لا شك أننا في حالة حرب حقيقية بكل ما تعنيه الكلمة من معان وفي اتجاهات ومجالات متعددة ، ما بين مواجهة الإرهاب والجماعات الإرهابية التي حاول النظام الإخواني الاستقواء بها من خلال إفساح المجال أمامها في سيناء بشواهد لا تنكر ، وبتنسيق مع جماعتهم وعشيرتهم وأعضاء تنظيمهم الدولي من جماعة حماس التي تعد من أهم حلفائهم وأعوانهم بمناطقنا الحدودية ، إضافة إلى الحرب التي نخوضها مع دول التحالف العربي في عاصفة الحزم دفاعًا عن الشرعية في اليمن وعن أمننا القومي والعربي بباب المندب ، ووقفًا لمحاولات النفوذ والتوغل الإيراني الصفوي الفارسي العنصري في المنطقة على حساب الأمن القومي العربي ، هذا إلى جانب ما يحيط بحدودنا الغربية من جماعات إرهابية تنتشر في ليبيا ، مما يلقي بأحمال ثقيلة على قواتنا المسلحة في تأمين حدودنا المترامية الأطراف وفي كل الاتجاهات ، وقواتنا المسلحة الباسلة بفضل الله (عز وجل) صامدة وستظل ، وستنتصر بإذن الله ، وسيندحر الإرهابيون ، وسيرد الله عز وجل كيدهم في نحورهم . ولا شك أيضا أن حالة الحرب هذه هي حالة خاصة ، فنحن نخوض حرب دفاع عن الذات ، عن الوجود ، عن الهوية ، عن الأمة العربية ، في مواجهة المد الصهيوني العنصري ، والإيراني الفارسي الصفوي ، ومحاولة بسط النفوذ التركي ، والأطماع الاستعمارية . وهي حرب بعض جوانبها معلنة وواضحة ، وبعضها يُدار في الخفاء ، فهي حرب مخابراتية أو استخباراتية ، وهي حرب إلكترونية وتكنولوجية وإعلامية ، وهي حرب إعلام وأعصاب واستقطاب فكري ، وهي حرب تمويلية تمويلاً قذراً يخدم أغراضًا خبيثة تهدف في جملتها إلى هدم الدولة الوطنية ليس في مصر وحدها ، إنما في المنطقة كلها ، بمحاولات مستميتة لإنهاء وجودها كدول قوية ذات أثر وسيادة من خلال العمل على تفتيتها وتحويلها إلى دويلات أو كيانات أو ميليشيات متخاصمة متنافرة متقاتلة متناحرة ، تُدْخلُ المنطقة كلها في فوضى لا نهاية لها . ولما كانت مصر هي القلب النابض والدرع الحصين لأمتها وميزان الاعتدال لمنطقتها فإن استهدافها أشد ، والحرب عليها أقسى وأعتى وأقذر ، من خلال تبني جماعات الإرهاب والتخريب والإنفاق عليها بسخاء وبلا حدود من دول عدوة وأخرى كان من المفترض أن تكون صديقة ، لكن نظرتها الضيقة العجلى الطامعة أو الراهبة أعمتها عما يجب أن يكون من مواقف محايدة على أقل تقدير ، إن لم تكن مواقف قومية تتسم بأصالة العروبة وأخلاق الإسلام التي ينبغي أن تربط بيننا . وللأسف الشديد وجد أعداؤنا في بعض بني جلدتنا من الجماعات المتطرفة والمتشددة والعميلة والخائنة ما يعينهم على تحقيق أهدافهم ، ولما رأوا أننا أوشكنا على النهوض من كبواتنا ، وبدأنا نضع أقدامنا على الطريق الصحيح بعد مؤتمرنا الاقتصادي الأخير بشرم الشيخ ، وبعد نجاح القمة العربية ، وبعد أن بدأت مصر وبقوة تستعيد مكانتها الإقريقية والإقليمية والدولية جن جنونهم وهالهم مايحدث ، ولم يقوو على استيعابه أو تحمله أو تقبله ، فنثروا كل ما في كنانتهم ، وعمدو ا إلى ضربنا بأكثر ما فيها من سهام ، لكنهم لم يقدروا مدى صلابة شعبنا وأمتنا وعزيمتنا وقوة وصلابة قواتنا المسلحة ، ولا بد يومًا أن تنفد سهامهم ، وأن تتحطم على صخورنا الصلبة ، غير أن المواجهة لم تنته بعد , وما زلنا في مرحلة اختبارات