تهاوت أسعار النفط في السوق العالمية إلى 48 دولارا للبرميل، لتؤكد على نفس وتيرة التراجع، في ظل استمرار إغراق السوق وارتفاع مستويات الإنتاج والعرض مقابل الطلب، وعدم قدرة أعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، على إقناع الدول المنتجة من داخل المنظمة ومن خارجها بمراجعة سقف الإنتاج، ما يهدد اقتصاد الدول ذات الإنتاج الضعيف، وعلى رأسها الجزائر التي لا يتجاوز إنتاجها 1,2 مليون برميل، ومؤدية إلى ارتفاع نسبة عجز الميزانية إلى ما يزيد عن 15 في المائة من الناتج الداخلي الخام المسجل السنة الحالية ما يجعلها سنة سوداء على الاقتصاد الجزائري. وتراجعت أسعار خام برنت القياسي في العقود الآجلة، ب35 سنتا إلى 48,39 دولارا للبرميل، مع توقعات بتسجيل مستوى أقل خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، جراء ارتفاع الإنتاج بدخول النفط الإيراني السوق العالمية، بعد الاتفاق المبدئي بين طهران والدول الغربية بشأن الملف النووي، ويقترب سعر الذهب الأسود بوتيرة سريعة وخطيرة إلى أدنى مستوى مسجل خلال سنة 2015، حين بلغ 45,19 دولارا للبرميل، على اعتبار أن رفع الحصار عن إنتاج إيران من المواد الطاقوية يغرق السوق الدولية، إذ تصل قدرة طهران الإنتاجية إلى 4 مليون برميل يوميا، فيما تصل قدرته الإجمالية الحقيقية إلى 5,7 مليون برميل في اليوم، بغض النظر عن المخزون المتراكم خلال سنوات الحصار. وتبعا لمعطيات السوق، تتجه التوقعات إلى أن سعر النفط لن يعرف منحى تصاعديا في المدى المنظور، وسينهي السنة الجارية تحت سقف 50 دولارا للبرميل، وهو مستوى لا يمكنه تغطية النفقات العمومية للجزائر المعتمدة بصفة شبه كاملة على مداخيل الصادرات من النفط، إذ أن إعداد الميزانية التي تقوم حسابيا على سعر مرجعي يقدر ب37 دولارا للبرميل، يحتاج من الناحية الواقعية لأسعار برميل بترول لا تقل عن 80 دولارا، بينما يتحمل صندوق ضبط الإيرادات، الممول من عائدات المحروقات، من الفارق بين السعر النظري الخاص بالميزانية والسعر الحقيقي. وتشير بيانات إلى أن كثيرا من المضاربين يراهنون على المزيد من الهبوط، انطلاقا من أن الأساسيات ترجح استمرار وجود مخاطر نزولية في أسواق هامة خلال الأشهر القادمة، مع توقعات بزيادة المخزونات الأمريكية خلال الأشهر المقبلة، إثر الانتهاء من أعمال الصيانة التي أجبرت مصافي النفط على خفض عملياتها خلال الفترة الحالية، حيث أثار هذا الوضع المزيد من المخاوف بشأن الطلب على الخام، في وقت يشهد السوق "تخمة" كبيرة من المعروض. وبالموازاة مع ذلك، تراجعت أسعار الخام الأمريكي إلى أدنى مستوى لها منذ حوالي 6 سنوات ونصف السنة، بعد أن هوت الأسهم في البورصة الصينية، أكبر دولة مستهلكة للطاقة في العالم، وتراجع سعر الخام الأمريكي في العقود الآجلة ب35 سنتا إلى 41,52 دولارا للبرميل، وهو أدنى سعر له منذ أوائل 2009، على اعتبار أن بورصة الصين نزلت بنسبة 6 في المائة، أمس، في حين ضعف اليوان "العملة الصينية" أمام الدولار الأمريكي، ما يؤجج مخاوف من خفض بكين قيمة العملة الصينية أكثر، حيث أنه من شأن هذه الخطوة أن ترفع الاستهلاك في الصين وزيادة الواردات، كما دفعت هذه الوتيرة أسعار المعادن المستخدمة في الصناعة، ومن بينها النحاس، إلى التراجع مقتربة من أقل مستوى في 6 سنوات الماضية.