أصدر جلالة الملك تعليماته السامية لإيجاد حلول عاجلة للمشاكل التي يعاني منها المستفيدون من السكن في مدينة باديس المجاورة للحسيمة، وبعدها تحركت لجان التفتيش لتقف على خروقات سافرة ارتكبتها الشركة العامة العقارية الذراع العقاري لامبراطورية الايداع والتدبير. ولأن جلالته أمر بتوسيع البحث والتحقيق في كل المنجزات التي قامت بها هذه الامبراطورية الضخمة في مدن الشمال، فقد وقف المحققون على أوجه صارخة من الفساد لم تكن بطلتها سوى شركة »ميدز« والتي هي الأخرى شركة تابعة للامبراطورية المذكورة. وكنا ومنذ وقت طويل ننبه ونحذر من الفساد المستشري في صندوق الايداع والتدبير، الذي أضحى كالبقرة الحلوب التي تقدم ضروعها لمن يريد أن يحلب، سواء مباشرة أو من خلال الشركات المتفرعة عن هذا الصندوق العجيب. والآن مازالت لجنة التحقيق تعمل ليل نهار للكشف عن أبطال هذه الفضائح، لذلك نتمنى أن يشمل البحث والتحقيق في هذه القضية العناصر الآتية: - هل تم فعلا إكراه المالكين الأوائل لهذه البقع الأرضية على التخلي عنها مقابل مبالغ زهيدة تقارب 100 درهم للمتر بدعوى أن الدولة ستنشئ عليها مشروعا سكنيا، وأنهم في حالة الرفض فإنه سيتم نزع الملكية لفائدة المصلحة العامة. - ان الهدف من إنشاء المدينةالجديدة تحت اسم (باديس) كان تشجيع السكن ووضعه رهن إشارة الطبقات المحتاجة، بينما يشتكي المواطنون المتضررون من أن بعض المستفيدين استغلوا هذا المشروع لتبييض أموال التهريب والمخدرات، لهذا يتعين على لجنة التحقيق مراقبة لوائح المستفيدين، وعما إذا كان هؤلاء يستجيبون للشروط. - عند تأسيس الشركة العامة العقارية بطلة هذه الفضيحة سنة 1960 انطلقت انطلاقة جيدة وأنجزت مشاريع عقارية جيدة، غير أنها عوض أن تحافظ على هذا المستوى اختارت الاتجاه نحو منحى تنازليا، وانساقت وراء المضاربات العقارية المشبوهة، واضطرت إلى نهج إنجاز البنايات بطريقة »كوّر واعطي لعور«، وهذا يبدو واضحا للعيان في العديد من العقارات التي تم تشييدها أخيرا، فما هي أسباب ذلك. وبالنسبة لشركة »ميدز« يجب أن ينصب التحقيق أساسا على دواعي تأسيس هذه الشركة، والظروف التي أسندت فيها مسؤولية إدارتها إلى المدير الحالي الذي تم تجهيز وخلق هذه الشركة على مقاسه لإدارتها والتصرف فيها وفي أموالها. ❊❊❊ الفساد الذي طغا على صفحات الشركة العامة العقارية لم يكن مفاجئا، إذ أنها الذراع العقاري لإمبراطورية صندوق الإيداع والتدبير، الذي ما فتئ يعيش اختلالات فظيعة جعلت الملاحظين يستغربون من أسباب التأخر في التدخل للإصلاح والتقويم والمحاسبة، مما ترك ألسن المواطنين تحكي عن أوجه غريبة في تسيير هذه المؤسسة المالية الضخمة التي مازالت بمنأى عن رقابة المجلس الأعلى للحسابات الذي على قضاته أن يضعوا أيديهم على أوجه تدبير الأموال وطرق التوظيف الملتوية، وخلق المناصب حسب المقاسات، وتوظيف بعض الأطر المتقاعدة من مؤسسات أخرى وبأجور عليا عوض تشغيل الشباب. إن الأموال التي يتم تشغيلها من طرف الصندوق هي أموال عامة مودعة لديه، ومن حق الشعب المطالبة بمعرفة طرق تدبيرها.