انطلقت بمدينة الدارالبيضاء يوم الأربعاء الماضي أشغال المؤتمر الدولي الثاني للهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم، الذي نظم بتعاون مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الحسن الثاني ،على مدى يومين تحت شعار : "تدبُّر القرآن الكريم..مناهج وأعلام". وقد عرف المؤتمر مشاركة مكثفة وواسعة لمختلف الوفود والشخصيات من مختلف الأقطار ، بما في ذلك حضور واسع للنساء ووسائل الإعلام . وقال السيد ناصر بن سليمان العمر رئيس مجلس أمناء الهيئة العالمية لتدبر القرآن ، في كلمته الافتتاحية عند انطلاق أشغال المؤتمر ،أن انعقاد المؤتمر الأول والثاني ، جاء تحقيقا لقوله تعالى : " كتاب أنزلناه مباركا ليتدبروه " بحيث أن القرآن الكريم يتضمن آيات شديدة تخص تدبر القرآن ، وأن الله عز وجل عاقب أهل الكتاب لأنهم كانوا يقرؤونه ولا يتدبرونه ، بينما أثنى في القرآن على من يتدبره . وأضاف رئيس مجلس أمناء الهيئة، أن هيئة تدبر القرآن ، التي تأسست قبل حوالي عشر سنوات تحمل هم مشروع الأمة ، و الذي جاء تحقيقا لحاجة ماسة ، بالنظر إلى الظروف الاستثنائية التي تعيشها الأمة ، والتي يكمن علاجها في القرآن والتدبر ، كما أن الأمة لن تنتصر على أعداءها إلا بالقرآن والتدبر . ومن جهته ، قال السيد ادريس المنصوري رئيس جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء ، أن تدبر القرآن عملية عقلية تؤثر في القلب ، وهي في أمس الحاجة إلى وضع مناهج تعليمية مستقلة عن المناهج الأخرى لخدمة الصالح العام وتكون بعيدة عن خدمة المصالح الضيقة ، مضيفا أن المؤتمر يكتسي أهمية بالغة بالنسبة للجامعة ، لأن له صلة بتدريس علوم القرآن التي تهم البحث الأكاديمي ، وتعنى بالتدبر شعب ومسالك أخرى مثل شعبة اللغة العربية والدراسات الإسلامية والتاريخ والحضارة . وشهدت الجلسة الافتتاحية تكريم مجموعة من الفعاليات التي ساهمت في إنجاح المؤتمر ، من ضمنها سفير دولة قطر السيد عبد الله الدوسري ، والسيد أيمن عبد الغني السكرتير الأول للسفارة السعودية بالمغرب والسيد ادريس المنصوري رئيس جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء .. وقد تضمن برنامج المؤتمر ، عدة جلسات تصب جميعها في موضوع تدبر القرآن الكريم ، فالجلسة الأولى همت منهجية وأسلوب الأعلام في مجال التدبر : ابن عباس ، الحسن البصري ، ابن جرير الطبري ، أبو بكر القصاب ، وابن كثير ؛ وهمت الجلسة الثانية المتدبرين المعاصرين ، محمد الأمين الشنقيطي ، فريد الأنصاري ، محمد بن صالح العثيمين ، محمد بن الطاهر بن عاشور ؛ أما الجلسة الثالثة ، فتطرقت إلى موضوع قراءة وتقويم مناهج التدبر ، مدرسة القرآن الجديدة ، المدرسة العلمية التي تتناول الإعجاز ، المدرسة الإشارية ، المدرسة الاصلاحية ، المدرسة الاثني عشرية . وتطرقت الجلسة الرابعة إلى قراءة وتحليل الكتب النظرية ، كتب المفاتيح والأسباب والموانع ، كتب مناهج التدبر كتب الاصلاح والتصحيح ؛ بينما تناولت الجلسة الخامسة قراءة وتحليل الكتب التطبيقية ، قواعد التدبر الأمثل للميداني ، المعين على تدبر الكتاب المبين ، التدبر في المناهج التعليمية . ويذكر ، أن المؤتمر يشارك فيه أزيد من 350 شخصية علمية وأكاديمية ودعوية من المتخصصين في علوم القرآن، من حوالي 30 دولة. كما أن المؤتمر عرف إطلاق جائزة عالمية لخدمة تدبر القرآن الكريم ، وتشمل الجائزة، التي يبلغ مجموع قيمتها 60 الف دولار ، أربع فروع، هي "جائزة البحث العلمي"، و"جائزة المناهج التعليمية"، و"جائزة خدمة التدبر"، و"جائزة أفضل عمل إعلامي حول التدبر". وحسب المنظمين ، الهيئة مؤسسة دعوية علمية تعليمية، تسعى إلى تحقيق تدبر القرآن الكريم على مستوى الأمة الاسلامية بمنهج يجمع بين الأصالة والمعاصرة، و إحياء تدبر القرآن الكريم وربط الأمة به علما وعملا، وإيصال مضامينه السامية إلى العالم بمنهج واضح المعالم. وكانت الهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم أقامت مؤتمرها العالمي الأول في الدوحة سنة 2012 تحت شعار: "تدبر القرآن الكريم وأثره في حياة الأمة". وسبق للهيئة العالمية أن أقامت، منذ تأسيسها، بالعديد من المشاريع والأنشطة العلمية والدعوية والإعلامية، حيث قامت بإصدار أزيد من 25 كتابا علميا في التدبر، طبع منها ما يزيد عن نصف مليون نسخة، كما أن المؤتمر يهدف إلى إبراز الأسس المعرفية لتدبر القرآن وإشراك فئات المجتمع كافة في خدمة مشروع تدبر القرآن من خلال طرح الجوائز العلمية والإعلامية، وتعزيز التواصل والتعارف بين المشتغلين في مجال القرآن والدراسات القرآنية .