يقدر عدد من السياسيين والمحللين أن الكيان الصهيوني يواجه تراكم معطيات سياسية وديموغرافية وإقتصادية سلبية تشكل في مجموعها خطرا يهدد وجوده إن لم يكن في الفترة الحالية القريبة زمنيا ففي مرحلة لاحقة ترتبط بما سيؤول إليه ميزان القوى الاقتصادية والعسكرية في المنطقة العربية وكذلك الساحة الدولية. مع إقتراب سنة 2014 من نهايتها تلقت حكومة تل أبيب سلسلة من الصدمات السياسية، التي دفعت بعض السياسيين إلى القول أن الكيان الصهيوني يقترب أكثر فأكثر من حالة العزلة الدولية التي أصابت نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وأسفرت في نهاية المطاف سنة 1990 عن نهايته وبدء عهد جديد بإنتخابات سنة 1994 التي قادت الأغلبية الأفريقية إلى السلطة. بعد أن صوتت برلمانات السويد وإسبانيا وبريطانيا وفرنسا على الإعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة في حدود يونيو 1967، عبر البرلمان الأوروبي عن "دعمه المبدئي للاعتراف بدولة فلسطين وحل الدولتين"، وأضاف بحسب قراره الذي اعتمد بغالبية 498 صوتا مقابل 88، إن ذلك "يجب أن يترافق مع إحياء عملية السلام". وقد أعدت هذا النص خمس كتل سياسية في البرلمان بعد مفاوضات صعبة. وكان الاشتراكيون والخضر واليسار الراديكالي يرغبون في دعوة الدول الأعضاء إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لكن الحزب الشعبي الأوروبي اليميني، وهو التشكيل السياسي الرئيسي في البرلمان وبدعم من اللوبيات الصهيونية وضغوط البيت الأبيض، رجح الكفة لربط ذلك بإعادة إطلاق محادثات السلام. ملاحظون وخاصة في إسرائيل حذروا من أنه ربما وبعد أشهر من الآن سيحدث تحول جديد أكثر نفعا للفلسطينيين. مجلس الأمن مع نهاية شهر ديسمبر 2014 بدأ مجلس الأمن الدولي بحث مبادرة مشابهة ولكن ذات أبعاد وآثار أوسع في وقت تحاول فيه واشنطن وتل أبيب وعدد من أنصارهما وقف هذا التحول. فقد قدم الأردن رسميا إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الأربعاء 17 ديسمبر 2014 مشروع قرار أعده الفلسطينيون يدعو إلى السلام بين إسرائيل والفلسطينيين خلال عام واحد وانهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بنهاية 2017. وينص مشروع القرار على ضرورة ان يستند أي حل يتم التوصل اليه من خلال التفاوض إلى عدة عناصر منها حدود 1967 والاتفاقات الأمنية المبرمة والقدس الشرقية كعاصمة لفلسطين، وكل القدس كعاصمة مشتركة للدولتين وهو ما يلبي الطموح المشروع للطرفين ويحمي حرية العبادة. ويدعو النص ايضا الجانبين إلى التوقف عن أي اجراءات أحادية وغير قانونية بما في ذلك الأنشطة الاستيطانية والتي قد تقوض جدوى حل الدولتين. المتحدث باسم حركة فتح احمد عساف أكد انه تم تقديم مشروع القرار "بالورقة الزرقاء" عند تمام الساعة الواحدة من منتصف ليلة الأربعاء بتوقيت فلسطين، مشيرا إلى ان الجانب الفلسطيني رفض جميع الضغوط الإسرائيلية والأمريكية لعدم تقديم المشروع. ويعني تقديم المشروع بالورقة الزرقاء أن الفلسطينيين امام مرحلتين، الأولى ان القرار الآن اصبح رسميا امام المجلس وهو بالتالي سيخضع لمشاورات وتداولات بين الاعضاء من اجل جمع 9 اصوات كفيلة بذهابه إلى المرحلة الثانية، وهي مرحلة التصويت على تمريره والتي يمكن خلالها ان يتم استخدام الفيتو الأمريكي. وقال عساف ان مشروع القرار الفلسطيني العربي تم ادخال