مقر الفيفا الأفريقي في المغرب.. قرار يعزز موقع المملكة على خارطة كرة القدم العالمية    المكتب المديري للرجاء يتخذ قرارات جديدة لتصحيح المسار    كيوسك الأربعاء | نسبة الأسر التي ترأسها النساء بالمغرب ارتفعت إلى 19.2 % سنة 2024    حماس تصف محادثات الدوحة حول الهدنة بأنها "جادة وإيجابية" وإسرائيل تنفي توجه نتانياهو للقاهرة    المغرب يتجه نحو الريادة في الطاقة المتجددة... استثمارات ضخمة    هل تساهم كميات اللحوم المستوردة في خفض الأسعار بالسوق الوطنية؟    كأس إيطاليا: يوفنتوس يفوز على كالياري برياعية ويتأهل لربع النهاية    الكعبي عقب استبعاده من جوائز الكرة الذهبية: "اشتغلت بجد وفوجئت بغيابي عن قائمة المرشحين"    شباب مغاربة يقترحون حلولا مبتكرة للإجهاد المائي        مسجد سوريا بطنجة.. معلم تاريخي يربط المغرب بدمشق صومعته تشكل الاستثناء وصممت على النمط الأموي    ضحايا في حادث مروع بالدار البيضاء إثر اصطدام شاحنة بمحطة ترامواي    دبي تطلق خدمة التوصيل بالطائرات بدون طيار الأولى من نوعها في الشرق الأوسط    كيفية تثبيت تطبيق الهاتف المحمول MelBet: سهولة التثبيت والعديد من الخيارات    والي بنك المغرب يعلن الانتهاء من إعداد مشروع قانون "العملات الرقمية"    "هيئة تحرير الشام" تخطط للمستقبل    8 قتلى في حادثتين بالحوز ومراكش    27 قتيلا و2502 جريحا حصيلة حوادث السير بالمناطق الحضرية خلال الأسبوع المنصرم    قطاع الطيران... انطلاق أشغال بناء المصنع الجديد لتريلبورغ    بنك المغرب يخفض سعر فائدته الرئيسي إلى 2,5 في المائة    فينيسيوس أفضل لاعب في العالم وأنشيلوتي أحسن مدرب    جوائز "الأفضل" للفيفا.. البرازيلي فينيسيوس يتوج بلقب عام 2024    تشييع رسمي لجثمان شهيد الواجب بمسقط رأسه في أبي الجعد    المغرب والسعودية يوقعان بالرياض مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مجالات التحول الرقمي الحكومي    القنيطرة.. افتتاح معرض لإشاعة ثقافة التهادي بمنتوجات الصناعة التقليدية    إحصاء 2024: الدارجة تستعمل أكثر من الريفية في الناظور    صحيفة 'لوفيغارو': المغرب يتموقع كوجهة رئيسية للسياحة العالمية    رسمياً.. المغرب يصوت لأول مرة بالأمم المتحدة على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام    فيفا ينظم بيع تذاكر كأس العالم للأندية‬    العام الثقافي 'قطر-المغرب 2024': الأميرة للا حسناء وسعادة الشيخة سارة تترأسان بالدوحة عرضا لفن التبوريدة    مجلس الشيوخ الشيلي يدعم مبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية (سيناتور شيلي)    المغرب "شريك أساسي وموثوق" للاتحاد الأوروبي (مفوضة أوروبية)    كلمة الأستاذ إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، خلال اجتماع اللجنة الإفريقية للأممية الاشتراكية    ردود فعل غاضبة من نشطاء الحركة الأمازيغية تُشكك في نتائج بنموسى حول نسبة الناطقين بالأمازيغية    لماذا لا تريد موريتانيا تصفية نزاع الصحراء المفتعل؟    الأميرة للا حسناء تترأس عرض التبوريدة    النظام الأساسي لموظفي إدارة السجون على طاولة مجلس الحكومة    دفاع الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال يؤكد أن وضعه الصحي في خطر    كنزي كسّاب من عالم الجمال إلى عالم التمثيل    حاتم عمور يطلب من جمهوره عدم التصويت له في "عراق أواردز"        السينما الإسبانية تُودّع أيقونتها ماريسا باريديس عن 78 عامًا    سرطان المرارة .. مرض نادر يُشخّص في المراحل المتقدمة    ماكرون سيعلن الحداد الوطني بعد إعصار شيدو المدمر في أرخبيل مايوت    زلزال عنيف يضرب أرخبيل فانواتو بالمحيط الهادي    الصين تعارض زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الصينية    السفير الدهر: الجزائر تعيش أزمة هوية .. وغياب سردية وطنية يحفز اللصوصية    لماذا لا يستطيع التابع أن يتحرر؟    عن العُرس الرّيفي والتطريّة والفارس المغوار    علماء يكتشفون فصيلة "خارقة" من البشر لا يحتاجون للنوم لساعات طويلة    بريطاني أدمن "المراهنات الرياضية" بسبب تناول دواء    دراسة: الاكتئاب مرتبط بأمراض القلب عند النساء    باحثون يابانيون يختبرون عقارا رائدا يجعل الأسنان تنمو من جديد    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب بسوريا في معادلة الصراع بعالم متغير
تعثر المشروع الأمريكي على حافة هاوية حرب عالمية
نشر في العلم يوم 16 - 09 - 2013

يقدر عدد كبير من المراقبين أن الإتفاق الروسي الأمريكي حول السلاح الكيميائي السوري الذي تم في جنيف يوم السبت 14 سبتمبر 2013 قد أبعد العالم على الأقل لفترة عن حافة هاوية حرب إقليمية كان من الممكن أن تتحول إلى حرب عالمية ثالثة، كما يقدرون أن الإتفاق كشف عن تقلص القدرة الأمريكية على التصرف بحرية مطلقة على الساحة الدولية وأعاد لروسيا دورها كقوة عظمى بعد سنوات من إنفراد واشنطن بدور دركي العالم.
