تحل غدا الذكرى الرابعة والثلاثون لاستكمال الوحدة الترابية في الصحراء المغربية الغربية، لتحرير إقليم وادي الذهب، والدخول إلى مدينة الداخلة على إثر المعركة الفاصلة التي خاضتها القوات المسلحة الملكية ببطولة عالية، في موقع بير أنزران في يوم 11 غشت من سنة 1979، منهية بذلك عهدًا من الاحتلال لهذا الجزء من الوطن طال عقودًا من الزمن . لقد استرجع المغرب الساقية الحمراء، وهي الإقليم الشمالي من الصحراء المغربية، بموجب اتفاقية مدريد الموقعة في 14 نوفمبر 1975، على إثر المسيرة الخضراء التي انطلقت قبل ذلك اليوم بثمانية أيام. ورفع العلم المغربي على إدارة الحكم في مدينة العيون يوم 26 فبراير 1976، قبل يومين من الموعد الذي حددته اتفاقية مدريد، في حفل مشهود بحضور رئيس الجماعة السيد خطري ولد سعيد الجماني، وأعضاء الجماعة الذين يمثلون القبائل الصحراوية المغربية، وعامل صاحب الجلالة في الصحراء الأستاذ أحمد بن سودة، وكاتب الدولة في الداخلية السيد إدريس البصري، والحاكم العام الإسباني، وشخصيات أخرى. واستقر الوضع في الصحراء، وبسطت السيادة المغربية في الساقية الحمراء، ولم تصل يومئذ هذه السيادة إلى وادي الذهب. فكان لابد أن يستكمل بسط السيادة المغربية على الصحراء بإقليمَيْها الساقية الحمراء ووادي الذهب، حتى يتم استرجاع هذا الجزء الغالي من الوطن. ولكن الظروف المعقدة التي ألزمت المغرب بالتوقيع على اتفاقية مدريد، ساهمت في تأخير ذلك ثلاث سنوات إلى أن كان يوم التحرير الكبير في 14 أغسطس سنة 1979، حينما بادرت القوات المسلحة الملكية الباسلة إلى إبطال الخطة المدبرة بليل التي كانت ترمي إلى فرض الأمر الواقع بوثوب جماعة البوليساريو الانفصالية على الداخلة واحتلالها لها بالقوة بعد انسحاب الإدارة الموريتانية منها. وكان ذلك قد تمَّ بالترتيب بين نواكشوط والبوليساريو. فكان التحرك السريع الذي بادر به المغرب لإفشال تلك الخطة التآمرية، والقضاء على ذلك المشروع المشبوه الذي كان ذا أضلاع ثلاثة وربما أربعة إذا أدخلنا مدريد في الموضوع. ومعركة بير أنزران التي هي من المعارك البطولية الحاسمة للقوات المسلحة الملكية المغربية، هي التي استكمل المغرب بها وحدته الترابية في الصحراء، حين توافد شيوخ القبائل إلى الرباط لتجديد البيعة لجلالة الملك، في يوم مشهود سيظل من الأيام الخالدة في تاريخ الكفاح الوطني المغربي من أجل التحرير والوحدة. يقول مؤرخ المملكة الدكتور عبد الحق المريني، إن معركة بير أنزران كانت من أكبر معارك الصحراء، تدخل فيها الطيران المغربي، وغار فيها على قافلة من 500 سيارة مصفحة يمتطيها العدو الغازي، واستشهد في هذه المعركة 125 من جنودنا الأبطال في يوم ذكرى معركة بدر، وترك العدو في طريق انكساره ما يفوق 500 قتيل بالإضافة إلى خسائره في العتاد والذخيرة الحربية. فهذه الذكرى الوطنية التي نحتفل بها اليوم هي من الذكريات المشهودة التي انتصرت فيها إرادة الملك والشعب في تحرير الصحراء المغربية، وهي علامة فارقة في تاريخ المغرب المعاصر، وهي إلى ذلك تاج على مفرق الجيش المغربي البطل الذي حرّر الصحراء المغربية بقيادة جلالة الملك الحسن الثاني عليه وعلى شهدائنا الجنود الأبطال، رحمة الله ورضوانه.