تعديلات طفيفة عليه مستوحاة من المبادرة الفرنسية، وهذه التعديلات "لا تغير من جوهر القرار". واضاف: إن المبادرة الفرنسية تنص على عقد مؤتمر دولي للسلام يقر مفاوضات للسلام خلال 12 شهرا ضمن معايير محددة على أن يتم انهاء الاحتلال بعد ذلك بسنتين، أي خلال العام 2017. دبلوماسيون عدة قالوا ان هذا النص لا يتمتع بأي فرصة للحصول على تأييد واسع وسيعرقله بالتأكيد فيتو امريكي اذا طرح في المجلس بدون تعديلات بعضها تضعها باريس. فقبل أسابيع اطلقت فرنسا مشاورات مع لندن وبرلين ثم مع واشنطن وعمان لاعداد نص توافقي. ويفترض ان يدعو هذا النص الى استئناف سريع للمفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية على اساس سلسلة من المبادئ الكبرى مثل التعايش السلمي لإسرائيل ودولة فلسطينية. وسيحدد هذا النص سنتين لانهاء المفاوضات. وفي مرحلة ثانية، تنوي باريس عقد مؤتمر دولي لدعم المفاوضات بمشاركة الدول العربية. وقال دبلوماسي غربي كبير إن الأوروبيين يهدفون إلى قرار بالاجماع يتضمن اطارا زمنيا ملزما وغير محدد ويشعرون أن الأمريكيين منفتحون الآن على مثل هذه الاحتمال. واضاف الدبلوماسي "توجد فرصة الآن.. يوجد استعداد من جانبهم للنظر في خيارات بمجلس الأمن"، لكن مسؤولا كبيرا بوزارة الخارجية الأمريكية قال إن واشنطن لم تقرر بعد أن صدور قرار من مجلس الأمن هو الطريق الصحيح للمضي قدما. واضاف "هذه الأمور كلها في حالة تغير مستمر بدرجة كبيرة .. ليس الأمر كما لو أنه يطلب منا اتخاذ موقف بشأن أي قرار محدد لمجلس الأمن الآن. سيكون من السابق لآوانه بالنسبة لنا مناقشة وثائق ذات وضع غير مؤكد الآن". المتحدثة بإسم الخارجية الأمريكية جين بساكي ذكرت للصحافيين ان واشنطن إطلعت على النص الذي تم توزيعه في مجلس الأمن الدولي وانه "ليس شيئا يمكن ان نؤيده"، وأضافت: "هناك دول اخرى لديها الشعور نفسه وتطالب بمزيد من التشاور" معتبرة ان "الفلسطينيين يتفهمون" الاعتراض الامريكي. غير أن مسؤولا فلسطينيا من ضمن الوفد الفلسطيني الذي التقى يوم الثلاثاء 16 ديسمبر في لندن وزير الخارجية الامريكي جون كيري كشف أن الأخير أبلغ الوفد الفلسطيني برئاسة صائب عريقات بعزم واشنطن على "استخدام حق الفيتو" ضد مشروع القرار العربي الذي يطالب بانهاء الاحتلال الاسرائيلي لأراضي دولة فلسطينالمحتلة منذ العام 1967 خلال سنتين وعاصمتها القدس الشرقية". وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي يوفال شتاينيتز ذكر للصحافيين "افترض أن أي اقتراح مناهض لاسرائيل سيتسبب في فيتو أمريكي. هذا ما كان يحدث دائما وهذا ما نأمل في أن يحدث". لكن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان قال لراديو الجيش الإسرائيلي إنه يبدو أن الولاياتالمتحدة "ليست حريصة على استخدام حق النقض" فيما يتعلق بمسألة الدولة الفلسطينية لكنها ستسعى إلى "أقصى درجات التنسيق" مع نتنياهو. وكثيرا ما اختلف نتنياهو وواشنطن بشأن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربيةوالقدس الشرقية، ما جعل وسائل الاعلام الإسرائيلية تتكهن بأن احباط الولاياتالمتحدة قد يدفعها لتخفيف معارضتها للخطوات أحادية الجانب المتعلقة بإقامة دولة فلسطينية. مصادر أخرى تحدثت عن مشروع أمريكي فضفاض يتم الترويج له خلف الكواليس. هذا الجدل مرشح لأن يؤجل التصويت عدة أيام إن لم يكن