يوم 12 سبتمبر كشفت صحيفة "السفير" اللبنانية النقاب عن إسقاط أجهزة الدفاعات الجوية الروسية الموجودة على سفن أسطولها في المتوسط صاروخين باليستيين كانا موجهين نحو سوريا، اطلقتهما الولايات المتحدة.
ونقلت "السفير" عن مصدر دبلوماسي وصفته بانه واسع الاطلاع "ان الحرب الامريكية على سوريا بدأت وانتهت لحظة اطلاق الصاروخين الباليستيين اللذين بقيا محل تضارب في المعلومات بين نفي اسرائيلي وتأكيد روسي، وصولا الى خروج بيان اسرائيلي يتحدث عن انهما أطلقا في اطار مناورة اسرائيلية امريكية مشتركة لتجربة وسائل الدفاع ضد الهجمات الصاروخية، وسقطا في البحر، ولا علاقة لهما بالازمة السورية".
ويفصح المصدر ان "هذين الصاروخين اطلقتهما القوات الامريكية من قاعدة تابعة لحلف شمال الاطلسي، وكشفتهما الرادارات الروسية فورا، حيث قامت الدفاعات الروسية بمواجهتهما، فتم تفجير احدهما في الجو في حين تم حرف الصاروخ الآخر عن مساره وإسقط في البحر".
وتضيف السفير اللبنانية "أنه ولتجنب المزيد من الارباك الأمريكي، وبعدما نفت اسرائيل علمها باطلاق الصاروخين في بيانها الأول، وهو الذي يعبر عن الحقيقة، طلبت واشنطن من تل ابيب تبني اطلاق الصاروخين بما يحفظ ماء وجه أمريكا أمام المجتمع الدولي، خصوصا ان الصاروخين كانا باكورة العدوان الأمريكي على سوريا، وايذانا بانطلاق شرارة العمليات العسكرية، بحيث كان من المفترض ان يذهب الرئيس الأمريكي باراك اوباما إلى قمة مجموعة العشرين في روسيا للتفاوض على رأس الرئيس السوري بشار الاسد".
واشار المصدر إلى أنه "بعد المواجهة الصاروخية الأمريكية الروسية، عمدت موسكو الى زيادة عديد مستشاريها وخبرائها العسكريين في سوريا، كما دفعت بالمزيد من القطع الحربية تعزيزا لتواجدها العسكري في المتوسط، واختارت توقيت الاعلان عن مبادرتها بشأن وقف العدوان على سوريا بعد قمة العشرين، بعدما جرت كولسة معمقة حولها على هامش القمة، التي اعقبتها زيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم، حيث تم صوغ المخرج مع الجانب الروسي بشكل أفضى إلى اعلان سوري بالموافقة على المبادرة الروسية، لجهة وضع السلاح الكيميائي السوري تحت اشراف دولي، واستعداد سوريا للانضمام الى معاهدة منع انتشار السلاح الكيميائي".
رواية الجانب الإسرائيلي إختلفت مع ما نشرته السفير، حيث أكدت إطلاق صواريخ باليستية في شرق المتوسط وذلك بعد وقت قليل من إعلان تل أبيب على لسان المتحدث الرسمى بإسم الجيش الإسرائيلى يوآف مردخاى، أن وزارة الدفاع ليست على علم بإطلاق أى صاروخ فى شرق البحر المتوسط. صحيفة يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية ذكرت أن إسرائيل اضطرت للاعتراف بإطلاق الصواريخ بعد تأكيد روسيا إطلاق صاروخين من طراز "سابرو" وسقوطهمها فى البحر الأبيض المتوسط صباح يوم الثلاثاء 3 سبتمبر، مشيرة إلى أن الرادارات الروسية اكتشفت مسار الصواريخ بعد لحظات من إطلاقهما.
