توفي صباح اليوم السبت 25 يوليوز، بالرباط، المؤرخ والديبلوماسي والصحافي ووزير الإتصال السابق محمد العربي المساري، بعد معاناة مع المرض، ومن المنتظر أن يوارى جثمانه الثرى يوم غد الأحد. ولد محمد العربي المساري سنة 8 يوليو 1936، بتطوان، حيث تولى وزارة الاتصال في مارس 1998 داخل حكومة عبد الرحمن اليوسفي، قبل أن يقدم استقالته سنة 2000، كما عين سفيرا للمغرب بالبرازيل. ومن الطرائف التي تحكى عن المساري أنه في بحر سنة 1999، هاتف راشدي الشرايبي، الذي كان حينذاك يشغل منصب مدير للديوان الملكي، العربي المساري، وأخبره بأن الملك قرر تعيين مدير جديد للتلفزة، وطلب منه أن ينتظره في مكتبه ليخبره باقي التفاصيل. وفور انتهاء المكالمة إتصل المساري بالوزير الأول عبد الرحمان اليوسفي، وأخبره بما سمعه من رشدي الشرايبي. ساعات قليلة بعد ذلك، سيستقبل المساري رشدي الشرايبي في مكتبه بالوزارة، فأطلعه الشرايبي بأن الملك محمد السادس قرر إعفاء محمد ليساري من منصبه كمدير للتلفزة وتعيين فيصل العرايشي في مكانه. بعد ذلك اتصل المساري بعبد الرحمان اليوسفي وأخبره من يكون مدير التلفزة الجديد، ثم قال له:" بالرغم من أنه لا يد لي في العزل والتعيين، فإن مديري التلفزة والإذاعة خاضعون إداريا لوزير الاتصال، فماذا سنفعل في حفل التنصيب؟"، فكان جواب اليوسفي واضحا :"قل للجهة التي أخبرتك بمن سيكون أن تخبرك أيضا بما يجب أن يكون". ومجددا، رفع العربي المساري سماعة الهاتف، وربط الاتصال برشدي الشرايبي، وسأله عن إجراءات التنصيب، فأجابه الشرايبي بأنه سيتصل به لاحقا ويجيبه عن سؤاله. وفعلا هاتفه الشرايبي، فيما بعد واخبره بأن حفل التنصيب لن يتم أصلا، وأنه سيتم الاكتفاء فقط بتسليم السلط بين المديرين داخل المكتب. التحق العربي المساري ببيته، ليلا في حدود التاسعة مساء، ففاجأته زوجته بالسؤال التالي:"ماشفتكش في التلفزة في حفل تنصيب المدير الجديد ؟". فأجابته:" راه دارو في الأخبار تنصيب مدير جديد ديال التلفزة..وحضر فيه حسن أوريد والمدير العام طريشة، وتم تبادل الكلمات. وهاد الشي راه واقع اليوم". تأكد المساري من تفاصيل حفل تنصيب مدير التلفزة الجديد فيصل العرايشي، وكان وقع الحدث قاسيا عليه. حينها ومن فرط الإحساس بالإهانة البالغة قرر ألا ينام تلك الليلة حتى يحرر رسالة استقالته النهائية من الحكومة. المساري، هو عضو في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال منذ 1974، انتخب نائبا في البرلمان حيث ترأس الفريق النيابي لحزبه. كما عين سفيرا للمغرب بالبرازيل. اشتغل العربي المساري في الإذاعة من 1958 إلي 1964. التحق بجريدة العلم التي تدرج فيها من صحافي إلي رئيس التحرير إلي مدير. وكان الراحل كاتبا عاما لاتحاد كتاب المغرب في ثلاث ولايات 64 و69 و72. عضو الأمانة العامة لاتحاد الصحفيين العرب منذ 1969 ثم نائب رئيس للاتحاد في 1996 حتى 1998. بين 1984-1992 ترأس محمد العربي المساري الفريق النيابي الاستقلالي للوحدة والتعادلية في البرلمان المغربي.[4] ابتعد مؤخرا عن دائرة القرار في الحزب لكنه لم يدخل في صراعات قد تضرّ الحزب. سنة 1978 نسق المساري فريق المثقفين الإسبان والمغاربة. في 1996 أشبح عضو في لجنة ابن رشد للحوار مع إسبانيا. عضو المجلس الإداري لمؤسسة الثقافات الثلاث للمتوسط التي يقع مقرها في إشبيلية في سنة 2000، وتم تجديد عضويته بقرار ملكي في 2004. الوزير الراحل، عضو لجنة تحكيم جائزة اليونيسكو لحرية الصحافة "غييرمو كانو" لسنوات 2002 و 2003 و 2004. ترئس لجنة التحكيم للجائزة الوطنية الكبرى للصحافة 2003، كما ترأس لجنة جائزة المغرب للآداب سنة 2004 اختاره الرئيس عبدو ضيوف الأمين العام للفرانكوفونية من بين ثلاثين شخصية من مختلف أنحاء العالم عضوا في لجنة دولية لرعاية التعددية الثقافية في العالم. المساري هو باحث وناشط في قضية الدفاع عن اللغة العربية، له عدة مقالات في هذا الشأن، ومحاضرات في مؤتمرات الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية. فحسب رأيه، إن المعركة الأساسية التي ينبغي خوضها ضد التفرنس، هي المعركة القانونية، رغم طولها. له عدة مؤلفات بالعربية والإسبانية والبرتغالية، في موضوعات أدبية وسياسية وتاريخية وفي العلاقات الدولية.