أسابيع. وكان المجلس قد تسلم في اكتوبر مشروع قرار فلسطيني يدعو الى انهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية بحلول نوفمبر 2016 لكن الولاياتالمتحدة ودولا اخرى اعتبرت هذا النص غير مقبول. المشككون هناك من يشكك بالمنطقة العربية في نجاعة هذه التحركات السياسية في تحقيق مكسب فعلي ومادي على الأرض للشعب الفلسطيني ويصف دعم السلطة الفلسطينية لها بالعبثية، خاصة وأنها تنص على مواصلة التفاوض مع حكومة الكيان الصهيوني تلك المفاوضات التي لم تأت بنتائج ملموسة منذ إتفاق أوسلو سنة 1993، بل على العكس حيث استغلت تل أبيب السنوات التي تلت لترسيخ استيطانها وهضم المزيد من الأراضي المحتلة بعد يونيو 1967. لقد تعثرت أمال الفلسطينيين في التوصل إلى بناء دولتهم المستقلة قبل نهاية القرن العشرين على أساس إتفاق أوسلو المعروف رسميا بإسم إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الإنتقالي والذي وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطنالأمريكية في 13 سبتمبر 1993، بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون. وقد سمي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرية التي سبقت إجتماع البيت الأبيض. ويضيف هؤلاء أن القيادة الفلسطينية تتوجه الى مجلس الامن "مرغمة" بعد انغلاق الأفق السياسي وتعثر مفاوضات السلام وفي مواجهة حالة الاحتقان في الشارع الفلسطيني. ويرى جورج جقمان وهو محاضر في جامعة بيرزيت ان "القيادة الفلسطينية مضطرة للذهاب إلى مجلس الأمن كخطوة بديلة عن خطوات أخرى يطالب بها الشارع الفلسطيني، مثل وقف التنسيق الأمني مع الجانب الإسرائيلي". واضاف جقمان هناك "فراغ سياسي سببه فشل المفاوضات الثنائية مع إسرائيل واستمرار الاستيطان وعمليات تهويد القدس، اضافة غلى ذلك استشهاد الوزير زياد ابو عين". وبحسب جقمان، فانه بسبب الفراغ السياسي وعدم وجود اي نتائج على الارض منذ توقيع اتفاقيات اوسلو للحكم الذاتي فان شرعية وجود السلطة الفلسطينية اصبحت مهددة. وتابع "شرعية السلطة الفلسطينية الآن مهددة لأن الشارع الفلسطيني يتصور أن السلطة الفلسطينية لم تعد سوى بلدية كبيرة ولن تتحول إلى دولة". ولكن المحلل السياسي عبد المجيد سويلم اعتبر ان المسعى الفلسطيني في الأممالمتحدة لا يتعلق بشرعية السلطة الفلسطينية. واوضح "السلطة الفلسطينية لن تبقى أسيرة الانتخابات الاسرائيلية او الأمريكية خاصة بعد ان ثبت فشل المفاوضات الثنائية خلال السنوات الماضية". ويضيف "لم يبق أمام القيادة الفلسطينية سوى مجلس الأمن وأي مفاوضات ثنائية مقبلة يجب ان تكون على قاعدة جديدة وسقف زمني ملزم دوليا". وتوقع سويلم ان يحاول وزير الخارجية الأمريكي كيري تقديم شيء جديد لثني الفلسطينيين عن التوجه الى مجلس الأمن ولكنه أوضح ان السلطة تعول على الإتحاد الاوروبي لمنع الأمور من العودة الى سابق عهدها. وكان عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين قد أكد بداية شهر ديسمبر 2014 للصحافيين في بيت لحم في الضفة الغربية "نريد قرارا من مجلس الأمن يحافظ على حل الدولتين". وفي حال لم يحصلوا على التصويت على قرار يناسبهم، يهدد الفلسطينيون بالانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية كما يسمح لهم وضعهم كدولة مراقب غير عضو في الاممالمتحدة الذي حصلوا عليه في نوفمبر 2012. وهذه الخطوة ستفتح الباب لشكاوى ضد اسرائيل بتهم ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة. وبحسب مسؤولين فلسطينيين فان السلطة اتخذت هذا القرار بعد فشل المفاوضات الثنائية. