أعلن أمس السبت ، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني سعداني عمار، في تجمع حزبي ، تزكية حزبه رسميا ل عبد العزيز بوتفليقة، مرشحا لعهدة رابعة خلال الرئاسيات المقبلة المفترضة في أبريل 2014، واعتبر بأن الإنجازات التي قام بها الرئيس بوتفليقة، منذ توليه الحكم في العام 1999 في جميع الميادين كافية لأن يكون المرشح الأول للاستحقاقات الرئاسية القادمة. و كانت تصريحات سابقة للأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني ، قال فيها أن الرئيس بوتفليقة بادر بتحجيم لدور المخابرات في المشهد السياسي في البلاد قد أثار من جديد تساؤلات عدة حول حقيقة الخلاف الخفي بين قصر المرادية والمؤسسة الأمنية حول تسيير البلاد. و كان بوتفليقة قد باشر منتصف شهر شتنبر بطريقة فجائية تعديلا حكوميا عميقا أعاد قسريا ترتيب موازين القوى بهرم السلطة بالجزائر بشكل عضد من حضورالرئيس كشخصية محورية بالنظام و جسد سلطته الرئاسية المطلقة . و في غضون ذلك تحدثت تسريبات من محيط الرئيس أن هذا و بايعازمن شقيقه السعيد بوتفليقة الذي يتوفر على سلطات تدخل واسعة و غير معلنة في المجالات السياسية و الاقتصادية بالبلاد قد عمد الى عزل كل من مديري الأمن الداخلي و الخارجي و هما على التوالي الجنرال البشير بنطالب و العلالي ضمن ما يوصف بحرب قص أجنحة و تصفية تركة رئيس جهاز الأمن و الاستعلامات الفريق محمد لمين مدين المعروف باسم " توفيق " و الذي يعتبر أقوى شخصية عسكرية بالجزائر و يوصف بصانع الرؤساء الجزائريين المتعاقبين على قيادة البلاد منذ عهد الراحل الشاذلي بن جديد . و يندرج مخطط بوتفليقة حسب المحللين و الذي إنطلق مع التعديل الحكومي الأخير الذي تخلص من خلاله الرئيس من أبرز خصومه المفترضين و المحتملين و في مقدمتهم رئيس أركان الجيش و نائب وزير الدفاع اللواء عبد المالك قنايزية الجنرال القوي بالمؤسسة العسكرية والذي خلفه الفريق أحمد قايد صالح المقرب من بوتفليقة ضمن مسعى لطي صفحة الجنرال توفيق و الحد من نفوذه القوي خاصة بعد أن تناهى الى علم الرئيس المريض أن الجنرال القوي لا يؤيد طموح بوتفليقة في الحصول على ولاية رئاسية جديدة أو على الأقل تمديد عهدته المنتهية لسنتين إضافيتين عبر تعديل دستوري صوري يتم تمريره فقط عبر تصويت البرلمان الجزائري . و في الوقت الذي يؤكد فيه المتتبعون أن الجنرال توفيق الذي يملك العديد من أوراق الضغط و التحكم في المشهد السياسي و الأمني و الاجتماعي للبلاد لن يستسلم بسهولة لارادة الرئيس الماضية قدما في إحتضان المؤسسة العسكرية النافذة و ضمها الى جناحه تمهيدا لتبرير تجديد رابع لولايته الرئاسية , ما فتىء جزء واسع من الاعلام الجزائري الذي ما زال وفيا لأولياء نعمته بالمؤسسة العسكرية التي يشكل الجنرال القوي جزءا مهما منها , ما فتىء يخذم علنا أجندة الجنرالات عبر تأليب الرأي العام الجزائري ضمنيا ضد فكرة تجديد أو تمديد عهدة الرئيس الجزائري و يهاجم باستماتة الشخصيات السياسية التي عبرت عن دعمها لطموحات بوتفليقة . و في هذا السياق يرى المحلل السياسي الجزائري و العقيد المتقاعد من الجيش أحمد عظيمي، أن عمار سعداني الذي صرح فيما قبل بأن الرئيس بوتفليقة مقبل على تعديلات دستورية، من شأنها إنهاء صلاحيات جهاز المخابرات ودوره في صناعة الرؤساء، يثير أكثر من مشكلة، ويعتبر بمثابة "إهانة" للرئيس نفسه، وتساءل عظيمي عبر صفحات جريدة الشروق المقربة من الجنرالات "عمّا إذا كان سعداني أو الذين أمروه بالكلام يدركون حجم خطورة تصريح كهذا. و صلة بالموضوع إنخرط رئيس جبهة المستقبل و القيادي السابق بجبهة التحرير عبد العزيز بلعيد في جوقة المدافعين عن الجيش ضد الأمين العام لجبهة التحرير حيث عبر في تصريح نشرته صحيفة الخبرعن رفضه الحديث عن _سيطرة مديرية الاستعلام والأمن على الساحة السياسية والإعلامية_. وشدد على أن الإدارة هي _اللاعب الرئيسي في ضبط الحياة السياسية في بلادنا، والمتورط الرئيسي في عمليات التزوير التي طالت كل العمليات الانتخابية . القيادي السابق بجبهة التحرير حذر ، من _الانعكاسات السلبية_ للتصريحات التي تتحدث عن وجود صراعات بين مؤسسات الدولة، أي الرئاسة، وجهاز المخابرات، وأضاف: _لما نتكلم عن الصراعات فهذا لا يعني إضعاف جهة من الجهات، بل إضعاف للجزائر_. مبرزا أن المؤسسة العسكرية _واقفة بكل فروعها العسكرية والأمنية_. و متحدثا عن البلاد ك_جزائر تفتقد لاستقرار_ أو تتمتع ب_استقرار وهمي_، و_عمليات إنفاق للأموال بدون رقيب أو حسيب، بشكل يرهن المستقبل والوضع السياسي للبلاد_. وأن _الولاء في الجزائر أصبح للأشخاص وليس للمؤسسات والوطن صراع أجنحة السلطة المتأجج بين الرئاسة و فلول الجنرالات التي ما زالت تتحكم في رقعة واسعة و مؤثرة من المشهد السياسي الجزائري مفتوح حتما على سيناريوهات متعددة أبرزها سقوط الجنرالات و إعادة بناء مقومات الجمهورية الجزائرية على أسس جديدة أو مغايرة أو سقوط بوتفليقة نفسه بضربة قاضية و متوقعة من طرف مؤسسة الجيش التي لن تقبل أن تتخلى عن الامتيازات و النفوذ التي راكمتها طيلة نصف قرن من تاريخ الجزائر المستقلة .