نقلت صحيفة ال"واشنطن بوست" الأمريكية أن المحللين يرون أن قرار فرض العقوبات على الجناح العسكري ل"حزب الله" قد يكون من الصعب تنفيذه، وذلك بسبب تعقيد الفصل بين الأنشطة السياسية التي تراها أوروبا مشروعة من الأنشطة العسكرية، وهو الفرق الذي لم يحدثه "حزب الله". وذكر "غيدو شتاينبرج" الخبير في الحركات الإسلامية في "المعهد الألماني للشئون الدولية والأمنية" في "برلين"، أن هذه العقوبات تعد خطوة رمزية، وربما تغير سلوكهم إلى حد ما تجاه أوروبا، ولكنها لن تغير موقفهم في "لبنان". وأعلن الإتحاد الأوروبي أول أمس عن إدراج الجناح العسكري ل"حزب الله" في اللائحة كمنظمة إرهابية، في خطوة تهدف إلى الضغط على الجماعة السياسية والعسكرية الشيعية في جميع أنحاء المنطقة التي طالما كانت قاعدة مهمة لجمع الأموال والدعم ل"حزب الله". وسيضع القرار الجماعي من قبل 28 دولة بالإتحاد الأوروبي قيودا على سفر أعضاء الجناح العسكري ل"حزب الله"، ويجمد أصول الإتحاد الأوروبي الخاصة بجزء المجموعة. وذكرت الصحيفة الأمريكية أنه لم تكن هناك تفاصيل عن كيفية تنفيذ القيود، ف"حزب الله" لم تنظم نفسها في جناحين سياسي وعسكري، وأن المنتقدين للقرار قالوا إنه من الناحية العملية فإن رغبة أوروبا في البقاء على اتصال مع السياسيين داخل المنطقة ستحد من الوصول لقرار يوم الإثنين. وأضافت أن إعلان الإتحاد الأوروبي يأتي في الوقت الذي صعد فيه "حزب الله" دعمه بشكل كبير للرئيس السوري "بشار الأسد" في الحرب الأهلية في البلاد، وزود جهوده في تنفيذ هجمات على الإسرائيليين، وفقا لتقديرات مسئولين في المخابرات الأمريكية. ولفتت الصحيفة إلى أن "حزب الله" – هو أيضا أحد القوى الأساسية في "لبنان"، وأن بعض الدول الأوروبية قاومت في الماضي تسمية الإرهاب، خوفا من أن مثل هذا الفعل من قبل الإتحاد الأوروبي سيقلل من التأثير الأوروبي في النظام السياسي اللبناني الهش. وقالت الصحيفة إن "جاي كارني" المتحدث بإسم البيت الأبيض أعلن أن الإدارة الأمريكية ترحب بقرار الإتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن هذا القرار سيكون له تأثير على قدرة "حزب الله" على العمل بحرية في أوروبا من خلال تمكين مؤسسات تطبيق القانون من اتخاذ الإجراءات الصارمة على جمع التبرعات ل"حزب الله" ونشاطه اللوجيستي. وقد رحبت المعارضة السورية يوم أمس بقرار إدراج الجناح العسكري ل"حزب الله" على لائحة "المنظمات الإرهابية"، وجاء هذا بعد ترحيب "إسرائيل" و"واشنطن" بالقرار. وبحسب بيان أصدره الإئتلاف السوري المعارض اعتبر أن هذا القرار "خطوة في الإتجاه الصحيح"، مشددًا على "ضرورة قيام دول الإتحاد باتخاذ إجراءات عملية ضد الحزب". وقال البيان إنه "على دول العالم الحر جميعها اتخاذ إجراءات رادعة بحق قيادات حزب الله ومنتسبيه وداعميه، داعيًا الإتحاد الأوروبي "للتقدم في القرار حتى يطال كافة المسئولين السياسيين الذين يؤسسون وينظرون لكل أفعال الذراع العسكرية للحزب". ومن جانبه، اتهم "حزب الله" في بيان في نفس اليوم "الولاياتالمتحدة" بدفع الإتحاد الأوروبي لاتخاذ ذلك القرار، وقال إن هذا القرار عدائي وغير عادل وليس على أساس مبرر أو دليل. وقال "نجيب ميقاتي" القائم بأعمال رئيس الوزراء والمدعوم من "حزب الله" أنه يأمل في أن يعاد النظر في القرار بعد قراءة ثانية متأنية للحقائق، كما أعلن "حزب التوحيد" المنحاز ل"حزب الله" أن قرار الإتحاد الأوروبي جاء من قبل ضغوط أمريكية. من جهتها ذكرت مجلة "دير شبيجل" الألمانية أنه من غير المتوقع أن يتأثر "حزب الله"، أقوى الكتل السياسية في "لبنان" بإدراج جناحه العسكرية على قائمة المنظمات الإرهابية أو بالعقوبات المترتبة على ذلك. وقالت المجلة في تقرير بثته عبر موقعها الإلكتروني يوم أمس: أن من يزور "بيروت" للمرة الأولى يستنتج من كثرة الصور الموجودة في مختلف الأماكن أن زعيم الحزب "حسن نصر الله" هو الرئيس اللبناني، غير أن الحقيقة مخالفة لذلك، ف"نصر الله" ليس فقط بعيدًا كل البعد عن المكتب الرئاسي، بل إنه أيضا لا يشغل أي منصب رسمي في الدولة. من جهته قال "علي قانصو" وزير الدولة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية في اتصال مع قناة "النهار" أنه ينتظر من حكومة تصريف الأعمال دعوة إلى جلسة لأخذ موقف ضد قرار الإتحاد. وأضاف: "وإذا لم تنعقد فهذا أمر مؤسف لأن حزب الله حزب لبناني قاوم من أجل سيادة لبنان"، ومن جهة أخرى، أكد في نظرة للقرار وتداعياته على "لبنان" أن "الإدارة الأمريكية والعدو الإسرائيلي نجحا من خلال ممارسة ضغوط متتالية من انتزاع هذا القرار من الإتحاد الأوروبي والذي قضى في إدراج الجناح العسكري لحزب الله على لائحة الإرهاب". ولفت "قانصو" إلى أن هذا القرار ليس بالأصل نابع من "أوروبا" بل تم بتوجيه "أمريكي إسرائيلي"، مشيرا إلى أنه لم يكتب له النجاح إلا بعض رضوخ دول أوروبية للقرار رغم تحفظ بعضها عليه لأعوام طويلة". كما طمأن وزير الدولة في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية الرأي العام بأن لا تأثير سلبي للقرار على واقع المقاومة، وقال: "لم يقيد هذا القرار مسار المقاومة أبدا لا من قريب ولا من بعيد، ولن يتعدل أي شي في إستراتيجية المقاومة. إلى هنا ومن هذه القراءات المختلفة يعتبر قرار الإتحاد الأوروبي بإدراج "حزب الله" على قائمة الإرهاب، يمثل تحولاً جذريًّا في السياسة الأوروبية إزاء الحزب، ففي وقت سابق أجمعت الدول الأعضاء بالإتحاد الأوروبي على مخاطر ما قد ينتج عن اتخاذ مثل هذا القرار من عدم استقرار للوضع اللبناني الهش أصلا. وأيضا يعتبر هذا القرار ثقيلا جدا على الحركات الإسلامية بما فيها "جماعة الإخوان المسلمين" و"حماس" لأنهم ينتهجون نفس طريق "حزب الله" الذي لم يبقى في صفوف المقاومة فقط بل جميع هاته الحركات داعمة للعنف الدموي في المنطقة، وداعمة أيضا لتأجيج الخلاف بين السنة والشيعة وزرع الفتنة بين الشعوب لتفتيت الشرق الأوسط لتنفيذ المخطط "الصهيو أمريكي" الحقيقي، وليس قرار إدراج "حزب الله" على قائمة الحركات الإرهابية، فمن أعمالهم سلط عليهم.