يديعوت ذكرت وفي نطاق الرواية الرسمية أن إطلاق الصواريخ كان لاختبار نظام "آرو" المضاد للصواريخ، وذلك بالتعاون مع الوكالة الأمريكية للدفاع الصاروخى. وزارة الدفاع الأمريكية قالت أن التجربة الصاروخية لا علاقة لها بالضربة العسكرية الامريكية المحتملة ضد النظام السوري.
وكانت وكالات الأنباء قد نقلت عن وزارة الدفاع الروسية أن الصاروخين البالستيين اللذان تم رصدهما عبر نظام الإنذار المبكر الروسي المتقدم "سقطا في البحر المتوسط"، مرجحة أن تكون سفينة أمريكية هي من نفذ عملية الإطلاق بهدف الإستطلاع.
الإذاعة العامة الإسرائيلية قالت أن الوزارة الروسية أشارت إلى أن الصاروخين أطلقا من وسط البحر المتوسط وليس من إسرائيل وأن منظومة الإنذار المبكر فى منطقة "أرمافير" جنوب روسيا هى التى رصدتهما، مضيفة أن وزير الدفاع الروسى سيرجى شويجو أطلع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على هذا الحادث.
في نفس التوقيت أوضح مصدر عسكرى روسى لوكالة أنباء "نوفستى" بأن سفينة استطلاع روسية تابعة لأسطول البحر الأسود، تتوجه إلى البحر المتوسط لتعزيز رصد كل صواريخ أو طائرات تتوجه نحو سوريا أو لبنان، مضيفا أن موسكو تريد أن تعرف ماذا يحدث فى هذه المنطقة المحورية التى توليها روسيا جل اهتمامها.
وتتمركز منذ أشهر سفن حربية روسية في شرق المتوسط حيث تقوم بدوريات منذ بداية الازمة السورية قبل سنتين ونصف السنة. وتمد روسيا النظام السوري بالاسلحة، وهي تستخدم منذ العهد السوفياتي قاعدة مرفأ طرطوس العسكرية على بعد 220 كلم شمال دمشق.
السفارة الروسية فى دمشق أعلنت أنه ليس هناك أى مؤشر على هجوم صاروخى أو انفجارات فى دمشق بعد رصد إطلاق الصاروخين.
وسط هذا التضارب في الأخبار ذكرت مصادر رصد ألمانية أن الصاروخين سواء أطلقا من إسرائيل أو من قواعد خارجها كان الهدف منهما أولا إمتحان جاهزية وقدرة أجهزة الدفاع السورية المعززة بدعم روسي وكذلك وثانيا استهداف الرئيس بشار الأسد وكبار قادته العسكريين خلال إجتماع لهم في دمشق يوم الثلاثاء 3 سبتمبر 2013.
إنقاذ أوباما
إذا كان الرأي الغالب في الوقت الراهن هو أن إتفاق جنيف أبعد شبح مواجهة دولية، فإن المراقبين والمحللين يختلفون فيما يخص الأطراف الرابحة أو الخاسرة مؤقتا أو مرحليا من الصفقة سواء عالميا أو إقليميا أو محليا على الصعيد الداخلي في منطقة الشام والشرق الأوسط.
هناك من قدر أن تدخل موسكو لإيجاد تسوية أنقذ الرئيس الأمريكي أوباما من الفشل في تنفيذ تهديده بضرب سوريا، حيث أنه كان من المرجح أن يخسر رهانه في الحصول على تأييد الكونغرس لشن العمل العسكري، كما جنب حليفه رئيس فرنسا الدخول في معركة خاسرة مع الجمعية الوطنية حول سلطاته لشن حرب يعارضها الفرنسيون.
في المنطقة العربية وخارجها كذلك قدر محللون أن موسكو أهدت لإسرائيل وأمريكا وحلفائهما كسبا لم يكن يحلمون به وهو تجريد سوريا من سلاح ردع وصف عالميا بسلاح الفقراء الذين يسعون به لمواجهة التهديدات النابعة من إمتلاك خصومهم للأسلحة النووية. في حين رد معارضون بالقول أن السلاح الكيميائي والجرثومي سهل التصنيع والإخفاء وأن التضحية بترسانة سوريا الكيميائية مرحليا ليست نهاية المطاف في إمتلاك سلاح يردع جزء من قدرات إسرائيل النووية، كما أن الصفقة تشكل سلاحا ذو حدين لأنه قد يمس قدرات إسرائيل فيما يخص السلاح الكيميائي وخاصة أن تل أبيب لم تصادق على الإتفاقية الدولية لحظر هذا السلاح.
كتبت صحيفة هآرتس الإسرائيلية يوم 15 سبتمبر خلال الاسبوع الأول من هذا الشهر نشرت مجلة "فورين بوليسي" وثائق من أرشيف وكالة الاستخبارات المركزية تناولت قصة اسرائيل مع السلاح الكيميائي. وبدأوا في وزارة الخارجية يستعدون لاحتمال أن يثار هذا الشأن للنقاش في وسائل الاعلام الدولية، ونقلوا إلى مفوضيات اسرائيل في العالم ورقة رسائل قصيرة في هذا الشأن. ووجه الدبلوماسيون بسبب الحساسية الى استعمال الرسائل اذا سئلوا فقط.
