تتعرض مدينة تاوريرت خلال تهاطل الأمطار سواء في فصل الشتاء أو الصيف لكوارث الفيضانات،نتيجة موقعها المنبسط وتواجدها قرب العديد من الأنهار، وخاصة اليابسة منها والى مجاري الوديان المحيطة بها ، ولانعدام السدود وقنوات صرف المياه . وتخلف هذه الفيضانات خسائر في الأرواح وفي الإنتاج الفلاحي وتتسبب في تهديم المساكن بالإضافة إلى ضياع ثروات مائية مهمة. والأكثر من هذا فان الأمطار أثناء تساقطها سواء بقلة أو كثرة فإنها تعري الواقع الهش للبنيات والتجهيزات التحتية ، حيت تتحول الأزقة والشوارع والساحات إلى مجمعات ومستنقعات تتسبب في عرقلة حركة المرور بالنسبة للراجلين والراكبين وأصحاب السيارات والدرجات على السواء ، ناهيك عن اختناق قنوات الواد الحار وعجزها عن امتصاص مياه الأمطار المتدفقة ووجود الحفر والاخاذيذ بالطرق والممرات والمستنقعات والبرك المائية العميقة ... ولا نبالغ إذا أكدنا مرة أخرى وبدون مبالغة إن هاجس الفيضانات أصبح يؤرق ساكنة تاوريرت وخاصة ساكنة أحياء ما وراء خط السكة الحديدية ،ناهيك عن الأحياء أو الدواوير الهامشية التي تعاني من جراء التساقطات المطرية والفيضانات المشاكل العديدة وخاصة بواجهة المقاطعة الرابعة . وقد كشفت الأمطار العاصفية التي سقطت عشية يوم الاثنين 18 من غشت ولمدة 7 دقائق بالملموس وبدون مبالغات أن المدينة فقيرة في بنيتها التحتية وان الواجهات مجرد خداع تزويقي لا اقل ولا أكثر . غير أن السؤال الذي طرحناه ونطرحه مرة أخرى عبر جريدة " العلم " كيف تجاهل المسؤولون والجهات الوصية ومعها المصالح التقنية أمر اختراق العديد من الوديان الجافة للمدينة حتى تسمح أو ترخص ببناء تجمعات سكنية بمحاذاة مجاريها وبوسطها ؟ علمنا بان الوديان الجافة تعود إلى حالها طال الزمن أو قصر ، وكيف تمت الموافقة على تصميم تهيئة تاوريرت ، رغم أن المصالح المختصة تتوفر على خرائط وصور حية تبين بكل وضوح كيف سرائر مجموعة من الوديان تخترق المدينة ،، إننا نؤكد أن التساقطات المطرية التي عرفتها وتعرفها مدينة تاوريرت ما كانت تغمر المنازل وتحاصر أرباب الوحدات الصناعية والمعامل بالحي الصناعي ، لو أن المجالس المتعاقبة تحملت مسؤوليتها كاملة وغلبت المصلحة العامة على المصالح الذاتية الضيقة ، ذلك أنها لم تعمل على تغيير القنوات ذات الحجم الصغير ، وإيصالها إلى باقي الأحياء المجاورة لخط السكة الحديدية . ونشير الى أن عملية التعبيد الارتجالية التي شهدتها مؤخرا العديد من الأزقة وخاصة أزقة حي التقدم ساهمت وساعدت بكل وضوح أثناء التساقطات المطرية الأخيرة في ارتفاع منسوب المياه بالعديد من الأزقة،وخاصة المجاورة للمركز الفلاحي وخط السكة الحديدية وحي النهضة واجهة حي بوجنيبة لان الجهات المكلفة بانجاز المشروع لم تفكر في وضع بالوعات امتصاص مياه الأمطار بالأزقة أثناء عملية الانجاز ... وقد نبهنا إلى الطريقة التي تستغل بها غابات الإقليم وأحزمته الخضراء تبقى غير مقبولة وان من بين نتائج هذا الاستغلال ما نراه من فيضانات مهولة تغرق العديد من الأراضي وتهدد مناطق آهلة بالسكان وما كان ذلك ليحدث لو تم الاهتمام بالغابات من منطق أهميتها في الحد من انجراف التربة والمحافظة على البيئة وهو موضوع لابد أن تلتفت إليه المصالح المعنية وتوقيف قانون الإعدام والاجتثاث في حق الأشجار والغطاء النباتي .. والملاحظ كذلك أن كميات هائلة من مياه الوديان تتعرض للضياع أثناء التساقطات المطرية وحسب تقديرات المهتمين فان كميات المياه الضائعة تكفي لملء سد كبير الحجم على مدى مرور السنوات بما فيها فترات قلة المياه . ويعتبر غياب سد بين سد الحسن الثاني بجماعة سيدي لحسن ومنطقة أولاد الميدي بجماعة أهل واد زا خسارة جسيمة تجعل الجفاف الذي يهدد الجماعات المجاورة أمرا غير مقبول وغير منطقي ، بالإضافة إلى انعدام السدود التلية والمتوسطة الشيء الذي يهدد سلامة واد زا والجماعات المحيطة به ويهدد حياة السكان والزوار .. إن الضرورة تحتم على الأجهزة الوصية أن ينصب اهتمامها قولا وفعلا بوضعية الأحياء الشعبية بالمدينة ، والعبرة مما حدث – حيث ظهر ضعف وسائل الإنذار والوقاية والإنقاذ – وأصبح من الواجب إعداد دراسات معمقة للأحياء الشعبية المهددة بالفيضانات لتفادي تكرار الماسي ، وبالرغم من موقع بعضها في مناطق منبسطة ومتسعة فان منطقة ما وراء خط السكة الحديدية تبقى من أهم المناطق المهددة بفيضانات مياه الأمطار . كما نتمى أن تتحرك الدوائر المسؤولة وتفكر في إقامة جسور وقنوات وبناء حواجز لوقاية تاوريرت من شر الفيضانات التي أصبحت تشكل خطرا محدقا على الأحياء الشعبية .