مثل تجميد الهند من طرف واحد عملية السلام -التي انطلقت نهاية عام 2004 مع باكستان إلى حين اتخاذ الأخيرة إجراءات صارمة بحق المتورطين في هجمات مومباي- تصعيدا سياسيا هنديا جديدا قابله أسف وانزعاج من إسلام آباد التي تدفع باتجاه التهدئة. وورد إعلان تعليق عملية السلام على لسان وزير الخارجية الهندي , براناب موخرجي, الثلاثاء الماضي , الذي أشار بدوره إلى أن "استئناف الحوار لن يتم قبل تدمير إسلام آباد البنية التحتية للإرهابيين الذين قدموا من باكستان ونفذوا هجمات مومباي" ، وختم موخرجي تصريحاته بالقول إن "الوقت قد حان للعمل لا للكلام". ومقابل التصعيد الهندي , أسفت إسلام آباد, على لسان وزير خارجيتها , شاه محمود قريشي , على تعليق عملية السلام. وراح قريشي يعرب عن أمل بلاده وثقتها بأن البلدين سيتمكنان من تجاوز المحنة الراهنة من أجل السلام المنشود جنوب آسيا، مطالبا نيودلهي بتقديم الأدلة عبر القنوات الدبلوماسية وليس عبر وسائل الإعلام كما تفعل حاليا. وأعرب المحلل السياسي , زاهد حسين , عن اعتقاده بأن عملية السلام ستبقى معلقة لمدة أشهر أو ربما أكثر من سنة , قائلا "يجب ألا ننسى أن هناك انتخابات مقبلة في الهند, وحكومة «حزب المؤتمر» الهندي واقعة تحت الضغط الآن بسببها , وهي تحاول إنقاذ ماء وجهها أمام الشارع برفع مستوى التصعيد مع باكستان على خلفية هجمات مومباي التي وضعت «حزب المؤتمر» أمام سهام الانتقاد". واستبعد حسين وقوع حرب بين البلدين , نظرا لوجود ضغوط غربية على الهند تمارسها الولاياتالمتحدة وبريطانيا لاستبعاد الحل العسكري. كما أن نيودلهي تدرك تماما أن أحلامها بأن تكون قوة اقتصادية صاعدة, ستتصدع على صخرة الحرب إذا ما وقعت, وهو أمر يدخل بقوة في حسابات القيادة الهندية ، حسب حسين. مخاوف عودة البلدين إلى حالة اللاحرب واللاسلم , دفعت بالرئيس الباكستاني , آصف علي زرداري ، إلى الاجتماع بقيادات التحالف الحكومي للخروج بتصور مشترك بشأن التصعيد الهندي الذي ترى إسلام آباد أنه غير مبرر مع إبداء رغبتها في التعاون والتحقيق المشترك ، إضافة إلى تطبيقها قرار مجلس الأمن الدولي بحظر جماعة الدعوة واعتقال قياداتها. ودفع دخول عملية السلام الهندية الباكستانية مرحلة الموت السريري بالمعارضة الباكستانية إلى الدخول على الخط لتدلو بدلوها , حيث انتقد حزب" الرابطة الإسلامية "جناح نواز شريف , الموقف الهندي بشدة وأسف له. المسؤول الإعلامي في حزب شريف , أحسن إقبال, لخص موقف حزبه بالقول "عبر تجميد عملية السلام القيادة الهندية تعلن نجاح منفذي هجمات مومباي في تحقيق أهدافهم ، ولا خيار عن الحوار لإحلال السلام في جنوب آسيا". أما مارفي ميمون , القيادية في حزب "الرابطة الإسلامية"-جناح قائد أعظم -فقد أشارت إلى أن حزبها سيضغط على الحكومة من أجل الرد بالمثل على الاتهامات الهندية والعمل على حظر جماعات إرهابية هندية، مضيفة أن نيودلهي مستمرة في ضغوطها على باكستان للهروب من مشاكلها الداخلية لا غير. جون كيري ، مبعوث الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما , في زيارته الأخيرة لإسلام آباد , فتح ملف جهاز الاستخبارات العسكرية الباكستاني "أي إس أي" بالقول , إن الجهاز هو من أنشأ «جماعة لشكر طيبة "التي نفذت هجمات مومباي. وبينما نفى كيري تورط «أي إس أي "في الهجمات , فإنه طالب الحكومة الباكستانية بوضع الجهاز تحت سيطرتها.