بدأ النظام السوري في الايام الاخيرة يشير، بعد موافقته على التجرد من السلاح الكيميائي، الى أنه يجب أن تطرح للنقاش مخزونات السلاح الكيميائي الذي تملكه اسرائيل، بحسب منشورات اجنبية. وقال سفير سوريا في الامم المتحدة بشار الجعفري للمراسلين الصحافيين، إن سوريا لا تشترط هذا لكنها تعتقد أنه يجب على اسرائيل ايضا أن توافق على ميثاق حظر السلاح الكيميائي. وقال: "اذا كان يوجد خطر سلاح إبادة جماعية فهو السلاح الذي لدى اسرائيل. إن لإسرائيل سلاحا كيميائيا لكن لا أحد في العالم يتحدث عن ذلك".
وترفض الادارة الامريكية على رؤوس الأشهاد على الأقل كل محاولة للربط بين السلاح الكيميائي لسوريا وذلك الموجود في اسرائيل في ظاهر الأمر. ويوم الجمعة 13 سبتمبر حينما كانت المباحثات في جنيف بين كيري ونظيره الروسي لافروف في ذروتها، سأل مراسل صحيفة "وول ستريت جورنال"، جي سولمون، متحدثة وزارة الخارجية الامريكية جنيفر ساكي، عن ذلك، فقالت: "لا نقبل محاولات النظام السوري أن يقارن نفسه باسرائيل. فاسرائيل هي ديمقراطية زاهرة لا تذبح بصورة وحشية ولا تستعمل الغاز على مواطنيها هي".
وقعت اسرائيل على ميثاق منع انتشار السلاح الكيميائي في 1993، وكان الذي قاد المسيرة في ذلك الحين المدير العام لوزارة الدفاع دافيد عبري بدعم من رئيس الوزراء آنذاك اسحق رابين وكثيرين في جهاز الامن. لكن الحكومة أو الكنيست لم تصادقا قط على هذا الميثاق وبذلك لم تخضع اسرائيل نفسها لقيوده ولطلب القضاء فورا على كل مخزونات السلاح الكيميائي الذي تملكه.
الصحيفة الصهيونية أضافت أن الردع الاسرائيلي يقوم على غموضه الذري وعلى القنابل الذرية التي صنعت في ديمونة بحسب منشورات اجنبية لا على الغاز السام الذي طور أو لم يطور في المعهد البيولوجي في نيس تسيونا.
خيبة أمل
العديد من الأوساط الإسرائيلية وغيرها صدمت بالإتفاق الروسي الأمريكي بعد أن كانت قد راهنت على التخلص من نظام الأسد بفضل الضربة العسكرية الأمريكية الفرنسية الذي قيل أنها ستتم خلال الشهر التاسع من سنة 2013.
ذكرت صحيفة معاريف في عددها ليوم الأحد 15 سبتمبر: "المسيرة التي في اطارها تحولت النية الامريكية للهجوم على سوريا الى مفاوضات على تسوية تضمن، كما يبدو، استمرار حكم بشار الاسد صعب جدا فهمها من زاوية نظر اسرائيلية. ومحادثات مع اصحاب القرار ومحافل اسرائيلية، جرت في الاسابيع الاخيرة في واشنطن وفي لندن، تضيء الصورة بشكل اوضح.
في السطر الاخير يبدو هذا على النحو التالي: باراك اوباما اعتزم حقا الهجوم على سوريا، كل الاستعدادات والتنسيقات مع محافل في اسرائيل وفي فرنسا جرت تمهيدا للهجوم. وقد بدا هذا كخطوة عسكرية سهلة حتى اكثر من الهجوم الجوي الذي قام به حلف الناتو وصفى به حاكم ليبيا معمر القذافي قبل نحو سنتين فقط. غير أنه في الطريق من الاحاديث في البيت الابيض الى التنفيذ من قبل حاملات الطائرات بدا أن شيئا ما تغير.
الأمر الأول الذي تغير هو الموقف الروسي، فقد شعرت روسيا بانها مخدوعة من خطوة حلف الناتو ضد القذافي، وقررت انها لن تسمح بمزيد من الخطوات احادية الجانب من العالم الغربي، تغير فيها أنظمة الحكم. وفضلا عن ذلك، فان للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مصلحة هائلة في اظهار انه يقف الى جانب الاسد.
