تصدر الحوار الذي أجراه الأمين العام لحزب جبهة التحرير الجزائري الموالي لبوتفليقة مع "موقع كل شيء عن الجزائر" أمس، وأطلق خلاله عمار سعداني تصريحات نارية ضد الرقم الأول في جهاز المخابرات الجزائرية الجنرال "توفيق"، يطالبه بالاستقالة والكف عن حشر أنفه في مفاصل الحياة السياسية وصناعة القرار، ويتهمه بالفشل في تسيير الملفات التي تدخل في صلاحياته بامتياز، واجهة المشهد السياسي والإعلامي وخلق الحدث أمس في الجزائر. ويعكس الهجوم اللاذع والأول من نوعه، الذي شنه سعداني على قائد جهاز المخابرات، الجنرال محمد لمين مدين المعروف باسم توفيق الرجل القوي الذي يحكم قبضته على المخابرات الجزائرية منذ بداية 1990، في نظر محللين، خروج الصراع بين جماعة الرئاسة ومصالح المخابرات إلى العلن، من شأنه أن يتفاقم في المستقبل المنظور ليتحول إلى صدام مفتوح على كل الاحتمالات. وبالرجوع للظروف التي واكبت التصريحات، يرجح أن الرئيس الجزائري العليل عبد العزيز بوتفليقة، يواجه فعليا "مقاومة" قوية من طرف الفريق "توفيق"، بخصوص ترشحه لعهدة رئاسية رابعة. كما تكشف تصريحات سعداني، المحسوب على جماعة الرئيس، حقيقة ظلت مستترة عن الرأي العام الجزائري لسنوات طويلة، هي نهاية "شهر العسر" بين المؤسستين المسيطرتين على خيرات البلاد ومفاصل الدولة في الجزائر: الرئاسة والمخابرات. صراع محكم التدبير "من يحرك سعداني ؟ " سؤال طرحته وسائل إعلام محلية جزائرية، بشأن تصريحات سعداني واتهاماته الثقيلة ضد رأس المخابرات الجنرال توفيق، معتبرة أن سعداني، في خرجة إعلامية غير مسبوقة صادرة عن مسؤول حزب مثل جبهة التحرير، أقدم على ما لا يستطيع مسؤول آخر الإقدام عليه، وهو توجيه اتهامات خطيرة وبشكل مباشر وعلني إلى شخص رئيس جهاز الاستخبارات. وهو ما يؤكد في نظر مراقبين، أن خرجة سعداني أول أمس، لا يمكن بحال أن تكون ارتجالية، وإنما هي تستجيب لمخطط حرب تم الإعداد له بإحكام تشكل هذه التصريحات أولى خطواته الحاسمة. مشددة على أن التصريحات تعبّر عن مؤشر خطير يوحي بانقسامات عميقة على مستوى القمة بين الجناح الموالي للاستعلامات والجناح الموالي للفريق المقرّب من بوتفليقة والداعم لعهدة رابعة. تسخينات الرئاسيات ويستفهم متتبعون للشأن الجزائري عمّا يخفيه "التعويم الحالي للرئاسيات"، وكيف تتعاطى القواعد المساندة لبوتفليقة مع التردد المهيمن على مراكز القرار بشأن ترشح الرجل المريض من عدمه إلى رئاسيات 17 أبريل المقبلة. في ذات السياق، اعتبر عبد الغني التوهامي، المنسق العام لحملات بوتفليقة الاتتخابية سنوات 1999، 2004 و2009 . أن ثمة ما يمكن وصفها بسياسية فرض الأمر الواقع لا يمكن فهمها، معبرا عن استيائه من المعلومات التي تحدثت عن سحب بوتفليقة استمارات الترشح من الداخلية ويعتبرها "مجرد ادعاءات وفرض للقوة". وكانت السلطات الجزائرية منعت نهاية الأسبوع المنقضي، الرقم الثاني في الحزب المحظور علي بلحاج من الترشح، والذي احتج بكون المنع غير قانوني، محملا السلطات مسؤولية استغلال ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في قراءات ضيّقة لبعض مواده كالمادة 26 التي تنص على منع "ممارسة النشاط السياسي، بأي شكل من الأشكال على كل شخص مسؤول عن الاستعمال المغرض للدين الذي أفضى إلى المأساة الوطنيّة.