يواجه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مشكلين عويصين، إذا أراد فعلا الاستمرار في حكم بلاده خمس سنوات أخرى. الأول يفرضه القانون المدني الذي ينص على أن التعبير عن إرادة الترشح للرئاسة في هذه الحالة، يكون باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة. والثاني يثيره قانون الانتخابات الجزائري الذي يلزمه بإيداع ملف ترشحه بنفسه بالمجلس الدستوري. فالترشح لأي استحقاق انتخابي هو علاقة بين المترشح والناخبين، وعليه ينبغي أن يطلب بوتفليقة بنفسه صوت الناخبين لا أن يقوم بذلك أشخاص آخرون نيابة عنه. أما ما يجري حاليا، فهو أن قادة أحزاب ومنظمات مرتبطين بالسلطة دعوه إلى الترشح، ولكن لا أحد يعلم إن كان هؤلاء يعبّرون عن أمنية، أم أنهم ينقلون رغبة بوتفليقة في الترشح بصفة مباشرة، أم أنهم يتحدثون بإيعاز من جهة قريبة من سابع رؤساء المرادية. وعلى عكس ما يجري بمناسبة هذه الانتخابات، أعلن بوتفليقة في انتخابات 2004 بنفسه وبشكل صريح أنه سيترشح. ومثل ذلك في استحقاقات 2009 التي أعلن خلالها أنه يريد عهدة ثالثة، وقبلها بثلاثة أشهر أعطى مؤشرا على رغبته الاستمرار في الحكم عندما عدّل الدستور. والفرق بين المواعيد السياسية الثلاثة المذكورة، هو أن الرئيس الجزائري هذه المرة مريض ومقعد على كرسي متحرك ولا يقوى على الكلام، والدليل القاطع هو صور آخر مجلس للوزراء، وبخاصة الصورة التي ظهر فيها وهو يمضي قانون المالية 2014. وإذا أراد بوتفليقة تمديد حكمه إلى أكثر من 15 سنة، فلا بد أن يصطدم بالمادة 136 من القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، التي تقول إن التصريح بالترشح للرئاسة يتم بإيداع طلب التسجيل لدى المجلس الدستوري مقابل وصل، ويتكون ملف الترشح من 14 وثيقة من بينها شهادة طبية. وفي هذه الحالة هل يمكن تصوّر بوتفليقة ينزل من السيارة أمام مدخل مبنى المجلس الدستوري حاملا ملف ترشحه بنفسه ليسلمه لرئيسه؟ وهل سيحترم الرئيس هذه المحطة المفروضة قانونا، وهل سيظهر في الصور وهو يؤدي هذا النشاط، أم سيعلن عنه بدون صور؟ وأمام هذه التحديات التي تواجه الرئيس العليل، الذي يعاني من هشاشة بدنية، يمكن اعتبار ترشحه بالوكالة، كما هو جار حاليا على ألسنة الموالين له، تجاوزا صريحا للقانون الذي يلزم المترشح أن يطلب المنصب بنفسه، لا أن يطلبه له آخرون. ومادام أن آخر صور له وهو يستقبل رئيس مالي أظهرت بوضوح أن حالته الصحية لم تتحسن، فإن بوتفليقة اليوم في حالة شخص عاجز من الدرجة الثالثة في منظور قوانين الضمان الاجتماعي الجزائري، طالما أنه بحاجة إلى مساعدة شخص آخر. فكيف يمكن لمن هذه حالته أن يسر بلادا من حجم الجزائر؟