في السنتين الماضيتين منذ تصفية القذافي، وروسيا تشهد تقدما اقتصاديا وتصاعدا في نفوذها السياسي في العالم. مقارنة بها، فان الولايات المتحدة وبريطانيا في حالة هبوط. ولا تخجل محافل امريكية من الاعتراف بأنه يتزايد جدا الميل الامريكي الى الانعزال التقليدي الذي بموجبه ينبغي ان ينظر الى التطورات خلف المحيط كمواضيع "ليست من شأننا". "فصدمة العراق وافغانستان لاذعة، والجدال السياسي متواصل. وفي بريطانيا أيضا انشغلت العناوين الرئيسة حتى الاسبوع الماضي، في التحقيقات في اخفاق الجيش البريطاني في العراق وافغانستان، اكثر من الكلام عن اي قتال حيال نظام الاسد. والحجج مع العمل في سوريا تستقبل بعدم ثقة. والعلاقات بين محافل في جهاز الامن الاسرائيلي ونظرائهم في بريطانيا وفي الولايات المتحدة متميزة اليوم أكثر من أي وقت مضى، وفي احاديث لغير الاقتباس يبدو قدر من الحسد لاسرائيل التي تعرف ظاهرا كيف تتحرك من خلف خطوطها الحمراء (في الولايات المتحدة وفي بريطانيا يتعاطون كحقيقة ناجزة مع التقارير في وسائل الاعلام العالمية التي تتحدث عن أن اسرائيل هاجمت سوريا منذ بداية 2013 أربع مرات على الاقل كي تصفي ارساليات سلاح ذات مغزى استراتيجي).
في هذا الواقع فان الحرب حول الهجوم على سوريا تتداول حتى الان في الرأي العام، ولا سيما في الولايات المتحدة. فقد هاجم اوباما هناك المرة تلو الاخرى وبوتين ايضا، كتب مقالا خاصا ل"نيويورك تايمز" في نهاية الاسبوع، وكذا الاسد، الذي وقف في كلمة تلفزيونية نادرة. في ضوء كل هذا، فان التسوية التي يتحدثون عنها الان هي المخرج الافضل لكل الاطراف. بقوة، هذه تسوية جيدة لروسيا: فهي تثبت مكانتها كقوة عظمى شبه مساوية الوزن مع الولايات المتحدة. من الان فصاعدا لن تتم اي خطوة عالمية في سوريا من دون إذن الروس. كما أن التسوية تمنع امكانية ان تهاجم الولايات المتحدة سوريا.
اوباما هو الاخر يمكنه أن يكتفي بتسوية: فمن جهة، امتنع عن التورط وعن عملية ضد رأيه العام. من جهة اخرى، بات يدعي منذ الان بان التهديد الملموس بالهجوم سيؤدي الى نزع السلاح الكيميائي من سوريا، بالتسوية.
وماذا في اسرائيل؟ التقديرات في اسرائيل عشية يوم الغفران كانت ان نزع السلاح غير التقليدي من سوريا هو انجاز عظيم، اذا ما تحقق بالفعل. في الجانب المتفائل يمكن ان نرى ان تهديدا حقيقيا للهجوم يمكن أن يؤدي الى نتائج، ولعل الامر سيؤدي الى نتائج في المستقبل ايضا في ايران.
الا ان السلوك الامريكي برمته يبث ضعفا فيشجع فقط ايران على مواصلة برنامجها النووي، انطلاقا من الافتراض بان الولايات المتحدة ستجد دوما المبرر لعدم الهجوم. وبالنسبة لمستقبل سوريا ايضا فان التقديرات هي متشائمة للغاية: فمع كل الاحترام للاسد، فانه لا يحتفظ الان الا بنحو 40 في المئة من الاراضي السورية. والتقديرات هي ان الحساب الدموي بين الجهات المختلفة في سوريا هائلة ولهذا فان الحرب الاهلية هناك ستستمر بهذا الشكل او ذاك حتى لو دخلت التسوية لحل النزاع الكيميائي حيز التنفيذ.
إذا كان ساسة تل أبيب لم يرحبوا بإتفاق جنيف فقد شاركهم في ذلك سياسيون أمريكيون حيث عبر بعض اعضاء الكونغرس البارزين من الحزب الجمهوري يوم الاحد 15 سبتمبر، عن تشككهم حيال امكان النجاح في تنفيذ اتفاق ازالة الاسلحة الكيماوية السورية دون تهديد جدي باستخدام القوة يضع الحكومة السورية تحت ضغط يحملها على التنفيذ.
وقال النائب الجمهوري مايك روجرز، رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب لتلفزيون "سي.ان.ان". "إذا كان الرئيس يعتقد مثلي ان القوة العسكرية تعين على انجاز الحل الدبلوماسي فقد تخلوا عن هذا في ذلك الاتفاق. أنا قلق بالفعل بهذا الخصوص".
واضاف "لم يخرج اي قدر من الاسلحة الكيماوية من ساحة القتال ونحن تخلينا عن كل ما في أيدينا من أسباب الضغط التي تعين على حل المشكلة السورية الأوسع .. نحن استبعدنا التهديد العسكري الجدي".