الصلابة والصمود , ومن سيتحرك من منطلق الفعل ومن سيتحرك من منطلق رد الفعل . وأؤكد أن مرحلة رد الفعل تجعلنا فقط في حالة دفاع مستمر , غير أننا ينبغي أن نتحول من الدفاع ورد الفعل إلى الهجوم والفعل وبخاصة في مواجهة الإرهاب الأسود الغاشم , فخير وسيلة للدفاع الهجوم المدروس والمحسوب , ولابد من ضربات استباقية قوية للقوى والجماعات والكيانات الإرهابية الظلامية الغاشمة , وبخاصة تلك التي لازالت قابعة في بعض مفاصل الدولة وبعض جهاتها التنفيذية , ولابد من مراجعة سريعة وشاملة لمن في يدهم بعض مفاصل ومفاتيح الجوانب الاقتصادية أو الخدمية وبخاصة في مجال الكهرباء , ولابد من مراجعة القائمين على برامج الصيانة والتشغيل والتأمين وفحصهم فحصًا دقيقًا , وكذلك سائر المصالح المرتبطة بتقديم الخدمات للمواطنين , أو العاملين بالجهات التي تشكل العقل والفكر , ولابد لنا جميعًا من العمل على كشف العناصر التكفيرية والإرهابية والانتحارية ومحاصرتها والتضييق عليها ومتابعتها , وتتبع مسيرتها وتنقلاتها , وعدم منح هذه العناصر إجازات تمكنها من الهروب والتخفي والفساد والإفساد , كما يجب مراقبة حركة الأموال المحولة من الخارج لعناصر الجماعات الإرهابية وبخاصة الإخوانية والوقوف على مصادرها ومناسبتها لدخل المحوِّل والمحوَّل له ومراقبة طرق صرفها ، مع مراقبة طريقة إنفاق عناصر هذه الجماعات وما يطرأ على حياتهم من تغيرات لا تتناسب وطبيعة دخولهم ، ومراقبة الشركات والتكتلات الاقتصادية التي تملكها عناصر هذه الجماعات ، والعمل السريع والجاد والحاسم على رفع أيديهم عن الجمعيات الأهلية التي يتخذونها ستارًا لشراء النفوس والذمم ، وتوظيفها سياسيا وانتخابيا وخدميا لصالحهم وصالح أهليهم وأتباعهم وذويهم . ونؤمل أن يكون للإعلام الوطني الهادف النصيب الأوفى في التبصير بمخاطر تلك الجماعات الإرهابية وكشف مخططاتهم ، ومحاصرتها فكريًا وإعلاميًا ، وإبراز الجهود الوطنية التي تبذل في مواجهتها دعما للجهود الإصلاحية ومن يقومون بمواجهة صريحة لهذه القوى الظلامية ، وأن تتضافر جهودنا جميعا ونعمل سويا على استئصال هذه القوى والجماعات والكيانات الإرهابية من بيننا ، ومن منطقتنا ومن أمتنا ، ونريح العالم كله من شرها المستطير . كما ينبغي ألا يقتصر خطابنا على الذات ، إنما علينا أن ننشط في حركة الترجمة ومحاولات الوصول إلى الآخر سواء أكان صديقًا أم عدوا ، للتأكيد على أن الإسلام لا علاقة له بالإرهاب ، وأننا ضحية لا جلاد ، وأننا مجني علينا لا جانٍ ، وأن الإرهاب لا دين له ، ولا وطن له ، وأنه يأكل من يدعمه أو يأويه أو يموله أو يغذيه ، وأن هؤلاء المرتزقة الذين جاءوا أخلاطا وأمشاجًا مختلفة غير مؤتلفة من دول شتى لينضموا إلى تلك التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها التنظيم الإرهابي داعش ، هم أناس لا يؤمنون بدين ولا وطنية ولا إنسانية ، وأنه عندما يضيق الخناق عليهم سيردون إلى حيث أتوا ، وساعتها سيشكلون على دولهم وعلى العالم كله خطرًا لا حدود له ، مما يحتم على جميع عقلاء العالم اصطفافًا إنسانيا عاقلا وحكيما وحاسما يؤثر الأمن والسلام العالمي على الحسابات الخاصة الضيقة لبعض القوى أو الأنظمة قبل فوات الأوان ، وقبل أن يندم الجميع حين لا ينفع الندم .