سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
بوتفليقة يرتب الأوراق لخليفته بتغييرات في هرم السلطة: إمعان في إضعاف خصوم الرئيس داخل جهاز الاستخبارات، والتغييرات تطال مسؤول مكافحة التجسس وقائد الحرس الجمهوري
– أجرى الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، تغييرات وصفت ب"الهامة والمفاجئة"، بدأت بحركة المحافظين وانتهت بالجنرال علي بن داود مسؤول الأمن الداخلي ومكافحة التجسس، مرورا بقيادة الحرس الرئاسي والحرس الجمهوري، وينتظر أن تمس قادة نواحي الدرك الوطني خلال الأيام المقبلة، إلى جانب التعديل الجزئي للحكومة بعد شهرين من تنصيب حكومة الوزير الأول عبدالمالك سلال خلال شهر مايو الماضي. وكشفت مصادر من محيط الرئاسة الجزائرية أن الرئيس بوتفليقة، ماض في إجراء تغييرات هامة في هرم السلطة، وكما تعلق الأمر بالحكومة وسلك المحافظين، فسيمتد قريبا إلى أجهزة أخرى في العديد من الهيئات والإدارات المركزية، وسيطال أيضا المؤسسة العسكرية والأمنية بإحالة العديد من الضباط السامين على التقاعد. ومن المرجح أن تطال حركة التنقلات والتقاعد مسؤولين مركزيين في أجهزة الأمن والدرك والمخابرات. ولا يزال الغموض يكتنف أبعاد إقدام بوتفليقة على إجراء الحركة المفاجئة على رأس الأمن الرئاسي والحرس الجمهوري ومسؤول الأمن الداخلي ومكافحة التجسس، وإن كان الأمر يمكن إدراجه في مسلسل صراع الرئاسة وجهاز الاستخبارات، الذي أخذ أبعادا علنية منذ انتخابات الرئاسة عام 2014. وتحدثت تسريبات عن تراجع في الأداء وتراخ غير مبرر، بعدما تعرض مقر إقامة الرئيس نفسه في حي زرالدة (غربي العاصمة)، خلال أيام العيد إلى اختراق أمني. وتذكر التسريبات أن صوت إطلاق نار سمع في محيط إقامة الرئيس في زرالدة، وأن جلسة ودية بين رموز في السلطة "الحكومة، الرئاسة والأمن" تحولت إلى مشاداة وإطلاق نار عشوائي بعد خلاف حول مصالح مشتركة، وأنه لم يتم احتواء الأمر إلا بعد تدخل عقلاء في المقر الرئاسي وفك الاشتباك بين المتخاصمين. وأضافت التسريبات أنه لأجل ضبط الأوضاع لجأ الرئيس بوتفليقة إلى اتخاذ جملة من الإجراءات العقابية وتوقيف الخدمة، طالت في بداية الأمر وزير التجارة عمارة بن يونس، الذي ظل يوصف طيلة السنوات الماضية، ب"يد بوتفليقة في منطقة القبائل"، وامتدت لاحقا إلى مسؤولي أجهزة الحرس الجمهوري وعلى رأسهم الجنرال أحمد مولاي ملياني المكلف بأمن الإقامات الرسمية والتشريفات، والجنرال جمال كحال مجدوب الذي يتولى الإشراف على الأمن الرئاسي، والجنرال عبدالحميد بن داود مسؤول الأمن الداخلي ومكافحة التجسس. وجاء نفي عائلة مجدوب، المكلف بالأمن الرئاسي منذ العام 2005، لاتهامات سوء الأداء والتراخي التي أوردتها وسائل إعلام محلية مقربة من رئاسة الجمهورية، ليؤكد فرضية التسريبات المتداولة في بعض الأوساط الضيقة، ويذهب في الاتجاه القائل بأن حركة بوتفليقة في الأجهزة المذكورة جاءت من قبيل فرض الانضباط والنظام بعد تفشي الفوضى في محيطه، وأن الإجراءات تدخل في خانة العقاب". إلا أن طريقة بوتفليقة في التعاطي مع رجاله المقربين توحي، بحسب مراقبين، بتغيير مواقع القوة والضغط في معادلة الحكم، تحسبا لتمهيد الطريق للخليفة المنتظر في قصر المرادية، أمام استحالة استمراره في الحكم بسبب أوضاعه الصحية، وتنامي أصوات المعارضة السياسية من أجل ما تسميه ب"الانتقال الديمقراطي السلس في هرم السلطة". ويطرح المراقبون، العودة القوية لأحمد أويحي إلى الواجهة عبر قيادة حزب السلطة الثاني "التجمع الوطني الديمقراطي" واحتفاظه بمنصب وزير دولة ومدير ديوان الرئاسة، إلى جانب توزير عدد من قيادييه في حكومة عبدالمالك سلال، على غرار بختي بلعايب وعزالدين ميهوبي، كأحد تجليات تغير الأدوار والمواقع داخل النظام. وأضاف المراقبون أن النظام على ما يبدو استشعر نهاية صلاحية بعض أذرعه، لذلك لجأ بوتفليقة إلى هذه التغييرات إلى جانب تلك المنتظر حدوثها قريبا، لأجل الإمعان في إضعاف خصومه التاريخيين في جهاز الاستخبارات، والتأكيد للرأي العام على إحكام قبضته على مقاليد القرار، عكس ما يشاع حول إدارة شؤون البلاد من طرف مستشاره الشخصي وشقيقه الأصغر سعيد بوتفليقة بالنيابة عنه. وقالوا أيضا إن العملية الأمنية التي نفذها تنظيم القاعدة في ثاني أيام العيد ضد دورية للجيش بمحافظة عين الدفلى، اتخذها كذريعة لتمرير قراراته وتوجيه رسائله السياسية.