دافعت الإدارة الأميركية أمام الكونغرس عن الاتفاقية الأمنية مع العراق التي لا يزال البرلمان العراقي يبحثها, وسط انقسام حاد بين الكتل السياسية رغم مصادقة الحكومة عليها. وقدم وزير الدفاع الأميركي ، روبرت غيتس, ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس , فحوى تلك الاتفاقية في جلسة مغلقة أمام أعضاء من مجلسي النواب والشيوخ , لتبديد مخاوف البعض بشأن مضامينها. وأعرب بعض أعضاء مجلس الشيوخ عن قلقهم إزاء تلك الاتفاقية التي تنص على انسحاب كلي للقوات الأميركية من العراق نهاية عام 2011. وقال بعض النواب إنهم لم يمنحوا الوقت الكافي للاطلاع على مضمون الاتفاقية , ولم يحاطوا علما بتفاصيل المفاوضات بشأنها. وانتقد عدد من النواب الأميركيين عدم توفر النسخة الإنجليزية النهائية لنص الاتفاقية واكتفائهم حاليا بترجمة غير رسمية طلب منهم ألا يطلعوا الرأي العام عليها. يشار إلى أن مصادقة الإدارة الأميركية على تلك الاتفاقية لا تحتاج إلى موافقة الكونغرس. في غضون ذلك ، يواصل البرلمان العراقي جلسات قراءة الاتفاقية ، حيث يفترض أن يكون قد التأم) أمس الخميس) في جلسة ثالثة بعد أن رفعت جلسة أول أمس بعد شجار حصل أثناء محاولة نائب عن التيار الصدري منع أحد نواب الائتلاف العراقي الموحد من قراءة نص الاتفاقية. وقد شهدت هذه الجلسة العديد من الاعتراضات على آلية النقاش ، وعلى الاتفاقية التي صادق عليها مجلس الوزراء ووقع عليها لاحقا وزير الخارجية هوشيار زيباري , والسفير الأميركي ببغداد, رايان كروكر. وقد حضر زيباري الجلسة , ودعا النواب العراقيين لتسريع مناقشاتهم للاتفاقية التي وصفها بالمصيرية، مشيرا إلى أنه لا داعي للشعور بأي قلق حيالها لعدم وجود أي بنود سرية فيها. لكن تلك الجلسة تعطلت بعد أن اقترب النائب في التيار الصدري, أحمد المسعودي, من النائب في الائتلاف العراقي الموحد ، حسن السنيد, أثناء قراءة الاتفاقية ، محاولا سحب النص من يده. كما حاول النواب الصدريون منع مواصلة القراءة من خلال الضرب على طاولاتهم. ويعكس ذلك المشهد جزءا من الانقسام الحاد في صفوف الكتل السياسية العراقية إزاء الاتفاقية، حيث حذر حزب «الفضيلة » من خطورة التصويت لصالحها. وتوقع حسن الشمري أحد نواب الحزب ألا تمر الاتفاقية بسهولة في ظل تقارب الكفة بين الكتل الرافضة لها والمؤيدة. كما استبق عدد من قياديي الكتل البرلمانية العراقية مناقشات البرلمان بخصوص الاتفاقية بإعلان تحفظهم عليها مرجحين عدم إقرارها، وبالتالي احتمال التوجه للحصول على تمديد تفويض مجلس الأمن الخاص بوجود القوات الأجنبية في البلاد لعام آخر. ورجح أسامة النجيفي -النائب عن القائمة العراقية- أن يفشل البرلمان في إقرار الاتفاقية إذا تم التصويت عليها بالثلثين أو الأغلبية، مشيرا إلى وجود رقم لا يستهان به من النواب الرافضين لها, لكنه لم يستبعد تمرير الاتفاقية بأصوات الأغلبية البسيطة. و أعلن كل من "المؤتمر القومي الإسلامي "و«المؤتمر القومي العربي » ، و«المؤتمر العام للأحزاب العربية»، استنكاره محاولات من سماهم أدوات الاحتلال الأميركي في العراق إطالة أمد هذا الاحتلال عبر تمرير الاتفاقية الأمنية. و اعتبر رئيس المركز الوثائقي للقانون الدولي الإنساني , عبد الحسين شعبان, أن الاتفاقية لا تشكل ضمانة حقيقية لأنها تتم أصلا بين طرفين غير متكافئين، أحدهما قوي والآخر ضعيف، الأمر الذي قد يؤدي إلى عواقب تضر بحاضر البلاد ومستقبلها.