أنهت الجزائر مناورة سياسية أخرى حبكتها مؤخرا ضد المغرب، من خلال استضافتها "للمؤتمر الثاني لاتحاد الطلبة الصحراويين للساقية الحمراء ووادي الذهب"، بتاريخ 23 25 غشت الماضي، بعد حوالي 40 سنة من عقد المؤتمر الأول سنة 1975 ، باستحضار أكثر من 500 مؤتمر إضافة إلى 200 مدعو ومشارك من بعض المؤسسات الجزائرية المدنية والعسكرية ووفود عن منظمات من دول حليفة لدولة الجزائر إفريقية وأمريكية لاثنينة، كنيجيريا وجنوب إفريقيا وكوبا وفنزويلا وغيرها. لقد استغرب الرأي العام الوطني لهذا النوع من المبادرات الجزائرية المستفزة، بمواصلة بنفث سمومها بين مكونات الشعب المغربي بما فيه شباب الأقاليم الجنوبية، وهو ما استنكره الجميع بما فيه ساكنة الأقاليم الجنوبية، أحزابا سياسية ومنظمات نقابية ومجتمع مدني، وفي مقدمتها جمعية "الوحدة الترابية بجهة وادي الذهب لكويرة"، التي أعلنت رسميا أن "ما يسمى ب"المؤتمر الثاني لاتحاد الطلبة الصحراويين للساقية الحمراء ووادي الذهب" هو مناورة جديدة محبوكة من طرف النظام الجزائري وصنيعته "البوليساريو"، في وقت كان من المفروض التفكير بشكل جماعي في مبادرات جريئة كفيلة بالحل الجذري لهذا الصراع المصطنع، للخروج من المأزق المسدود خدمة للسلم العالمي واستقرار المنطقة المغاربية، و مواجهة كل التحديات التنموية والأمنية والتهديدات الإرهابية التي تحيط بها . ومعلوم أن النظام الجزائري الحاقد استغل شهر غشت أيضا لتنظيم خلال مدة عشرين يوما بين 3 و23 غشت الماضي جامعة صيفية خامسة للأطر الصحراوية بولاية بومرداس الجزائرية، تحمل عنوة تسمية "أكديم إزيك"، باستحضار 400 مشارك وسط حضور غريب لمسؤولين جزائريين مدنيين وعسكريين على المستوى الوطني والمحلي بولاية بومرداس، إضافة إلى حضور سفراء وممثلين لدول حليفة للنظام الجزائري، ودعوة بعض نشطاء الكيان الصحرواي الوهمي من داخل التراب الجزائري وخارجه بما فيهم 70 شابا من المجتمع المدني بالأقاليم الجنوبية المغربية، إضافة إلى الطلبة الذين حضروا المؤتمر الثاني المشار إليه أعلاه. إن وجه الخطورة في تظاهرتي الجزائر الجامعيتين أعلاه، هو ما تم تلقينه من دروس ومحاضرات تكوينية وتأطيرية لهؤلاء الشباب والطلبة، تروم في العمق شحن هؤلاء المشاركين بمبادئ عدوانية وحربية مدنية وعسكرية، تحثّ الجميع، وخاصة الوافدين من المغرب، على تصعيد الصراع مع السلطات المغربية، بتكثيف مختلف سبل مقاومة الإدارة المغربية، على عدة مستويات ، من بينها: عرقلة استغلال المغرب لثرواته الطبيعية ، وتشويه المغرب على مستوى حقوق الإنسان وعرقلة سير السنة الدراسية الجامعية بمختلف الجامعات المغربية والتشويه ببلادنا على المستوى الدولي، إلى حد تلقين المؤتمرين دروسا من المقاومة الوطنية وثورة التحرير الجزائرية، ودعوة الطلبة الخرجين إلى الالتحاق بما يعرف ب"جيش التحرير الشعبي الصحراوي" المزعوم وحثهم على التوجه في دراساتهم إلى التخصصات العلمية و التقنية، وذلك لتطوير العمل داخل وحدات المؤسسات العسكرية و مراجعة خيار العودة إلى الكفاح المسلح بعد الفشل الذريع لأطروحة البوليساريو على أرض