ما يحصل حاليا في فريق المغرب الفاسي هو جزء من منظومة كبيرة يتزعمها العديد من رؤساء الأندية . وبمعنى آخر زعماء التسيير الذين يبتعدون عن القوانين وتطبيقها في غياب تفعيلها من طرف مؤسسة الدولة ، فالتسيير الإداري في المؤسسات عمل إنساني متجدد شريطة أن يكون هادفا ويتماشى مع الأدوات القانونية ويتحمل مسؤوليته أشخاص لا يشوب تاريخهم فساد ولا ممارسات متناقضة مع التي جاء بها وقدمها للجمع العام سواء في الجامعات الرياضية أو الأندية . في أغلب الأندية مع اقتراب انعقاد الجمع العام ،يبرز صراع داخلي يتم توظيفه من قبل المسؤولين أنفسهم أو ضد تيارات أخرى معارضة لسياسة التسيير والفساد المالي والإداري ،وانتهاكات حقيقية داخل الفريق ، لكن الأسف يملك الرئيس دائما وبحنكة ورقة رابحة وهي أنه اقرض الفريق من ماله الخاص مبلغا كبيرا ،هذه الورقة أصبحت عادة في أغلب الفرق ، الغرض منها تعجيز المرشحين الجدد لانتخابات الرئاسة ،( استعملها مؤخرا رئيس الوداد السابق ). واليوم لا ينكر أحد أن المغرب الفاسي مهدد وكل تاريخه وإرثه مهدد بسبب هذه النظرية الابتزازية، فالرئيس السيد بناني أعلن جهرا أنه سيعرض مجموعة من لاعبي الفريق إلى البيع بما يسمى " المزاد الرخيص " كما يقال لاسترجاع أمواله التي أقرضها للمغرب الفاسي . ولم يكتف بهذا بل دخل في مواجهات مع مكوّنات الفريق من سلطات محلية وجمعية الأنصار، مما خلق جوا كبيرا من ردود الفعل أهمها البلاغ الرسمي لجمعية النساء " الماصويات " تستنكر ما جاء من تصريحات أدلى بها رئيس الفريق في حق هذه الجمعية ،التي توعّدت باتخاد الإجراءات القانونية في حقه .وربما لا يعلم السيد بناني أن الفريق ليس ملكية خاصة ، وأن من سبقوه قدموا خدمات كبيرة وجهودا مالية من رزقهم ورزق أولادهم لأنهم ينتمون لهذه " الجمعية " الرياضية ويحبونها ، ليعلم السيد بناني أن بنزاكور رحمه الله كان مناضلا وأدخله الاستعمار السجن ، وتلقى عدة أوسمة ملكية " وسام الاستحقاق الرياضي " بسبب ما قدمه لميدان كرة القدم ، وبلخياط لم يطالب أهل فاس باسترجاع أمواله ، والمغرب الفاسي ساهم في تأسيس الجامعة الملكية وأول رئيس لها هو عمر بوستة الذي كان يرأس المغرب الفاسي كما ترأس الجامعة أيضا الزموري اللاعب السابق للفريق ،لا نذكر هنا عدد الألقاب التي تملآ خزانة تاريخ الفريق بل هنا نركز على " التسيير " ،فأي حق هذا في أيدي السيد بناني ليبيع هكذا لاعبي الفريق ؟ أي ضمير هذا يرتاح به السيد بناني لكي يشتت الفريق ويرحل ؟ لا يمكن أن يدعي أنه الوحيد المموّل للفريق ،والرأي العام ينتظر أن يكشف التقرير المالي في الجمع العام عن الدعم المالي الذي تلقاه من السلطات المحلية وأعيان المدينة ، ومن المجلس البلدي والجماعة الحضرية والولاية ومداخيل جانبية مثل المقهى التي يرعاها الفريق ،إذا كان الرئيس فعلا " نزيها " عليه أن يذكر الدعم سواء الرسمي أو غير الرسمي الذي تلقاه ،مقابل الوعود التي عرضها في مقدمتها أن يلعب الفريق الأدوار الطلائعية إلا أنه نجا بأعجوبة من النزول إلى القسم الموالي. لا يلام الرؤساء الذين يستعملون هذه الخروقات لأننا نجد هذه الوقائع المتكررة ناتجة عن الفراغ القانوني ،لأن منذ 2008 لم ترتق كرة القدم إلى الاحترافية بل تم تطبيق عقدة اللاعب فقط والفريق ولا يزال يعمل بقانون الجمعيات ،كما أن دستور 1962 و1996 قد انتهى العمل به بحلول الدستور الجديد للمغرب منذ 30 يونيو 2011 الذي أعطى أهمية للرياضة : الفصل 26 : ينص " على وضع حد للتسيير العشوائي والمرتجل ، ويحتم على تطوير الرياضة الذي ينبغي أن يكون على أسس ديموقراطية بقواعد وأسس مهنية مضبوطة وتطبيق آليات جديدة تعتمد على البرامج ومخططات احترافية واعتماد الحكامة الرياضية لتطبيق مبدأ الديموقراطية " هذا واضح وضوح الشمس لكل المسيرين الذين لا يزالون يمارسون بعقلية الارتجال وعدم المهنية ويغيبون الحكامة والديموقراطية. بالنسبة للسلطة التنفيذية هناك الفصل 31 : يشير إلى واجب الدولة والمؤسسات العمومية في تعبئة كل الوسائل من أجل استفادة المواطن من حق الممارسة الرياضية " لكن لحد الآن الدولة لم تقم بواجبها حيث لا تزال نصوص مقتضيات القانون المنظم للشركات الرياضية بين أيدي الأمانة العامة للحكومة . أمام كل الوقائع التي تعيشها الكثير من الأندية مع رؤسائها تفرض بعض التساؤلات طرحها : ما الجدوى من دسترة الرياضة إذا لم يتم التطبيق ؟ وماذا بعد الدسترة التي كانت الرياضة المغربية تنادي بها ؟ إن المغرب الفاسي وبكل مكوناته من جمعيات الأنصار والسلطات المحلية والجماعية وممثلين برلمانيين وكذا رجال المال ، مطالبون بالعمل الجماعي من أجل إيجاد الحلول وإنقاذ ما يمكن إنقاذه في انتظار تحويل الفريق إلى شركة رياضية محمية بالقوانين .