ونحن نحتفل باليوم الوطني لمحاربة الأمية، سؤال واحد يتوجب علينا طرحه وهو:هل تنتج مؤسساتنا التعليمية أميين؟ ووجاهة السؤال تأتي انطلاقا من ثلاث مؤشرات هامة : الأول، هو كون العديد من الدول لم تعد تتحدث عن الامية من منظور كلاسيكي باعتبار الأمي من لا يتقن القراءة والكتابة ، لكن الأمية أصبحت أمية تخصصية وأمية وظيفية، كذلك أصبح الأمي هو من لا يتقن على الأقل لغتين إضافة إلى لغته الأم ولا يتقن التعامل مع المعلوميات. الثاني، هو النسب المهولة لعدد الاميين بالمغرب والذي يفوق الربع بل يصل إلى النصف عند بعض الفئات كالفلاحين والنساء. والمؤشر الثالث هو حال تلامذتنا وطلاب المدارس والمؤسسات الجامعية حيث يشكون من أمية لغوية إذ العديد منهم لا يقدر على تكوين جملة في إحدى اللغات الحية، وفي الأسلاك التعليمية الدنيا يزداد الأمر استفحالا، فحسب دراسة بعنوان "التعليم للجميع" فإن 80 في المائة لا يفهم ما يدرس لهم، فحسب تقرير سابق صادر عن منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة فإن الأمية بالأسلاك التعليمية في ازدياد مضطرد إذ تبلغ في الإبتدائي 13 في المائة، وفي الاعدادي 30 في المائة، وفي الثانوي التأهيلي 17 في المائة وهي أرقام غنية عن التعليق. النسب التي سبق لتقارير عدة أن كشفت عنها تؤكد كذلك أن نصف التلاميذ الذين يلتحقون بالسنة الأولى ابتدائي لا يتممون المرحلة الابتدائية ! هذا في الوقت الذي يتغنى فيه المسؤولون بما حقق من أهداف في مجال محو الأمية بمختلف الأسلاك. كما احتل المغرب الرتبة 115 في معياري "تمدرس الفتيات" و"الأمية في صفوف الذين يتجاوز سنهم 15 سنة". مؤشرات أخرى كثيرة مرتبطة بهذه الآفة : - أكثر من 300 ألف طفل غادروا مقاعد الدراسة قبل بلوغ 15 سنة، وهو ما يشكل نسبة %35 حسب الإحصاءات الرسمية. - احتل تلاميذ الابتدائي المغاربة في الاختبار الدولي للرياضيات مراتب متأخرة ضمن 25 دولة، والمرتبة 24 في مادة العلوم. واحتل تلاميذ الثانوي المرتبة 40 ضمن 45 دولة. - احتل تلاميذ الفصل الرابع الابتدائي المرتبة 43 ضمن 45 دولة في دراسة للبرنامج الدولي للبحث حول القراءة. نظن أن للإدارة القدرة على القراءة الموضوعية لمثل هذه التقارير والمؤشرات لفتح آفاق اجتماعية وتربوية ووطنية في زمننا التربوي المغربي، والفصل بين مرحلتين: مرحلة التعاطي التقني مع التعليم ونفي الشركاء والمهتمين بالشأن التربوي، ومرحلة تستوجب طرح سؤال أو البعد الإشكالي: هل تنتج مؤسساتنا التعليمية أميين...؟ فالإجابة الموضوعية على هذا السؤال والتعاطي بعلمية وعقلانية لما يحبل به هذا القطاع كفيلة بوضع القطار على السكة. غير ان ما نتحدث عنها ربما يبقى من رابع المستحيلات وإلا ما معنى مثلا ان يتم خلق وكالة وطنية لمحاربة الأمية وعين مدير لها منذ أكثر من سنتين ثم غادرها لديوان وزير ، وكلف من كان نائبا له، غير ان العمل لم يخرج بعد للوجود بالطريقة التي نص عليها المرسوم المحدث لها فيما يخص إحداث تمثيليات على الصعيد الاقليمي، وتحديد تركيبة مجلس إدارة، ولا زالت جامدة ؟ ما مصير مصالح محاربة الأمية بالنيابات الاقليمية لوزارة التربية الوطنية؟ وماذا عن دور المساجد في هذا الباب ومخططها الخماسي؟ أسئلة وغيرها كثير لا زالت معلقة منذ نونبر 2013 تاريخ تعيين مدير الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية. نتمنى الإجابة عنها في المقبل من الأيام بالتنزيل الأمثل للدستور ، وذلك بأن تبدأ الوكالة عملها وفق المرسوم المحدد للاختصاصات حتى يتحقق تنفيذ أهداف الألفية لتحقيق التنمية التي أقرتها الأممالمتحدة، والتي التزمت من خلالها الحكومة بتخفيض نسبة الأمية إلى 20 في المائة في أفق 2016.