مخطط ممنهج تركي بمساندة قطرية لتمويل رجال دين وإعلام داخل السعودية وشن حملات عبر الإعلام الغربي لتشويه صورة المملكة. قطر تقوم بدور الوكالة في خدمة مصالح تركيا مثل خدمة حزب الله لمصالح إيران. علمت " العرب" أن أجهزة حكومية سعودية بدأت تحقيقًا حول النشاط السياسي التركي على أراضيها، وتتحدث أوساط حكومية عن اكتشاف السعودية لشبكة تروج للنشاط الإخواني مرتبطة بشخصيات تركية تعيش في المملكة وأن شبكة من الأتراك وجنسيات عربية مختلفة تعمل تحت أغطية أكاديمية وإعلامية وتتلقى تعليمات من مسؤولين أمنيين أتراك. وفي هذا السياق كشفت وثائق تركية تمكنت "العرب" من الاطلاع عليها عن مخطط تركي قطري لتحقيق غايات إخوانية بزعزعة أمن عدد من الدول الخليجية واستقرارها خاصة السعودية، والإمارات إضافة إلى مصر. وتحدثت الوثائق عن عمل ممنهج أعدته تركيا عبر مكتب رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان وبمساندة ماليةقطرية، ويشمل عددا من المستويات، منها السياسي والاجتماعي والإعلامي لإثارة القلاقل وزرع الفتن، وذلك بدعم رجال إعلام أتراك موجودين في المملكة، وعناصر أخرى تعيش في مناطق مختلفة من المملكة دون وضوح لأدوارها الوظيفية. وتسعى تركياوقطر في محور ثلاثي يكتمل بتنظيم الإخوان المسلمين عبر منهج ومخطط يرمي إلى تمويل رجال دين سعوديين وآخرين أتراك في الداخل السعودي إضافة إلى تمويل وتنظيم حملات عبر الإعلام الغربي لتشويه سمعة الدول الثلاث. ولا يقف هذا التحرك عند جانب معين، بل تدعم تركيا وذراعها قطر سياسيا مختلف الحركات والشخصيات المعارضة السعودية والإماراتية، بتهيئة الاستضافة لأعضاء التنظيمات المتهمة بالإرهاب والتحريض على العنف، وتمهّد لحضورهم عبر القنوات السياسية والإعلامية التركية والغربية كذلك. وأشارت الوثائق إلى أن الدولتين تقومان سوية وبطريقة ممنهجة بدعم ما تعتبرانه "الحقوق والحريات" من خلال تنظيم ملتقيات سنوية في تركيا داخل فنادق تملكها الحكومة القطرية، وتضم من بين حضورها أسماء حركية من عدد من دول الخليج. وتضمنت التقارير كشفا عن مؤتمرات إسطنبول المدعومة ماديا من الدوحة، ومنها مؤتمر "العالم في ظل الانقلاب على إرادة الشعوب" الذي حضرته أكثر من 200 منظمة وشخصية عربية وإسلامية ودولية من 22 دولة. وقد قام بتنظيم المؤتمر منتدى المفكرين المسلمين والمنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين وشركاؤهم وهي منظمات محسوبة على الإخوان. وأوصى المؤتمر بإنشاء مكتب تنسيقي لمناصرة الحريات والديمقراطيات والوقوف ضد الانقلاب على إرادة الشعوب كما هو شعار قناتي "الجزيرة" القطرية و" trt" التركية في دعمهما للإخوان. وتوضح التقارير التي أطلعت عليها "العرب" أن تركيا تسعى إلى أن تلعب قطر دور "حزب الله التركي" في المنطقة، وذلك بتحقيق رؤية أردوغان التوسعية، وتستفيد الخطة التركية من تمويل قطري لإنشاء قناة خاصة بالإخوان المسلمين، يجري العمل على جذب كوادر إعلامية لها تسمى بقناة "الشرق". وتعمل هيئات تنسيقية عديدة على حث الإعلاميين على وضع مواثيق إعلامية تصب في صالح العمل الإخواني موضع الالتزام، عبر أدوات التحفيز والتدريب والتشبيك التي تعزز الالتزام بالمبادئ والآليات المهنية والأخلاقية وهي جميعها تهدف إلى مناهضة الحكومة السعودية وإثارة البلبلة المجتمعية. وتعزز خططهم دعوة وسائل الإعلام إلى تطوير خطاب الحقوق والحريات من منظور إخواني، وخلق برامج تدريبية للإعلاميين الذين لهم إطلالة على وسائل الإعلام الغربية، وتقديم الإسناد اللازم للصحفيين الغربيين الذين يقومون بتغطية الأحداث بهدف تقريبهم للواقع و"إيصال الحقيقة للرأي العام الغربي". وأسست تركيا بمساندة قطرية مركزا خاصا للدراسات أسمته ب"سيتا" يعمل فيه باحثون يتهمهم السعوديون بالدعوة إلى كراهية دول الخليج والسعودية، مستهدفين في نتاج مركزهم توسعة الكذب الممنهج ومحاولة خلق خطاب سياسي لقيادة الشعوب. وحملت زيارات الأتراك إلى قطر والعكس، تكاملا كبيرا في أدوار كل منهما وخططهما، إذ تثبت التقارير أن الحكومة التركية تعتبر قطر الدولة الأقرب لها سياسيا وأيديولوجيا على مستوى المنطقة، ويتضح هذا في تطابق وجهات النظر الثنائية حول ملفات سياسية كثيرة على رأسها رعاية التنظيم العالمي للإخوان وتبنّيه والموقف من الأزمة السورية، والموقف المعارض للحكومة المصرية بعد يوليو 2013. وترى تركيا في تنسيقها السياسي عالي المستوى مع قطر مكسبا لها في ظل حالة العزوف السياسي الخليجي عن الأتراك إثر مواقفهم المختلفة بخصوص الشأن المصري، وهو ذات الأمر من قِبَلِ الجريح القطري الذي أعرضت عنه دول الخليج. وتستفيد تركيا أيضًا من قطر بخصوص أي دعم مالي يوجه إلى أفراد جماعة الإخوان المسلمين المقيمين في إسطنبول، ومن ثمة تستطيع النخبة الحاكمة التركية أن تواجه من يعارضون سياستها الخارجية ويدّعون عزلة تركيا بالحديث عن علاقات جيدة مع دولة خليجية مهمة مثل قطر.