بدأ التشاؤم يدب الى نفوس الفلاحين جراء تأخر الأمطار الخريفية عن موعدها المعتاد في الوقت الذي تفيد فيه بيانات التوقعات المناخية للأيام المقبلة أن موجة الجو الصحو و الجاف ستتواصل على الأقل طيلة الأسبوع القادم متأثرة بالمرتفع الأصوري المتمركز بعرض الاطلسي و الذي يمنع عادة التيارات الرطبة القادمة من الشمال و الغرب من التوغل الى التراب الوطني . ومقارنة مع الموسم الفلاحي للسنة الماضية ، الذي سجل فائضا في التساقطات الى حدود نهاية شهر أكتوبر، قدر بقرابة 50 في المائة مقارنة مع موسم عادي ، فإن تأخر الأمطار الخريفية التي تعتبر مصيرية و هامة لانطلاق عملية الحرث التي تهم زهاء 4 ملايين هكتار من الأراضي البورية ، يرهن بشكل مباشر الانطلاقة الفعلية لموسم الحرث الذي يسجل في الظرف الراهن تأخرا يمتد لأسابيع بمعظم مناطق المملكة . الموسم الفلاحي المغربي الذي تعطى إنطلاقته عادة في شهر شتنبر يظل رهينا بالتساقطات المطرية الخريفية التي تساهم في تليين و ترطيب التربة و إعدادها لعملية الحرث في الوقت الذي تنشط أمطار آخر الفصل عملية الانبات و تحصن الزرع من تأثير البرودة و الصقيع الشتوي . التقلبات القصوى و المتطرفة للمناخ بالمغرب، بين مواسم متعارضة شهدت توالي الفيضانات ثم تفشي الصقيع و البرودة ، ثم تباشير الموسم الجاف التي تهدد الموسم الجاري ، أصبحت تطرح على الحكومة مسؤولية تكييف درجة و مستوى تعاطيها مع جزء هام من ساكنة المملكة ومع الأجندة الفلاحية الوطنية على إعتبار أن معطى شح التساقطات و عدم انتظامها في الزمان و انتشارها الجغرافي و التضاريسي المتفاوت ، كلها معطيات تجعل المملكة في قلب التأثيرات السلبية لظاهرة التحول المناخي بالعالم و تحول ظاهرة الجفاف و الخصاص الى معطى بنيوي قائم .