أفاد حمة الهمامي، الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية اليساري في تونس، عقب لقائه الجمعة الماضي، بالرئيس التونسي الباجي القائد السبسي، أنه تم الاتفاق على مواصلة النقاش والتشاور حول مشروع قانون المصالحة المثير للجدل. وقال الهمامي، بأن الرئيس التونسي أكد له بأنه الضامن لمبادئ الدستور وللحريات رغم الظروف الحساسة التي تعيش على وقعها البلاد من مخاطر وتهديدات أمنية متصاعدة، وبأنه على استعداد لرفع حالة الطوارئ إذا لم تعد الحاجة إليها ملحة. وتتهم العديد من الأحزاب التونسية المعارضة الرافضة لقانون المصالحة الاقتصادية الحكومة باستغلال حالة الطوارئ للتضييق على الحريات الجماعية وباستعمال الوضع الأمني الذي تعيشه البلاد كحجة لمنع المظاهرات والاحتجاجات خاصة الداعية لمحاسبة الفاسدين وإسقاط قانون المصالحة. هذا وقال وزير الداخلية التونسي، ناجم الغرسلي، إنه "لا توجد إرادة لدى الحكومة التونسية للمساس أو التراجع أو التطاول على مساحات الحقوق والحريات، أو بالمشهد الإعلامي وحريته واستقلاليته، وتطبيق مبادئ الدستور، واحترام الحقوق". وأفاد الغرسلي خلال جلسة استماع إليه مساء أمس الأول من قبل البرلمان، لمساءلته حول الاعتداءات الأمنية الأخيرة على محتجين سلميين، بأنه "لا رجوع ولا تراجع عن حرية التعبير والتظاهر السلمي، وهناك إرادة شعبية واعية بأنه لم ولن تسمح بعودة أي شكل من أشكال الاستبداد في تونس". موضحا أن "إعلان حالة الطوارئ في البلاد لن تكون مبررا للمساس بحق التظاهر وحرية الإعلام، ولن يسمح به شخصيا، ولن يسمح به لا رئيس الجمهورية، ولا رئيس الحكومة". وبيّن أن "حالة الطوارئ استفادت منها المؤسستين الأمنية والعسكرية على مستوى الحدود الغربية والشرقية، وخاصة الشرقية، فأكبر تهديد كان ولا يزال قادما من الحدود مع الجارة ليبيا، وسط تواتر وتصاعد كل أشكال التهديدات الأمنية". وأضاف الوزير التونسي أن"حالة الطوارئ اتخذت بناء على ما توفر لدى وزارة الداخلية والمؤسسات الأمنية المختصة حول وجود تهديدات تطال الكثير من المواقع الحساسة بما في ذلك شارع الحبيب بورقيبة (وسط العاصمة)، والمسيرات، لأن غايتهم الوحيدة استغلال الظرف للاندساس وسط إحدى المسيرات وإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا". وأشار إلى أن النواب المشاركين في تلك المسيرة طلبوا مهلة للرد على قرار منع الترخيص للمسيرة، مضيفا "وإذا قرروا التعامل مع التأجيل سنكون مستعدين للتعاون معهم وإذا تمسكوا بتنظيمها يوم 12 سبتمبر سنتعاون معهم أيضا". وأفاد الغرسلي بأن "الإرهابيين الخونة قرروا استهداف المدن في تونس وهناك دعوات ورسائل مشفرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المراد بها إيصال رسائل إلى الخلايا الإرهابية النائمة لاستهداف التونسيين". وشهد البرلمان خلافا وشجارا حادا أثناء جلسة الاستماع إلى وزير الداخلية، رافقه تبادل للاتهامات بين نواب حزب نداء تونس، ونواب كتلة الجبهة الشعبية المعارضة، حيث اتهم نواب المعارضة، حزب ذو الأغلبية، بمحاولة إعادة إنتاج النظام القديم وإحياء الاستبداد، في ما اتهم نواب حزب نداء تونس الجبهة المعارضة بالمزايدة والشعبوية. يأتي هذا الخلاف بعد اقتراح من لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان، يقضي بمواصلة جلسة الاستماع لوزير الداخلية، بصفة مغلقة دون حضور وسائل الإعلام، وهو ما رفضه نواب الجبهة الشعبية، الذين طالبوا بالإبقاء على الجلسة علنية، من أجل إطلاع التونسيين على المبررات التي سيقدمها الوزير بخصوص الاعتداءات الأمنية ضد المحتجين سلميا. ومنذ أسبوع دعت التنسيقية المعارضة لقانون المصالحة الاقتصادية (أحزاب سياسية وشخصيات مستقلة) في تونس، إلى التظاهر وحشد الشارع ضد القانون الذي يهدف إلى المصالحة مع متهمين بالفساد خلال حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي. ويثير قانون المصالحة الاقتصادية المقترح من قبل الباجي قائد السبسي جدلا واسعا في الأوساط التونسية ويراه البعض أنه تبييض للفساد في ما يقول المسؤولون إن القانون سينعش الاقتصاد المتدهور بضخ المليارات من الدولارات لخزينة الدولة. ويقرّ القانون، العفو لفائدة الموظفين العموميين، وأشباههم بخصوص الأفعال المتعلقة بالفساد المالي، والاعتداء على المال العام، ما لم تكن تهدف إلى تحقيق منفعة شخصية، مع استثناء الرشوة والاستيلاء على الأموال العامة، من الانتفاع بهذه الأحكام. كما يتضمن إمكانية إبرام الصلح بالنسبة إلى المستفيدين من أفعال تتعلق بالفساد المالي، والاعتداء على المال العام، ويشمل الصلح الأموال والممتلكات التي ما زالت على ذمة المعني بالأمر ولا تدخل الممتلكات التي تمت مصادرتها لفائدة الدولة.