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل ابو يوسف لوكالة فرانس برس "المفاوضات الثنائية بالرعاية الأمريكية فشلت في تحقيق نتائج على الأرض، بالتالي فان توجه القيادة الفلسطينية إلى مجلس الأمن يستند الى القرارات الشرعية الدولية التي تمنحنا هذا الحق". والمعروف أنه في ابريل 2014، فشلت المفاوضات بين الجانبين بعدما قادها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لتسعة اشهر، وقد قدر العديد من الملاحظين أن الفشل يعود إلى تأييد واشنطن غالبية المطالب الصهيونية وعدم فرضها أي ضغوط على حكومة تل أبيب. المخاوف داخل إسرائيل يوم الأحد 21 ديسمبر 2014 صرحت زعيمة حزب ميرتس زهافا غال اون ان "تأجيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل الأممالمتحدة لما بعد الانتخابات الإسرائيلية هو مصلحة إسرائيلية واضحة"، وذلك حسب الموقع الالكتروني لصحيفة "معاريف". وطالبت غال اون "الحكومة الاسرائيلية بالمبادرة في هذا الموضوع، من أجل التأثير على شروط تنفيذ مشروع القرار، ولكي تعود لتعلب دورا بارزا على الساحة الدولية". واشارت زعيمة ميرتس الى "ان اعتراف البرلمان الاوروبي بالدولة الفلسطينية، هو شهادة إضافية على ضعف الاسرائيليين في العالم، وان هذا الاعتراف يشكل جزءا من سلسلة طويلة من الاخفاقات التي لن تعتبر فيها إسرائيل جزءاً من اللاعبين على الساحة الدولية ولم يُحسب لها حساب". واضافت غال اون "آن الاوان ان نأخذ مصيرنا بأيدينا ونقود الاجراءات الحقيقية وليس فقط بالتركيز على إحباط ما قائم". وكانت رئيسة حزب "ميرتس" المعارض قد دعت قبل ذلك بأيام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأضافت في بيان أصدرته تزامنا مع سفر نتنياهو لروما "إنه لم يبق لإسرائيل أوكسجين من كثرة طمر رأسها بالرمل كالنعامة، متجاهلة التطورات على الساحة الدولية". وأكدت زهافا أن نتنياهو فقد تأثيره في الساحة الدولية، في ظل اعتراف الدول الأوروبية تباعا بالدولة الفلسطينية، وانتقدت "تجاهل إسرائيل ما يجري في العالم بدلا من قيادة خطوات سياسية". وقدرت زهافا أن إسرائيل تحتاج إلى دعم مبادرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لطرح الاعتراف الأممي بدولة فلسطينية، وإدارة مفاوضات ثنائية ندية بين حكومتين متكافئتين. وإتهمت السياسية الصهيونية نتنياهو بقيادة سياسة مدمرة دحرجت إسرائيل منذ خمس سنوات نحو عزلة عن العالم، وتحويلها لجهة غير مرغوب فيها. وأشارت وهافا إلى أنها على غرار ألف شخصية إسرائيلية تطالب البرلمانات الأوروبية بالاعتراف بدولة فلسطينية كونها مصلحة إسرائيلية، تدعو نتنياهو لتبني سياسة عملية لتسوية الصراع، وتخرج إسرائيل من الطريق المسدود الذي ورطها به". إسرائيل معزولة ومنبوذة يوم 20 ديسمبر 2014 قال الكاتب اليهودي ألون بن مئير، استاذ العلاقات الدولية في جامعة نيويورك إنه "لم تلحق أية حكومة إسرائيلية ضررا بصورة إسرائيل الدولية أكثر من حكومة نتنياهو خلال الأعوام الستة الماضية". وأضاف بن مئير في مقالة له بعنوان "تهشيم صورة إسرائيل" قائلا، "لم يكن نتنياهو وزمرته منشغلين فقط وبشكل منهجي برواياتهم المتسمة