الإعلان عن مدينة كلميم مدينة منكوبة ... عشرات القرى محاصرة بالفيضانات ... المواطنون يستغيثون طلبا للنجدة ... وقناة مغربية تستفز وتأبى إلا أن تنقل للمشاهدين سهرات الأغاني والرقص دون مراعاة لشعور المنكوبين ... جلالة الملك يصدر تعليماته السامية لمساعدة المتضررين وحالة طوارىء في كل القطاعات ، ووزير الداخلية يحل بالمناطق المنكوبة .. ومباريات كرة القدم متواصلة ، وديربي الدارالبيضاء بين الرجاء والوداد ظل في موعده . وحوالي 4000 من عناصر الأمن تتكلف بالسهر على أمن وسلامة جماهير الديربي الخمسين ألف .. عناصر من القوات المسلحة الملكية تتدخل لفك الحصار عن القرى المنكوبة .. ووزارة الصحة تبعث بفريق طبي لهذه المناطق ، وسيارات اسعاف تتحرك .. المواطنون مشغولون بفك العزلة عنهم وانقاذ ما يمكن انقاذه.. ومشاهد مؤثرة عن طرقات مهشّمة وقناطر استوت بالأرض ومياه جارفة للأخضر واليابس .. وانشغال رئيسي وسط بعض نواب الأمة بموضوع ورقة الغياب والبطاقة الالكترونية .. ومزايدات سياسية بين فرق برلمانية حول تقصي حقائق لهذه النكبة .. غريب امر هذه البلاد التي تعيش لحظة سيريالية خطيرة .. اذا كنّا غير مستعدين لإعلان الحداد فلا باس على الأقل من الانخراط، مواطنين ومسؤولين ، في لحظة محاسبة عن أسباب هذه الكوارث . ولنتنساءل جميعا ، عما اذا كانت الطرقات والقناطر قد شيدت بمواصفاتها القانونية وبدون غش او تدليس، هل ستكون النكبة بهذا الحجم ؟. هل ستظل كل صفقات بناء الطرق والقناطر والاحياء السكنية موضوع رشوة وابتزاز وغش وتدليس ؟. هل ستظل بلادنا موسومة بالفساد المالي واختلاس المال العام في معظم المشاريع ؟. أما آن الأوان لتتحلى الحكومة بالحزم والصرامة لفتح باب المحاسبة ومحاكمة المسؤولين عن مئات القناطر والطرق المغشوشة التي انهارت اخيرا بسبب الأمطار رغم انه تم بناؤها إلا حديثا؟. كل المواطنين الذين انخرطوا طواعية لفك العزلة عن اخوانهم المنكوبين اعترفوا بان المبادرة الوطنية للتنمية المباشرة خصصت لمناطقهم ميزانيات ضخمة ، لكنهم يتساءلون باندهاش عن هذه الأموال التي لم يستفيدوا منها .. والمواطنون يتساءلون عن تجهيزات الوقاية المدنية ، وعن سيارات اسعاف الجماعات المحلية ووزارة الصحة وسيارات نقل الموتى، وعن أسباب تأخر ظهورها .. وهل كان لابد من اهانة المواطنين ، فنقل موتاهم على متن شاحنة أزبال مازالت صورتها موشومة في ذاكرة المغاربة ، بعد ان تلقفتها وسائل الاعلام الدولية ؟. كما يتاسفون لكونهم لم يحظوا في منطقتهم بمثيل لعلال القادوس الذي لو كان بين ظهرانيهم لخفف عبء هذه النكبة، على الأقل في انتظار أليات الجماعات والحكومة التي حلت متأخرة .