أكدت آخر التقارير الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط، أن أزمة السيولة البنكية التي يعرفها المغرب تفاقمت بشكل خطير خلال الثلث الأخير من سنة 2013، مضيفة أن الموجودات الخارجية وعمليات الخزينة عرفت انخفاضا حادا أثر بشكل سلبي على السيولة البنكية. وفي توقعاتها لشهر يناير الجاري أوضحت المندوبية، أن المعروض من الكتلة النقدية لتعديل الآثار الموسمية ارتفع بما قدره 1,4 في المائة خلال الربع الأخير من السنة الفارطة، ومن شأنه أن يزيد بما قدره 0,9 في المائة خلال الثلث الأول من السنة الجارية. وخلافا للتحسن النسبي الذي عرفه الثلث الثاني من سنة 2013، فقد أشار التقرير إلى تفاقم عجز الخزينة من السيولة بما يزيد عن 17,2 مليار درهم ليصل إلى 76,7 مليار درهم خلال الثلث الأخير من نفس السنة، مضيفا أن معدلات الفائدة الرئيسية ظلت ثابتة، في حين شهدت أسعار الفائدة بين الأبناك وأسعار الفائدة عن سندات الخزينة ارتفاعا طفيفا خلال الفترة ذاتها. حول هذه المعطيات يرى المحلل الاقتصادي، نجيب أقصبي، أن مثل هذه المشاكل على خطورتها لم تعد تشكل جديدا بالنسبة للمتتبع لوتيرة الاقتصاد المغربي، لأنها أصبحت داخلة في العمق البنيوي للبرنامج الحكومي. مضيفا في تصريحات ل"العلم" أن مفهوم العجز البنيوي المتعلق بمكونات الموارد المخصصة للميزانية، يُظهر أن الموارد الطبيعية لبلد كالمغرب التي من المفروض أن تغطي 85 في المائة من النفقات العمومية لا تغطي فعليا سوى أقل من 60 في المائة. وهو ما يؤكده رقم 59 في المائة المرصود لهذه النفقات ضمن قانون المالية 2014، ما يفرض برأي ذات المحلل، أن 40 في المائة من الموارد تظل رهينة بالاستدانة من الخارج، التي يتنبأ أن الحكومة ستلجأ إليها عدة مرات خلال هذه السنة لحل أزماتها. ذلك بغض الطرف عن العجز المبرمج أو عائدات الفوسفاط والهبات والمساعدات الدولية وغيرها من الموارد الثانوية، التي لا تتجاوز مجتمعة 7 في المائة من النفقات في أحسن الأحوال. وكحل بديل، يشدد أقصبي، على ضرورات التعجيل بالإصلاحات بما فيها الإصلاح الضريبي وإصلاح صندوق المقاصة وصناديق التقاعد وغيرها من الإصلاحات التي ينبغي أن تشكل أولوية بالنسبة للحكومة، مضيفا أن كل يوم يمر له كلفة عالية على البلاد وله آثار خطيرة مستقبلا. وهو ما يطرح بحسبه دائما، سؤال امتلاك ليس فقط الإرادة ولكن أيضا القدرة السياسية وبعد النظر وإمكانية الوصول إلى تكتل سياسي من أجل الإصلاح.