استدعت وزارة الخارجية الجزائرية سفيرة الولاياتالمتحدةالأمريكية المعتمدة بالجزائر، جوان بولاشيك، لطلب توضيحات بشأن مضمون تقرير حقوق الإنسان في العالم الذي أصدرته الخارجية الأمريكية وقدم صورة قاتمة حول واقع حقوق الإنسان في الجزائر. ولم يشر الناطق الرسمي باسم الخارجية الجزائرية في هذا الإطار، إلى مضمون اللقاء ولا إلى ما إذا كانت الخارجية الجزائرية احتجت على السفيرة الأمريكية، لكن الواضح أن لغة الاحتجاج والتعبير عن الغضب لم تغب عن الاستقبال. في هذا السياق، قال تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن التقرير يحظى بأهمية كبيرة خاصة إذا صدر عن منظمات غير حكومية، فهذا مؤشر على تدهور حقوق الإنسان بالجزائر الشقيقة، وهو مرتبط بالنظام القائم، وهذا يأتي بعد سنوات من الحرب الأهلية، وهيمنة الجيش على الجزائر، التي خلفت عشرات الآلاف من القتلى، مما أعطى الجيش فرصة لفرض نفسه على الدولة لأنه هو من ينصب الحكومة ويتابع نشاطاتها. وأضاف الحسيني في تصريح ل"العلم" أن هذه الأوضاع المتدهورة نتجت عن الوضعية الاقتصادية المتأزمة التي تعيشها الجارة الشرقية، إذ هناك أزمة مالية حادة نتيجة انخفاض أسعار البترول، كل هذا يؤثر على وضعية الجزائر، ليس فقط على تحقيق التوازن الاقتصادي، وإنما مراعاة الأوضاع الاقتصادية. وأكد نفس المتحدث، أن الجزائر أصبحت في عداد البلدان التي تعاني أزمة حادة في الديمقراطية، فمثل هذه التقارير التي ترسم وضعية سوداوية لحقوق الإنسان بالجزائر، تؤكد على أن هذا البلد أمام نظام شمولي يحتكر السلطة، وبوتفليقة رغم مرضه لا يزال يسيطر على مقاليد السلطة لأنه الوحيد الذي يستطيع متابعة نشاطات الحكومة. ويقول العارفون بالتوازنات داخل السلطة في الجزائر إن "لعمامرة المحسوب على واشنطن سيغادر مع أول تحوير، ليس الأمر يتعلق بالكفاءة والمراس، بل لأنه يمثل تيارا لم يعد مرغوبا فيه بإيعاز من فرنسا"، وأن الولاياتالمتحدة التي عرفت عصرا ذهبيا في غرس نفوذها منذ مجيء بوتفليقة، فقدت ركائزها والمحسوبين عليها برحيل وزير النفط السابق شكيب خليل، المتابع في قضايا فساد ورشوة، والمقيم على ترابها رغم الملاحقات القضائية الصادرة في حقه من طرف العدالة الإيطالية. وظل شكيب خليل المتشبع بالفكر الليبيرالي الأمريكي، يمثل مصالح واشنطن في الجزائر، إلى جانب وزراء آخرين كحميد تمار ويزيد زرهوني، كانوا يوصفون ب"رجالات بوتفليقة"، وأدخل الرجل آليات جديدة على الاستثمار النفطي في الجزائر، كما فتح الأبواب أمام الشركات النفطية الأميركية العملاقة، وسعى لرفع الاحتكار الحكومي للقطاع، قبل أن يتراجع بوتفليقة عن القرار تحت ضغط الانتقادات الداخلية والمعارضة السياسية. وكان تقرير كتابة الدولة للشؤون الخارجية الأمريكية، قد تناول في الجزء المخصص للجزائر، ما أسماه ب"عنف الشرطة وعدم معاقبة أفراد الأمن" بسبب تجاوزاتهم وانتهاكاتهم لحقوق المواطنين خلال المظاهرات والمسيرات، في إشارة إلى حالات تعنيف طالت بعضها خاصة في العاصمة. وتحدث التقرير أيضا عما سمّاه "اعتقال وحجز تعسفي لناشطين واللجوء إلى التعذيب والتزوير في انتخابات الرئاسة التي جرت في أبريل 2014، وأفرزت عبد العزيز بوتفليقة رئيسا لولاية رابعة". وهي إشارة قد تمهد لانقلاب واشنطن عن دعم الرئيس الجزائري في ولايته الحالية.