بالحقد على الفلسطينيين، بل اتخذوا أيضا تدابير تبرهن فقط على التزام نتنياهو الثابت بتوسيع المستوطنات والحيلولة دون إقامة دولة فلسطينية. وبالرغم من أن الفلسطينيين قد ساهموا أيضا في العداء وانعدام الثقة بين الجانبين، غير أن سلوك نتنياهو وزمرته قد تركت إسرائيل معزولة ومنبوذة، في حين حولت الرأي العام العالمي وبشكل جذري لصالح الفلسطينيين." وأشار الكاتب اليهودي في مقالته قائلا، "لتعزيز خطته السياسية، فقد ربط نتنياهو وبدهاء كل قضية موضوع خلاف مع الفلسطينيين بأمن إسرائيل القومي. لقد سخر وبشكل بارع الرأي العام عبر سنوات حكمه لتبرير حظوظه السيئة واستمرار احتلاله باسم الأمن القومي، هذا في الوقت الذي أوصل فيه العملية السلمية لتوقف تام وعسير". "لقد أشغل نتنياهو نفسه في الكلام الخادع، فقد وافق من ناحية علنا على حل الدولتين، ولكنه من الناحية الأخرى لم يفوت فرصة في الإعلان عن حق إسرائيل المتأصل على كل "أرض إسرائيل التوراتية" الذي يجعل من إقامة دولة فلسطينية مهزلة". وتابع قوله، "استمر نتنياهو كالعديد من أسلافه في توسيع المستوطنات، غير أنه يفعل ذلك بحماس منقطع النظير، مقلصا بذلك أمل إقامة دولة فلسطينية ويتحدى في نفس الوقت نداء المجتمع الدولي بوقف هذا المشروع غير الشرعي". "وفي حين يتهم نتنياهو وشركاؤه علنا وبشكل روتيني الفلسطينيين بكراهيتهم واستيائهم اتجاه إسرائيل، فإنه يتناسى بأن الفلسطينيين هم تحت الإحتلال وإسرائيل تمارس ضدهم في أغلب الأوقات إجراءات مفرطة للسيطرة عليهم. هو ينسى أيضا بأن كل فلسطيني ما دون سن ال 48 عاما قد ولد تحت الإحتلال وبأن سلوكهم والطريقة التي يشعرون بها اتجاه إسرائيل رد فعل طبيعي لشعورهم باليأس وبأنهم ضحية". ويرى الكاتب بأن "نتنياهو يستغل بحذاقة روايات حماس اللاذعة وعنفها ضد إسرائيل "لطلاء" كل الفلسطينيين بنفس اللون. فبدلا من مدح السلطة الفلسطينية لنبذها العنف ولتعاونها الأمني الملتزم تماما مع إسرائيل، استغل الإنشقاق ما بين حماس والسلطة الفلسطينية لجعل عملية السلام أسيرة لنزوات حماس". ويضيف، "لقد تلاعب نتنياهو بدهاء بمفاوضات السلام لخلق مآزق. اتهم الفلسطينيين مرارا وتكرارا بكونهم غير جديرين بالثقة، ولكنه أصر بعد ذلك على استمرار توسيع المستوطنات خلال فترة المفاوضات مما يجعل التفاوض مع الفلسطينيين "بحسن نية" أمرا في منتهى الصعوبة في وقت يشاهدون فيه أراضيهم تستقطع شبرا شبرا". التهديد الأكثر خطورة قبل ثلاث سنوات وصيف سنة 2011 ذهب وزير المالية الاسرائيلي يوفال شتينيتز أبعد من ذلك في تقدير الأخطار التي تواجه الكيان الصهيوني نتيجة التوسع المستمر في الاعتراف بالدولة الفلسطينية. فيوم الأربعاء 31 أغسطس 2011 قال يوفال شتينيتز ان اسرائيل تعارض تماما التحرك الفلسطيني الهادف الى الحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية من جانب الأممالمتحدة، واعتبره أخطر على بلاده من حركة حماس. واضاف شتينيتز، في تصريحات للإذاعة الإسرائيلية ونقلتها صحيفة جروزاليم بوست، أن التهديد الذي يشكله اعتراف الأممالمتحدة بالدولة الفلسطينية يعد الأكثر خطورة على اسرائيل. واوضح شتينيتز ان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كرر مرارا ان أي تصرف أحادي من قبل الفلسطينيين سيهدد عملية السلام بين الجانبين، وأضاف "انها محاولة فلسطينية للحصول على الدولة