خطة دفاع أمريكية
صحيفة هاآرتس وفي نطاق حملة طمأنة المستوطنين اليهود من التهديدات التي تقول أنها لا تنتهي نقلت عن رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسى، قوله إن الولايات المتحدة أعدت خطة للدفاع عن إسرائيل، فى حال قرر نظام الأسد شن هجوم على إسرائيل، فى أعقاب الضربة التى تخطط الولايات المتحدة لتوجيهها لسوريا.
وأضاف ديمبسى خلال حديثه أمام لجنة مكونة من عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكى، فى محاولة لإقناعهم بالموافقة على شن هجوم على سوريا: "هناك خطة أمريكية لحماية إسرائيل من أى هجوم سورى.
وعرض ديمبسى على اللجنة الأمريكية الأهداف التى تنوى الولايات المتحدة ضربها فى هجومها على سوريا، وكيف يخطط الجيش الأمريكى لضرب أهداف عسكرية للتقليل من عدد القتلى المدنيين، مضيفاً: "إن إرجاء الهجوم على سوريا، لا يعنى التقليل من نجاحه، وإنما هى فرصة لدراسة التغيرات وتوجيه الأوامر".
الفصل السابع
في عملية فحص لإتفاق موسكو وواشنطن حول الأسلحة الكيميائية السورية والنص على الالتجاء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة إذا تخلفت دمشق عن الوفاء بإلتزاماتها، كتب محلل سياسي بدا يوم السبت ان الشيطان يكمن في بعض التفاصيل. هكذا يمكن اختصار التفاهم الامريكي الروسي الذي أعلن عنه في جنيف، حيث ذهب كل طرف الى تفسير عبارة "الفصل السابع" وفق مفهومه الخاص.
ومثلما جرت العادة، فإن اسرائيل كانت الطرف الأول الذي يحرص الامريكيون على طمأنته. فقد سارع كيري الى لقاء رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، معلنا ان التهديد باستخدام القوة لا يزال قائما، وان التفاهم مع موسكو، سيؤدي الى إزالة الترسانة الكيميائية السورية بالكامل.
وفي الوقت الذي أعلن فيه كيري ان اتفاق الأسلحة الكيميائية قد يكون "أول خطوة ملموسة" نحو تسوية نهائية، وأعرب نظيره الروسي سيرغي لافروف عن أمله أن يحضر جميع أطراف الصراع مؤتمر "جنيف 2" في أكتوبر من دون شروط مسبقة، كان "الائتلاف الوطني السوري" يطالب "الأشقاء العرب ومجموعة أصدقاء سوريا بتعزيز قدرات المعارضة العسكرية لتتمكن من تحييد سلاح جو نظام الرئيس بشار الأسد ودباباته لإجبار النظام على إنهاء حملته العسكرية، وقبول حل سياسي".
رئيس "المجلس العسكري للجيش السوري الحر" سليم إدريس اعتبر ان اتفاق جنيف يشكل "ضربة للانتفاضة"، مضيفا أن "جميع المبادرات لا تعني المعارضة، وان روسيا هي شريك للنظام في قتل الشعب السوري".
لكن التباين في تفسير مفعول "الفصل السابع"، لم يحجب مشهد التقدم الذي يقوم به كل طرف لاستكمال الخروج من مناخ الحرب الاقليمية التي لاحت بوادرها. ففيما كان كيري يحرص على التأكيد أن الرئيس الامريكي باراك اوباما كان يفضل طوال الوقت الحل السياسي للأزمة، كان لافروف يشير الى ان التنسيق مع الامريكيين بشأن الترسانة الكيميائية كان يجري منذ يونيو عام 2012، وان التشاور كان يجري أيضا بين الامريكيين والسوريين أنفسهم.
مزيج من العقيدة والدهاء
فيما يخص التسوية التي أخرت هجوما أمريكيا إفتراضيا ذكرت مجلة "فورين بوليسي" في نشرتها الالكترونية: "كان لا بد من وجود مزيج من العقيدة والدهاء اضافة الى تردد اوباما لكي تثمر هذه الجهود. وتضيف في مقال اعده ديفيد كينر ان ما سمي بالربيع العربي في نظر الكرملين ظل مصدر ازعاج متواصل. فقد تحملت روسيا الهجوم عليها في انحاء الشرق الاوسط: فلم يكن بمقدورها ان توقف تدخل حلف ال"ناتو" العام 2011 الذي اطاح بمعمر القذافي.
وقال فيودور لوكيانوف، رئيس تحرير مجلة "روسيا في الشأن العالمي" ان "امامنا رئيسا امريكيا تصدر عنه تصريحات متشددة، الا ان تقاسيم وجهه تقول: ترى ماذا انا فاعل؟ وما تحققه روسيا من تقدم سيعتبر انعكاسا للفشل الغربي".
