أكدت تقارير رسمية أن تدهور البيئة بالمغرب يكبد ميزانية الدولة سنويا 20 مليار درهم أي ما يعادل 2 % من الناتج الإجمالي الخام، من بينها 14 مليار درهم سنويا أي 5.7 %من الناتج الإجمالي الخام يهم قطاع الماء. وتقدر التكاليف الحالية لمعالجة هذه الوضعية بحوالي 0.8 مليار درهم سنويا كما تقدر التكاليف المخصصة بصفة مستديمة ب 4.6 مليار درهم سنويا. أما بالنسبة للتطهير السائل، وعلى سبيل المثال، تبين من خلال آخر دراسة أجريت في هذا المجال أن التكاليف الاستعجالية التي يتطلبها التطهير السائل ، والتي تخص 305 مركز ، تقدر ب 31 مليار درهم سنويا مخصصة على مدى 15 سنة أي ما يعادل 2 مليار في السنة. وقال الخبراء إن المغرب الذي يستعد في الوقت الحاضر لمواجهة تحديات الألفية الثالثة التي تتسم بالعولمة وتحرير السوق وتراجع القوانين أمام التطورات السريعة وانتشار المقاولات الحرة ونهج المنافسة والشراكة والتأهيل وإدخال الأبعاد والمؤشرات البيئية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية،أصبح ملزما ،لمواجهة هذه التغيرات الكبرى بوضع إطار جديد للشراكة في الميدان البيئي وإدماجه في البعد التنموي المستديم. وتكمن أول خطوة مهمة لإنجاح الاستراتيجية الوطنية المتعلقة بالمحافظة على البيئة في التعرف على المؤهلات الاقتصادية والاجتماعية التي لها علاقة بالبيئة، الأمر الذي يحتم وضع أسس قوية موازية لنظام معلوماتي للاتصال في المجال البيئي من أجل تفعيله. والهدف المتوخى من هذه الاستراتيجية هو تظافر الجهود وتحقيق أدوات فعالة على أرض الواقع وإنجاز مقاربة واضحة للفعاليات الوطنية والطاقات البشرية أخذا بعين الاعتبار تراث وتقاليد المغرب العريقة من أجل ترسيخ معادلة إيجابية في ميدان التنمية البيئية مع مراعاة الاستغلال العقلاني للثروات الطبيعية وتماشيا مع متطلبات عولمة الاقتصاد المتميز ببيئة نظيفة التي ستمثل مقياس ومعيار لنوعية القرن المقبل ويمكن قياس الحالة البيئية بالمغرب من خلال فحص وضعية بعض الموارد الطبيعية كالماء و الهواء والتنوع البيولوجي و الغابة والساحل وكذا تأثير الأنشطة البشرية على هذه الموارد الاستراتيجية التنموية. ويعتبر الماء موردا طبيعيا وعنصرا ضروريا يرتكز عليه الجزء الأكبر من الأنشطة الاقتصادية للإنسان كما أنه مورد نادر يتميز توفره بعدم الانتظام في الزمان والمكان وهو أخيرا شديد التأثير بالانعكاسات السلبية للأنشطة البشرية. وبالنسبة لبلادنا فإن التزويد بالماء يعرف تطورا معاكسا للنمو الديمغرافي حيث عرفت الحصة المائية الفردية انخفاضا من 3000 م3 للشخص سنة 1971 إلى ما يقل على 1000 م3 سنة 1998 ويتوقع أن تنخفض هذه النسبة إلى حوالي 500 م3 للفرد في سنة 2020. وفي ما يتعلق بالهواء ،فإن التطور الاقتصادي والاجتماعي والنمو الديمغرافي في بلادنا رافقه مشكل تلوث الهواء الناتج أساسا عن المنشآت الثابتة وعن السيارات، حيث بلغ نسبا مقلقة مشكلا بذلك خطرا على جودة الهواء وبالتالي على