رغم أن موضوع السياحة الجنسية للأطفال المغاربة اجتاز الحدود ليس فقط تزامنا مع بعض الفضائح التي يكون أبطالها أجانب، وإنما أضحى ظاهرة تتناولها التقارير الدولية، من قبيل منظمة »إكبات أنترناسيونال« التي تعنى بقضايا استغلال الأطفال والمتاجرة فيهم لأغراض جنسية. أقول إنه رغم هذه الفضائح المُجلجلة التي تعرض على المحاكم والتقارير الدولية، فإن الحكومة لم تقدم أي مقترح للتَّصدي لها بعيدا عن لغة الخشب، كتقديم تعديلات على مقتضيات القانون الجنائي من حيث رفع العقوبة إلى 30 سنة سجنا، والغرامة المالية في حدها الأقصى، والرفع من التعويضات المالية للضحايا، والحكم على المتهمين بمصادرة ممتلكاتهم، وتبني عملية الخصي، وفتح نقاش عمومي عبر القنوات التلفزية من أجل التحسيس بخطورة الظاهرة وانعكاسها على الأمن النفسي والصحي للأطفال الضحايا، فضلا عن تكلفة تطور الأمراض الناتجة عن ممارسة الجنس والبغاء كحالات انتشار السيدا... إلخ. إن مثل هذه الوضعية تستدعي اعتمادات مالية لبناء مراكز لإسعاف الضحايا ومعالجتهم جسديا ونفسيا، وكذا تفعيل التوصيات الهامة الصادرة عن الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة العدل سنة 2004 بشأن وضعية الضحايا. كما يجب منع أولياء الضحايا من تقديم تنازل عن الشكايات وتحريك المتابعة القضائية في حقهم متى ثبت أنهم يتاجرون في أعراض أبنائهم من خلال تقاضي مبالغ مالية لتقديم التنازل عن حالات الاغتصاب وهتك العرض، إلى غير ذلك من الإجراءات المعلومة بفعل عمليات التشخيص التي تمخضت عنها توصيات لم تنفذ. من جهة أخرى فإن الحكومة مطالبة بمواكبة مساطر الملفات المفتوحة خارج أرض الوطن والتي يكون أبطالها أجانب فارين بتهم استغلال أطفال في أشرطة إباحية والاغتصاب وهتك العرض. في هذا السياق صنفت منظمة »إكبات انترناسيونال« التي تعنى بقضايا استغلال الأطفال والمتاجرة فيهم لأغراض جنسية المغرب ضمن قائمة 23 دولة كوجهة معنية بالسياحة الجنسية للأطفال. ويوجد المغرب من بين ست دول إفريقية تعرف نشاطا مطردا للسياحة الجنسية التي يستغل فيها القاصرون والأطفال، علما أن هذا الاستغلال يشمل مختلف ضروب الاعتداء على الطفولة ومظاهر الاتجار في البشر. ومعلوم أن محاكم المملكة تعج بقضايا الاغتصاب وهتك العرض، حيث إن عددها يوجد بالآلاف، وأغلبها عبارة مآسي يتجرع مرارتها وفي صمت الضحايا وذويهم بعيدا عن أية معالجة نفسية، مما يساهم في استشراء عدد الأمراض النفسية، وبالتالي إذكاء عملية الانتقام وتفشي الجريمة. إن التدابير المفترض أن تتخذها الحكومة لمواجهة ظاهرة السياحة الجنسية للأطفال ولحالات اغتصابهم وهتك عرضهم لا تكلف في أغلبها مبالغ مالية، اللهم فيما يخص المساهمة في معالجة الضحايا ورد الاعتبار إليهم.