لم تتصرف روسيا بقوة في سوريا فحسب ضد الولايات المتحدة. فمصر، حيث توجد حكومة يدعمها العسكر، اتهمت واشنطن بالتعاطف مع الاخوان المسلمين، بل ان بعض المتظاهرين رحبوا ببوتن باعتباره القوة الدبلوماسية المقابلة المحتملة للولايات المتحدة. خلال احتجاج في يوليو في الاسكندرية رفع المتظاهرون لوحة كبيرة للرئيس الروسي في زي البحرية الرسمي الى جانب الفريق عبد الفتاح السيسي، وقد كتب عليها "وداعا يا امريكيا".
سوريا تظل هي المحك للمطامح الروسية في الشرق الاوسط. فالمبادرة التي تطالب بمراقبة اسلحة الاسد الكيميائية وجدت الترحيب باعتبارها خطوة دبلوماسية نادرة لا خسارة فيها لاحد: فهي قد وفرت لاوباما فرصة ليتخلص من الضربات العسكرية التي ظلت لا تلقى الشعبية بين افراد الشعب الامريكي، ووفرت لكل من واشنطن وموسكو اسلوبا لتحقيق هدفهما المشترك في الحد من انتشار الاسلحة الكيميائية.
وقال ديمتري غورينبيرغ، الخبير في الشؤون السياسية الروسية في مركز الدراسات البحرية، انه "يجب الا ينظر الى هذا الامر على انه انتصار لبوتن فحسب، بل ايضا لاوباما. فكل منهما التزم بالوضع لانه بدا كما لو انه اسلوب امام الحكومات الغربية التي كانت تريد ان تفعل شيئا ما، الا انها وجدت ان هناك الكثير من المقاومة المحلية في وجه التدخل الفعلي".
ويقول محللون عديدون ان الفائدة التي يجنيها بوتن من هذه الصفقة، ليست انها تحمي الاسد من القوة العسكرية الامريكية فحسب، فموسكو تأمل ايضا في تعزيز الاتجاه ضد التدخل من جانب واحد. وتهدف روسيا الى عدم شرعية الضربات العسكرية التي لا يقرها مجلس الامن الدولي، حيث لها حق استخدام حق النقض ال"فيتو"، وتخشى من ان تكون حملات "ناتو" في البوسنة وكوسوفو في تسعينات القرن الماضي، قد تتكرر.
وهكذا فان صفقة الاسلحة الكيميائية وفرت لبوتن فرصة "للتحقق من ان الولايات المتحدة متعمقة كثيرا في الارتباط بالمؤسسات الدولية" حسب قول غورينبرغ "انهم القوة الاضعف، ويدل التاريخ على ان الدول الاضعف حاولت استخدام القوى الدولية للحصول على قوة اشد".
الا ان من المبكر الان التحدث عن عودة موسكو الى النفوذ الذي كانت تتمتع به في فترة الاتحاد السوفياتي. وفي الوقت الذي امضى بوتن اسبوعا جيدا، فليس هنا ما يضمن ان حظه سيتواصل في الاشهر اللاحقة. فهناك كتائب من التحديات.
ان الامور تبدو في الوقت الحاضر في صالح الكرملين. فدعم بوتن للاسد الذي حمل معه الكثير من المتاعب له في منطقة الخليج العربي، أكسبه ايضا اعجاب الحسد من النقاد الذين ضجوا من ضبابية السياسة الامريكية في المنطقة.
وقال لوكيانوف "الذي اسمعه من الكثير الذين لا يتعاطفون كثيرا مع الموقف الروسي، قولهم: لا بأس، ان الاتجاه الروسي مريع، الا ان لدى روسيا خطا واحدا فحسب. وبالمقارنة مع اوروبا، ومع امريكا، ومع الدول الاخرى، فان هذا لا يوفر شعبية او تعاطفا اشد لصالح روسيا في العالم العربي، لكنه يكشف عن تقدير معين. فروسيا تعرف بالضبط ما الذي تريده".
وقد أعلن الرئيس الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، أن برنامج سوريا التسليحي الكميائي كان ضروريا، كوسيلة للدفاع ضد قوة نيران هائلة لإسرائيل. وقال إنه من المعروف جيدا أن سوريا لديها ترسانة معينة من الأسلحة الكيميائية باعتباره ردا بديلا على الأسلحة النووية الإسرائيلية.
الأزمة السورية
علقت صحيفة الإندبندنت البريطانية على الدور الروسى فى الاتفاق لحل للازمة الراهنة بشأن سويا، وقالت إن عودة موسكو كقوى عظمى اتضح لبعض الوقت. فعندما سأل أحد زعماء الشرق الأوسط جنرال أمريكى رفيع المستوى فى وقت مبكر صيف 2013 عن الخطط الأمريكية للتدخل العسكرى فى سوريا، قيل له إن الاحتمالات اختلفت عن الماضى لأن روسيا عادت كطرف رئيسى.
ويقول الكاتب البريطانى البارز باتريك كوكبورن، إن الاتفاق يمثل المرة الأولى التى تكون فيها روسيا مهمة بشكل أساسى على الساحة لدولية منذ الأيام الأخيرة للاتحاد السوفينى عندما تم تهميش موسكو فى الأشهر بين التدخل العراقى في الكويت عام 1990 والهجمة الأمريكية المضادة فى أوائل العام التالى.
