تلقت الجزائر صفعة مؤلمة من الجامعة العربية حين أجازت هذه الأخيرة التدخل العسكري في ليبيا رغم كل التحفظات التي أبدتها الدبلوماسية الجزائرية لإبعاد طرابلس عن دائرة التدخل العسكري الخارجي . و من المنتظر أن يشهد مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، غدا الخميس اجتماعا حاسما لوزراء الخارجية العرب مع وزراء الدفاع لتدارس ترتيبات تشكيل القوة العربيةالمشتركة و هو القرار الذي حظي بمباركة غير مباشرة من طرف مجلس الأمن الدولي رغم تمسك الجزائر الى آخر رمق بموقف رفض الخيار العسكري لحل الأزمة الليبية المعقدة الى أن مسعاها الذي يخفي ترتيبات أجندة مصلحيه ذاتية اصطدم مع إصرار كل من الإمارات العربية المتحدة والسعودية والكويت واليمن والأردن والمغرب الذين أعلنواموافقتهم على تشكيل القوة و بددوا أحلام الجزائر فاضحين نواياها في توظيف ملف الأزمة الليبية لبسط نفوذها الإقليمي و إفشال جولات الحوار الليبي التي يحتضنها منتجع الصخيرات المغربي برعاية أممية بتحريض فصائل ليبية لإجهاض جلسات الحوار و نسفها من الداخل . و كان رئيس أركان الجيش الليبي قد هاجم قبل أيام بشدة الجزائر ، ووصف الجزائريين بأنهم "غير أشقاء"، متهما الجزائر ب"الانحياز" لحكومة طرابلس، وبغض الطرف عن الإرهابيين الذين يدخلون ليبيا. وفي المقابل تقدمت الحكومة الليبية المؤقتة بطلب إلى الجامعة العربية لتشكيل قوة عربية مشتركة بهدف التدخل في ليبيا، لمحاربة "داعش"والجماعات الإرهابية . على صعيد آخر و إضافة الى الملف الليبي منيت الدبلوماسية الجزائرية بانتكاسة جديدة و مدوية على الصعيد القاري بعد أن علقت أول أمس حركة أزواد في شمال مالي، مشاركتها في لجنة متابعة اتفاق السلام بالجزائر بعد مواجهات مسلحة خلفت عشرات القتلى خلال الأيام الأخيرة. و قال إبراهيم ولد سيداتي، ممثل تنسيقية حركات الأزواد "التقينا للتو الوساطة الدولية في مقر الأممالمتحدة في مالي. ونحن نعلق مشاركتنا في أعمال لجنة متابعة اتفاق الجزائر حتى تغادر القوات المقربة من السلطات مدينة انيفي التي سيطروا عليها منذ منتصف الشهر الجاري ". و لم يصمد إتفاق الجزائر الذي فرضته الحكومة الجزائرية على فصائل مالية متناحرة بشمال البلاد أكثر من ثلاثة أشهر لتعود منذ منتصف الشهر الجاري الاشتباكات الدامية بين مجموعات مسلحة مؤيدة لباماكو وحركة التمرد، مما خلف عشرة قتلى بحسب الأممالمتحدة. و كانت الجزائر قد رعت مسلسل السلام بمالي بغية تطويق المد الدبلوماسي المغربي في عمق الساحل الافريقي و أيضا لكبح مساعي مجموعات الطوارق من إعلان دولتهم المستقلة و التي تشمل حدودها التاريخية أجزاء واسعة من الجنوب الجزائري . و يعتبر إعلان فشل الوساطة الجزائرية في ملف الصراع المالي إيذانا بتفتت أسطورة النفوذ الجزائري غير المحدود بالقارة السمراء و هو ما يعني بأن ترتيبا الأجندة و المصالح الجزائرية بافريقيا ستتضرر في المستقبل المنظور ضررا بالغا و ستفقد تباعا العديد من مناطق ارتكاز الدبلوماسية الجزائرية التي فقدت سلاح النفط الذي ظلت لعقود توظفه لبلوغ أهدافها الهيمنية مما يفسح المجال أمام الدبلوماسية المغربية الرسمية و الموازية لترسيخ حضورها بالمنطقة و ملء الفراغ الذي ستخلفه الجارة مرغمة تدريجيا على الرقعة الجيوسياسية لافريقيا .