من دون منح إسرائيل شيئا في المقابل، ومن دون السلام، ومن دون الأمن، ومن دون التخلي عن حق عودة اللاجئين". وكان وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور ليبرمان قد اتهم الفلسطينيين "بأنهم لا يريدون العيش الى جانب اسرائيل وانما اقامة دولة خالية من اليهود" في الضفة الغربية وذلك في إشارة إلى رفض الفلسطينيين بقاء مستوطنين اسرائيليين في دولتهم المستقبلية. صحيفة جروزاليم بوست أفادت حينها ان الرئيس عباس كان قد صرح انه لن يتخلى عن حق عودة الفلسطينيين الى ديارهم في اسرائيل، على الرغم من اعتقاد بعض الخبراء القانونيين ان وضعية اللجوء ستتأثر في حال اعترفت الاممالمتحدة بالدولة الفلسطينية، حيث ان منظمة التحرير الفلسطينية ستستمر في عملها حتى تحل كافة عناصر القضية الفلسطينية، ومنها حق العودة، فالسلطة الفلسطينية ليست كيانا مستقلا بل هي جزء من منظمة التحرير، والمنظمة ستظل تمثل الفلسطينيين في كافة أنحاء العالم. يذكر أنه يوم 29 نوفمبر 2012 ورغم المقاومة الأمريكية الإسرائيلية ومن بعض الأوروبيين وإمتناع 40 دولة عن المشاركة في التصويت، صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية على قرار الاعتراف بدولة فلسطين وأعطيت صفة عضو مراقب. وقد أعاد هذا القرار تأكيد "حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وحقه في أن تكون له دولته المستقلة على الأرض والتخلص من الاحتلال". وبالتالي من حق فلسطين أن توقع على المعاهدات المتاحة أمام "جميع الدول"، وفي مقدمتها تلك التي تمنح الحق في اللجوء إلى محكمة الجنايات الدولية. صيغة تكفل لإسرائيل يهوديتها بموازاة مع المواجهة التي تدور في مجلس الأمن انطلقت حملات تتضمن الكثير من التضليل في نطاق حرب نفسية بدأت حتى قبل زرع الكيان الصهيوني على الأرض الفلسطينية. يوم 12 ديسمبر 2014 أكد مصدر إسرائيلي أن الولاياتالمتحدة تستعد لاتخاذ قرار يدعو إلى إقامة دولة فلسطينية، بصيغة "مخففة وأكثر صديقة" لإسرائيل الأمر الذي سيشكل معضلة بالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الذي يأمل هو وحكومته، أن تستعمل واشنطن حق النقض "الفيتو"، على كل قرار أممي بشأن الدولة الفلسطينية الموعودة. ولم تقرر الإدارة الأمريكية رسميا حتى الآن كيفية التصرف، ولكنها لوحت بالفيتو. وقال موقع "واللا" الإسرائيلي إن موقف الوزير كيري والرئيس أوباما لم يتضح بعد، ولكن الموظفين الكبار في واشنطن يجمعون بشكل تام على هذا الرأي، حيث يعتقدون أن الولاياتالمتحدة لن تكون قادرة على استخدام حق النقض ضد قرار لمجلس الأمن، استنادا إلى حد كبير على "وثيقة الإطار" لواشنطن، والتي تم تحديدها خلال المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية الأخيرة. وقال الموقع إنه و"بدلا من مناقشة ما إذا كان يجب فرض الفيتو أم لا، فإن الولاياتالمتحدة ستأخذ زمام المبادرة وقيادة عملية" لدعم الدولة الفلسطينية مع الحرص على عدم إغضاب تل أبيب. وأضاف أن هذا الموقف لن يغضب نتنياهو فقط بل أيضا الفلسطينيين، لأنه من المتوقع أن يقوم الأمريكيون بتليين صياغة الاقتراح وإدراج عناصر مقبولة من جانب إسرائيل، ولكنها غير مقبولة من جانب الفلسطينيين، مثل قضية "هوية إسرائيل اليهودية". وافاد مصدر في وزارة الخارجية الأمريكية، إن فرض الفيتو على اقتراح يدعو إلى إنشاء دولة فلسطينية ضمن