الواقع. لقد كان من حق الدولة المغربية، في إطار مقومات سيادتها على مجالها الإقليمي والسكاني، وهي تتبع عملية التجييش والعسكرة التي تهندسها الجزائر في حق انفصاليي الداخل على ترابها أن تُخضع جميع المواطنين المغاربة العائدين من هذين المعسكرين التكوينيين للإجراءات الاحترازية والاحتياطية اللازمة، حماية للنظام العام للمغرب وحفاظا على استقراره وأمنه وسكينته، بما في ذلك القيام بالتفتيش الدقيق لأمتعتهم، للتأكد من سلامتها وخلوها مما من شأنه مخالفة القانون الجمركي المغربي، وهو تفتيش يخضع له جميع الوافدين موضوع الشك والشبهة، ولا سيما وأن المغرب يتخذ في الظروف الراهنة أقصى درجات الحيطة والحذر والتدابير الاحتياطية الوقائية من التهديدات الموجهة لبلادنا من بعض المنظمات الإرهابية، بما فيها منظمة البوليساريو، التي تورطت في السنوات الأخيرة في التعامل المباشر مع منظمة القاعدة الإرهابية بالصحراء الكبرى العميقة. من حق الدولة المغربية ليس تفتيش امتعة الوافدين من الجزائر بل مساءلتهم عن العديد من المخالفات ، من بينها من جهة عرض تقارير سلبية كاذبة سواء في المؤتمر الطلابي أو في الجامعة الصيفية بولاية بومرداس امام العديد من الضيوف والأجانب، يتم فيها تغليط المشاركين بمعطيات تفيد عن ان المغرب بلد الظلم والقمع وما شابه ذلك ، وان بلادنا مقصرة في حق ساكنة الأقاليم الجنوبية بحرمانها من ادنى سبل العيش الكريم ، مما يعتبر جرما معاقبا عليه في القانون الجنائي المغربي، ومساءلتهم من جهة ثانية عن تمكين دول أجنبية من معلومات مدنية وعسكرية سرية عن المغرب، وهو ما يعد فعلا مجرما حتى على مستوى القانون الدولي، ومن جهة ثالثة الاستفادة من تداريب عسكرية ومدنية من أجل تنفيذ بعض عمليات المقاومة والعصيان ضد السلطات والإدارة المغربية، وهي كلها ما يفرض اليوم ضرورة إخضاع هؤلاء الوافدين من الجزائر للمراقبة والمتابعة توقيا مما هو مرتقب في الدخول الجامعي والسياسي والحقوقي الحالي. تبذل الإدارة المغربية مجهودات جبارة في حق طلبة الأقاليم الجنوبية الموزعين على مختلف الجامعات المغربية ، ومن حقهم على الدولة حسن الإقامة والإطعام وتوفير شروط الدراسة أسوة بغيرهم من الطلبة الآخرين ، لكن ليس إلى حد الاستجابة لشروط بعض الطلبة المؤمنين بالطرح الانفصالي الذين لا غرض لهم سوى زرع بذور الفتنة والاضطراب بالجامعة المغربية، مما يتعين معه اتخاذ أقصى المعاملات مع هذه الفئة الأخيرة التي هي معبأة من الخارج سواء من النظام العسكري الجزائري أو غيره، سيما وأننا لا ننتظر سوى تصعيدا في تصعيد من طرف الجزائر وصنيعتها البوليساريو ، سيما بعد استفاقة الإخوة الصحراويين المغرر بهم في مخيمات تندوف والحمادة بعد أربعين سنة من الوهم، على فشل أطروحة تقرير المصير من اجل دولة وهمية ، وهو ما يشجع اليوم على بروز عدة حركات مقاومة وانتفاضات شعبية صحراوية داخلية في هذه المخيمات ضد الفقر والجوع من جراء سياسات انفصالية وهمية، مما اقتنع معه الجميع اليوم بالداخل والخارج بصوابية الطرح المغربي القاضي بجهوية موسعة في ظل وحدة وطنية ناجعة. [email protected]