفرنسي. وقد انضمت عدة منظمات وجمعيات إسلامية ومؤسسات ثقافية (معهد العالم العربي بباريس والمركز الفرنسي للحضارات المتوسطية..) إلى المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، وهي أعلى هيئة لتدبير الشأن الديني بفرنسا، للتنديد بدورها باعتداءات باريس واصفة إياها "بالفعل الهمجي البالغ الخطورة". كما شددت على تضامنها المطلق مع عائلات الضحايا في مواجهة ما أسمتها ب"الفاجعة الوطنية". ودعا رئيس معهد العالم العربي بباريس، جاك لانغ، إلى "إعمال الحذر في مواجهة التوظيفات المحتملة للجماعات المتطرفة"، كما دعا "المتمسكين بقيم الجمهورية والديمقراطية إلى تجنب الاستفزازات التي لن تؤدي سوى لسكب الزيت على النار". ومن جانبه أصدر تجمع مسلمي فرنسا، وهو أكبر منظمة إسلامية بفرنسا (ذات مرجعية مغربية) بياناً أدان فيه بقوة ما وصفه ب"الهجوم الإجرامي والقتل البشع"، داعيا أئمة فرنسا وأوروبا لليقظة وتوحيد خطبة يوم الجمعة المقبل حول قدسية الحياة والتعامل الإسلامي الأمثل مع المكونات الدينية الأخرى". ودعا التجمع السلطات الفرنسية إلى حماية المسلمين من "انتقام" وشيك بعد أن تم تسجيل ما يفوق 55 اعتداء على المساجد عبر مختلف التراب الفرنسي في الأربعة أيام الأخيرة. كما دعا إلى تشديد الرقابة على المساجد لتوقيف المد السلفي الجهادي ومواجهة الانتشار الواسع والعشوائي للأئمة السلفيين على مستوى العديد من المساجد، وإغلاق المواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية التي تدعو للتطرف. ومع كل موجة إرهاب جديدة تضرب فرنسا، تتصاعد مخاوف المسلمين من نظرات الشك المرفقة باتهامات ظاهرة أو مبطنة لهم، تنتهي أحيانا بجرائم كراهية موجهة ضدهم أو عمليات اضطهاد. فبعد يومين من الهجمات الدامية التي تعرضت لها اريس وأودت بحياة 132 شخصا، بدأت ملامح الحركات المعادية للمسلمين تتكشف، من خلال كتابة شعارات على جدران المساجد وتوجيه الإهانات للنساء المحجبات، ورفع لافتات تربط الإسلام بالإرهاب. ومن هنا فإن المسلمين بفرنسا وأوروبا هم أول ضحايا الإرهاب حيث نسبة الإسلاموفوبيا ترتفع بدرجات قياسية كلما حدثت أعمال إجرامية، علما أنه لا دخل للمسلمين بمثل هذه الهجمات التي من المرجح أن يستغلها اليمين المتطرف أشد استغلال مع اقتراب موعد الانتخابات الإقليمية في دجنبر المقبل.