حدود 1967 مع تبادل الأراضي، تضر بعلاقات الولاياتالمتحدة مع الدول العربية من جانب واحد. لكن عدم استخدام حق النقض في المقابل قد يضع إسرائيل في أزمة حقيقية تتعلق اساسا بأمنها، ما قد يحرك قوى الضغط الإسرائيلية داخل الولاياتالمتحدة مثل مجموعة "ايباك" وهي اختصار ل"لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية" ذات النفوذ القوي، ضد أي قوة سياسية أمريكية (الديمقراطيون في واقع الحال) قد تتجاوز الخطوط الحمراء في ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كالاعتراف بدولة فلسطينية مهما كانت صيغة الاعتراف لا تستجيب لطموحات الفلسطينيين. وأشار إلى أن الحل الوسط لواشنطن هو أن تقوم إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بتعزيز قرارها الذي يشمل من ناحية الإشارة إلى حدود 1967 مع تبادل الأراضي، وعلى الجانب الآخر يؤكد متطلبات الأمن الإسرائيلية، بما في ذلك إشارة ما إلى الهوية اليهودية لإسرائيل، وتجنب وضع موعد نهائي صارم للانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وقال الموقع الاسرائيلي "إن الموقف الرسمي الولاياتالمتحدة، هو أن تمتنع عن التدخل في الانتخابات الإسرائيلية، ولكن واشنطن تفهم بصورة واضحة، أن حق النقض الفيتو في مجلس الأمن، يمكن أن يفسر على أنه إنجاز سياسي لنتنياهو، في حين أن عرض مبادرتها يمكن أن تفسر على أنها تدخل ضده". ويرى الموقع أن خيار عرض مشروع قرار أمريكي منفصل، هو مجرد وسيلة أخرى من العمل المتاح أمام الإدارة، وثمة خيار آخر هو منح "رعاية على الاقتراح الأوروبي الذي وضعته فرنسا، مع تخفيف صياغته، ما سيتناسب وموقف الولاياتالمتحدة، ولكن في كلتا الحالتين، فإن الخلاصة سوف تكون هي نفسها. ويختم المصدر الاسرائيلي بالتأكيد على أن "المعضلات السياسية والاستراتيجية الأمريكية، مثل محاربة تنظيم داعش والرغبة في تقوية الرئيس الفلسطيني، أبو مازن مقابل حماس، والتخوف من تآكل مصداقية واشنطن العالمية، تنضم إليها أيضا معضلة سياسية، ألا وهي كيف سيؤثر أي إجراء ستتخذه على الانتخابات الإسرائيلية في مارس 2015 ؟". يذكر أنه قبل أشهر أوردت صحيفة ذي كريستيان ساينس مونيتور الأمريكية تقارير إسرائيلية غير مؤكدة تحدثت عن عزم الولاياتالمتحدة إرسال قوات عسكرية أمريكية لحماية حدود الدولة الفلسطينية المتوقعة ولادتها من اتفاق سلام شامل بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وأوضحت أن من مهام القوات الأمريكية أيضا منع أي قوات معادية من العبور إلى إسرائيل عن طريق وادي الأردن، وأنها ستحل محل قوات إسرائيلية متمركزة في المنطقة، وأن من شأن القوات الأمريكية المساهمة في توفير الاحتياجات الأمنية الإسرائيلية والتغلب على الاعتراضات الفلسطينية على وجود قوات إسرائيلية على حدودها مع الأردن. المواجهات السياسية المغلفة في نطاق سياسة التضليل أو ما يسميه البعض بالمواجهات السياسية المغلفة، ذكرت مصادر سياسية رفيعة في إسرائيل والولاياتالمتحدة، عن أنه بموازاة مع المفاوضات الرسمية التي تمت بوساطة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، جرت مفاوضات أخرى بواسطة قناة سرية بين الممثل الرسمي لرئيس الوزراء الإسرائيلي يتسحاق مولخو، وبين مقرب شخصي من الرئيس الفلسطيني. وأوضحت المصادر ذاتها أن هذه المحادثات توصلت إلى صيغة شبه نهائية لتسوية