ويضيف الكاتب قائلا إن موقف روسيا من سوريا كحليفة للرئيس بشار الأسد مواتى للكرملين بشكل فريد. فهو لا يعنى أن روسيا لا تحلم باستعادة نفوذ وقوة الاتحاد السوفيتى القديم، لكنه يظهر أن التراجع الطويل لروسيا كقوة عالمية على وشك أن ينتهى.
ويمضى الكاتب قائلا: قبل عامين ونصف فقط، كانت أمريكا والناتو تشعران بحرية فى تجاوز موسكو باستخدام التدخل العسكرى الغربى كذريعة لإنهاء الأزمة فى ليبيا كما لو كان إذنا للإطاحة بمعمر القذافى.
وبالنسبة لروسيا، فإن كارثتها فى ليبيا كانت الأحدث فى سلسلة من الإهانات التى بدأت منذ تفكك الاتحاد السوفينى فى ديسمبر 1991. فقد طمأنت الولايات المتحدة الكرملين بأنها لن توسع تحالفاتها العسكرية إلى شرق أوروبا لو انسحبت القوات الروسية. إلا أن الأعضاء السابقين فى حلف وارسوا سرعان ما انضموا إلى الناتو. وفى ديسمبر عام 2001، سحب الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش بلاده من المعاهدة المناهضة لاستخدام الصواريخ الباليستية التى كانت أساسية فى السيطرة على الأسلحة لمدة 30 عام.
وما يختلف اليوم أن الولايات المتحدة أضعف سياسيا وعسكريا مما كانت عليه قبل 10 سنوات، بسبب فشلها فى الفوز الواضح بحربين فى العراق وأفغانستان. وتعرض موقف واشنطن لمزيد من التقويض بسبب سلسلة من العثرات فى سوريا بما فيها سوء تقدير بأنه سيكون من السهل التخلص من الأسد مثلما كان الحال مع القذافى. وقد نسيت واشنطن ومعها الدول الغربية أن القذافى لم يسقط إلا لأن معارضيه كانوا مدعومين بحملة جوية كاملة من قبل الناتو. ولو تعذر ذلك، فلم يكون المعارضون فى ليبيا ليفوزوا أبدا بأنفسهم، والأمر مماثل فى سوريا.
هزيمة قاسية
كتبت "صحيفة اسرائيل اليوم" يوم الأحد 15 سبتمبر "لم ينجح الاتحاد السوفييتي مدة سنوات الحرب الباردة كلها في أن يلحق بالولايات المتحدة هزيمة، في تفوقها بصفتها اللاعبة المركزية في الملعب الدولي، وبعد انهيار الكتلة السوفييتية تمتعت الولايات المتحدة وحدها بمكانة القوة العظمى العالمية الوحيدة، وبدت سيطرتها غير المزعزعة لا رجعة عنها، إنها "نهاية التاريخ" كتعريف خبير الاقتصاد فرانسيس فوكوياما في كتابه الشهير".
نجح الرئيس فلاديمير بوتين بعد 14 سنة من ولايته الحكم في روسيا، في ما لم ينجح فيه أحد من أسلافه في روسيا والاتحاد السوفييتي قبله بأن يموضع نفسه مؤقتا على الأقل على أنه أبرز زعيم عالمي واللاعب الرئيس في الملعب الدولي. وهو لم يفعل ذلك بفضل قوة عسكرية. ولم يفعل ذلك بفضل قوة اقتصادية بل فعل ذلك بفضل عاملين وهما: هو نفسه وباراك اوباما.
إن بوتين بين الاثنين يعتبر أذكى وأقوى وأكثر تصميما وأكثر اتساقا وأبرد أعصابا. وقد موضع مكانته الشخصية على مر السنين بصورة متسقة وفي تصميم في بلده، ومكانة بلده ومكانته هو في العالم. واستطاع في الأساس أن يستخدم أخطاء اوباما الكثيرة لمصلحته. وهكذا حينما واجه اوباما أهم تحدٍ لزعامته في الساحة السورية استغل بوتين تردده وضعفه وأزاح في اللحظة المناسبة البساط من تحت قدمي اوباما.
جاء في تقرير لصحيفة إسرائيل اليوم إن طريق النصر قد فتح أمام بشار، لكنه ما زال طويلا، فعلى بشار أن يتغلب أولا على "أسراب جراد المتمردين". ويعتمد اتفاق جنيف مع ذلك على المادة السابعة من ميثاق الامم المتحدة التي ستسهل على اوباما في المستقبل اذا غير رأيه أن يستعمل القوة على سوريا. لكن بشار برهن على أنه يستطيع، وسيكون النصر الكامل في جيبه بعد قليل من الصبر وضبط النفس.
عمر نجيب
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.