صحة السكان . ويفوق عدد الوحدات الصناعية المتواجدة بالمغرب 6000 وحدة تساهم في تلوث الهواء بصفة مباشرة. حيث تبلغ كمية المقذوفات الغازية لهذه الوحدات حوالي 2.5 مليون طن في السنة. ويعتبر ثاني أوكسيد الكاربون أهم ملوثات الهواء حجما حيث يناهز 2مليون طن. كما يعتبر التلوث الناتج عن الغازات المنبعثة من السيارات في تنام مستمر في المناطق الحضرية بفعل تطور وقدم حظيرة السيارات ، حيث أن 80 % منها، وهو ما يقارب مليون و400 ألف سيارة ، يتجاوز عمرها عشر سنوات. بينما أن عدد السيارات التي يقل عمرها عن خمس سنوات لا تتجاوز 5 % . كما أن عدد السيارات المستعملة في المغرب ارتفع من 306.000 سنة 1970 إلى حوالي 1.370.000 في السنوات الأخيرة أي ما يناهز نموا سنويا بمعدل 6 %. وتجدر الإشارة إلى أن كل سيارة عمرها عشر سنوات تلفظ من خمس إلى عشر أضعاف كمية الغاز الذي تلفظه سيارة جديدة . فعلى سبيل المثال تلفظ السيارة بعد قطعها مسافة 1000كلم 0,34 كلغ من المواد العالقة كمعدل ، مما أدى إلى ارتفاع كمية الملفوظات في المغرب خلال سنة 1996 (0,34 _1 369 702 سيارة ) حيث بلغت ما يعادل 698 465 كلغ من الغبار. ومن خلال إحصائيات أجريت أخيرا تبين أن الحظيرة الوطنية تتكون من % 46 من السيارات التي تستعمل الدييزيل و %54 من السيارات التي تستعمل البنزين. كما يتضح أيضا أن السيارات التي تستعمل الدييزيل قد سجلت ارتفاعا بينا حيث لم تكن تتجاوز نسبتها % 10 سنة 1970 . ويمكن تفسير ذلك بالفرق المتزايد في الثمن بين البنزين والدييزيل. ويبقى تدهور التربة مشكلا بيئيا كبيرا وهو ينتج أساسا إما عن عوامل مباشرة كالاستعمالات المتعددة والانجراف والضغط المترتب عن تطوير الإنتاج الفلاحي، وإما عن عوامل غير مباشرة كضعف التجهيزات والبنيات التحتية المائية. وتعرف التربة بالمغرب انجرافا يفوق المعدل الدولي كما يؤكد ذلك حجم الانجراف في منطقة الريف الذي يبلغ 5.8 طن في الهكتار المشجر و 18.4 طن في الهكتار في المناطق غير المزروعة ويفوق 90 طن في الهكتار سنويا في الأحواض المزروعة كليا. أما الانجراف الناتج عن المياه فإنه يهدد 22.7 مليون هكتار من مجموع التراب الوطني مما يتسبب في انخفاض مردودية السدود بمعدل % 5 من الحجم الإجمالي للسد. ويعتبر المغرب من أغنى بلدان البحر الأبيض المتوسط من حيث التنوع البيولوجي وذلك ناتج عن موقعه الجغرافي وتنوع مناخه وتضاريسه، حيث يتوفر على 32.500 صنف (نباتات ووحيش) من بينها حوالي 8000 صنف محلي. لكن هذا التنوع البيولوجي رغم غناه ،عرف منذ بداية نصف القرن الحالي تراجعا كبيرا، حيث انقرض 25 صنف من بين 655 صنف مهدد بالانقراض ويتمتع بحماية خاصة. وعرف إنتاج النفايات الصلبة بالمغرب ارتفاعا مهما خلال العقود الأخيرة مرتبطة أساسا بالنمو الديمغرافي والاقتصادي والاجتماعي، حيث بلغ حوالي 17413 طن في اليوم في السنوات الأخيرة، ولم تبلغ هذه الكمية سوى 12370 طن في اليوم سنة 1992 و 1600 طن في اليوم سنة 1960.