الصراع، على أساس حل الدولتين على أساس حدود 1967، مقابل التنازل الفلسطيني بخصوص الاعتراف بيهودية الدولة، شرط أن توضع صيغة تمنع المساس بمكانة المواطنين العرب في إسرائيل. ولكن عندما تبين للزعيمين نتنياهو وأبو مازن أن الأمور نضجت واستقرت على هذا النحو تراجعا عنها. وقد خرج أبو مازن بتصريح ينفي فيه وجود أي مفاوضات باستثناء المفاوضات الرسمية. وقد دارت هذه المفاوضات في عامي 2010 و2011 في إحدى العواصم الأوروبية. وجرت بوتيرة مرة واحدة كل أسبوعين، إلا أن هذه المصادر رفضت أن تكشف هوية المسؤول الفلسطيني، بدعوى الخوف على حياته، ولكنها أكدت في المقابل أنه أحد المقربين القلائل من أبو مازن. وأضافت المصادر أن الولاياتالمتحدة كانت على علم بهذه القناة التفاوضية، ورافقتها في البداية من بعيد. لكن في وقت لاحق انضم إليها دنيس روس، بوصفه مندوبا أمريكيا رسميا، ثم انضم إليها بعد ذلك مارتن إنديك، الذي عين مسؤولا عن مسار المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية. وكان جون كيري يفاوض الطرفين في المسار الرسمي، الذي يعرف بالقناة التفاوضية الأخرى. ولكن الطرفين أوقفاها سنة 2011، ثم جدداها في نهاية 2013 وبداية 2014، وهنا توصلا إلى الصياغات شبه النهائية، وكان يفترض وضع آخر اللمسات عليها، لكن الطرفين تنكرا لها وتراجعا، خصوصا أبو مازن، وفقا للمصادر الإسرائيلية. معركة مفتوحة يقول محللون: لا يخلط الفلسطينيون بين عملية السلام وما يترتب عليها من مفاوضات أو مواجهات، أو اللجوء إلى المنظمات الدولية، وبين جلب المزيد من الاعترافات بالدولة الفلسطينية التي لم تقم بعد، ويرون أن الحصول على مزيد من الدعم الدولي يزيد من عزلة إسرائيل. وحسب عدد من المراقبين والمحللين السياسيين، فإن الفلسطينيين يصرون على جلب مزيد من هذه الاعترافات، وتجنيد كل الطاقات في هذه المعركة المفتوحة، والتي يكسب فيها الفلسطينيون بالتدريج نقاطا إضافية مع مرور الوقت. ومن هذا المنطلق، يواصل دبلوماسيون فلسطينيون زيارة الدول الغربية، التي لم تعترف بفلسطين حتى الآن، لحثها على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، فإن فشلوا في ذلك، فعلى الأقل سيحاولون الحصول على تأييد برلماني بذلك، قصد وضع مزيد من الضغط على الحكومات الرافضة. وبهذا الشأن، قال القيادي الفلسطيني عبد الله عبد الله، نائب مفوض العلاقات الدولية في حركة فتح: "هذه الاعترافات تعني توسيع قاعدة تجسيد دولة فلسطين"، وأضاف بأن "هذا الدعم الدولي يزيد من عزلة إسرائيل، ويؤكد رفض العالم للسياسات الإسرائيلية المجافية للسلام.. وأهمية هذه الاعترافات أنها تؤسس لمرحلة نصل فيها إلى معاقبة إسرائيل إذا لم تلتزم بالقانون الدولي، وبإقامة الدولة المعترف بها". وتعترف بالدولة الفلسطينية حتى الآن 138 دولة، ليس بينهم الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل، ودول الاتحاد الأوروبي، باستثناء السويد التي اعترفت بدولة فلسطين في أكتوبر 2014، وأصبحت أبرز دولة غربية أوروبية تعترف بالدولة الفلسطينية. وقد كانت الخطوة السويدية مفصلية بالنسبة للفلسطينيين الذين يتوقعون خطوات مماثلة في وقت قريب. وفي هذا الصدد قالت مصادر فلسطينية إن التركيز الفلسطيني منصب الآن على دول يتوقع أن تنضم إلى السويد، وهي البرتغال وبلجيكا وإسبانيا وفرنسا وآيرلندا. عمر نجيب [email protected]