لم يتأخر جواب هيومان رايتس واتش على الرسالة شديدة اللهجة التي وجهتها الحكومة المغربية لهذه المنظمة الدولية احتجاجا على تقاريرها الموصوفة بغير المحايدة حيث هدد المغرب على لسان وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة بتعليق أنشطة هذه المنظمة داخل المغرب، والتي تنشر تقارير تعتبرها الحكومة المغربية غير محايدة ولا تطابق الواقع، ولا تأخذ بعين الاعتبار الجهود التي يبذلها المغرب في مجال تحسين حقوق الإنسان. جواب المنظمة الدولية ورغم أنه جاء ملطفا نوعا ما ربما في محاولة للحفاظ على خط التواصل، حيث اعتبرت المنظمة أن المغرب فتح لها الأبواب منذ 25 سنة وأن المنظمة عملت على حقوق الإنسان في المغرب وفي الصحراء المسترجعة دون عراقيل، إلا أنها رفضت التهديد الذي وجهته الحكومة المغربية بتعليق أنشطتها داخل المغرب وذلك في 23 من شهر شتنبر المنصرم. وليست هذه هي المرة الأولى التي تتوتر فيها العلاقة بين المغرب وهذه المنظمة. فقد سبق للمغرب أن وجه للمنظمة إنذارا غير مباشر من خلال طرد إطارين لأمنيستي في11 من شهر يونيو المنصرم. ويرى الملاحظون أن تقارير هذه المنظمات تتوافق مع أجندات ليست في صالح المغرب، خصوصا ما يتعلق بالأقاليم الجنوبية، حيث أن أعداء قضيته يدفعون لأسباب سياسية معروفة في اتجاه مراقبة حقوق الإنسان في هذه الأقاليم، وهو ما يخدم بالواضح أجندة الجزائر والبوليساريو التي أغلقت بلادها بأبواب من حديد في وجه هذه المنظمات. ويؤكد الخبراء في حقوق الإنسان أن هذه المنظمات لا تقوم مع الأسف بدورها بشكل حيادي وموضوعي. حيث أصبحت هذه المنظمات التي تعد تقارير نافذة ومؤثرة ابتداء من التسعينيات من القرن المنصرم وأضحت أداة للتأثير تستخدم للضغط وإضعاف مواقف بعض الدول لدفعها إلى مفاوضات من مواقف ضعف لصالح أطراف أخرى. كما أن هذه التقارير لا تكون بريئة ، وأن المغرب اعتاد مع هيومان رايتس على هذه العلاقة المتوترة رغم أنه حاول من خلال انفتاحه على عدد من هذه المنظمات إظهار حسن نيته، إلا أن هذه الأخيرة استمرت في إصدار تقارير مبنية على استنتاجات من حالات نادرة وشاذة. ويمكن القول إن المغرب يدفع ثمن انفتاحه ، إلا أنه في المقابل لا يجب أن يكون لهذه التقارير تأثير على اختياراته الديمقراطية. هذا في الوقت الذي يغلق فيه الجيران الأبواب على هذه المنظمات سواء ما يجري داخل الجزائر أو في المخيمات، وحتى إن فتحت بعض الفرص، فإنها تكون مقيدة وموجهة ومخدومة. ان ما يجب التنبه له هو أن هذه التقارير التي تنشر على المغرب تستقى من مصادر مخدومة وموجهة ومن قناعات شخصية، مما يدل على أن هذه المنظمات وعلى أهميتها الدولية تقع ربما في يد من يمتهنها ، هذا بالإضافة إلى أنها تبني تقاريرها على أحكام مسبقة، ولا يكون لها دراية بتفاصيل الأمور ، ولا أدل على ذلك أنه لا تتم أبدا الإشارة إلى المنجزات التي قام بها المغرب في مجال حقوق الإنسان إذا كانت هذه المنظمات تريد فعلا تحسين وضع هذه الحقوق من خلال التعاون والتشجيع، خصوصا، وأن المغرب من البلدان القلائل في منطقته التي تسير في هذا الاتجاه.