أفادت وسائل إعلام إسبانية ، أن لجنة الاتحاد الأوروبي أعلنت عدم اختصاصها للتحكيم والبت في النزاع القائم بين إسبانيا والمغرب حول عمليات التنقيب عن البترول في المنطقة البحرية التي تفصل جزر الكنارياس عن المغرب، غير أنها دعت الطرفين إلى حل أي خلاف بهذا الخصوص بوسائل سلمية، تماشيا مع مبادئ ميثاق الأممالمتحدة وقرارات مجلس الأمن والاتفاقية الأممية المتعلقة بالقانون البحري الدولي. وكانت عمليات التنقيب عن النفط -التي قررت حكومة مدريد مباشرتها بعد مصادقة حكومة ماريانو راخوي على مشروع قانون يسمح لشركة التنقيبات النفطية "ريبسول" بمباشرة عمليات التنقيب بمحاذاة المياه الإقليمية الجنوبية المغربية وسواحل جزر الكناري- قد خلفت جدلا كبيرا داخل إسبانيا، بسبب معارضة الحكومة المحلية لجزر الكنارياس لقرار الحكومة المركزية التنقيب مخافة تضرر قطاع السياحة مستقبلا، وهو الذي يعتبر النشاط الاقتصادي الأول للجزر. كما أن وزارة الدفاع الاسبانية أنجزت تقريرا في هذا الشأن كشفت عنه وسائل الإعلام الإسبانية، توقع أن ينشب عن هذا القرار توتر وصراع بين الأطراف المتنازعة، الأمر الذي يجعل النزاع في حالة العثور على النفط قابلا للانفجار، بسبب تأويل النقطة الفاصلة للحدود، حسب نفس المصدر. من جهته، صرح قائد القوات العسكرية في جزر الكناري سيزار مورو بينيانيس أن نشر رادارات عسكرية في جبل "مودا"، يهدف إلى مراقبة القوات العسكرية المغربية تحسبا لأي نزاع مسلح حول البترول مستقبلا. ويذكر أن المتحدث باسم مجموعة "ريبسول" كان قد صرح لوسائل الإعلام الإسبانية بأن عمليات التنقيب ستنطلق بحلول سنة 2014 وستشمل في البداية حفر بئرين نفطيين. وتراهن الحكومة المركزية في مدريد على مشروع التنقيب من أجل التقليل من الاعتماد الكبير على استيراد النفط من الخارج، والذي يكلف الخزينة الاسبانية ما يفوق 28 مليار أورو سنويا، وكذلك من أجل الرفع من إنتاجها الداخلي من هذه المادة الطاقية، علما بأن الخبراء الإسبان يقدرون إنتاج هذين البئرين النفطيين بحوالي 140 ألف برميل، أي ما يمثل 10 بالمائة من الاستهلاك اليومي للنفط في إسبانيا. وفي نفس السياق، نفى وزير الصناعة والسياحة والتجارة الاسباني، خوسي مانويل صوريا في حوار مع إذاعة "راديو أوندا ثيرو" أن تكون لتلك التنقيبات أضرار بيئية على جزر الكنارياس، معتبرا أن موقع عمليات التنقيب يبعد عن الجزر بحوالي 61 كيلومترا. وكشف الوزير الاسباني صوريا أن الهدف من الإسراع بمنح شركة "ريبسول" ترخيص التنقيب عن النفط في المياه الفاصلة بين جزر الكانارياس والمغرب هو تفادي انفراد المغرب لوحده بالبترول الموجود بهذه المنطقة. وفي نفس السياق، أفادت مصادر إعلامية إسبانية، أن شركة "ريبسول" المختصة في مجال النفط ستقوم أيضا بعمليات تنقيب عن آبار النفط في المناطق البحرية القريبة من مليلية المحتلة والجزر الجعفرية، وأنه سيتم في هذا السياق رصد ميزانية مهمة وإمكانيات لوجيستيكية ضخمة. ويتوقع المتتبعون أن تثير هذه العمليات -بلا أدنى شك- خلافات جديدة بين إسبانيا والمغرب، خصوصا حول مدى أحقية استغلال تلك الثروات التي تدخل في إطار المياه الإقليمية المغربية، حيث تنص مبادئ القانون الدولي على أن سيادة الدولة تتمثل في سيادتها على المجال الترابي والجوي والبحري( الذي يقسمه القانون الدولي إلى منطقة اقتصادية خاصة، وهو الامتداد البحري للدولة على مسافة 12 ألف عقدة بحرية، وبإمكانها استغلال مجالها لتمديد الأسلاك الكهربائية والهاتفية وبناء القناطر ...الخ، إضافة إلى الاستفادة من صيد الأسماك والخيرات البحرية الأخرى، وهناك امتداد جغرافي تحت هذه المنطقة البحرية والذي يسمى الفرشاة القارية، والتي غالبا ما تكون غنية بالموارد الطبيعية). ويذكر أن هناك فرع في القانون البحري الدولي(وهو قانون مرتبط بالاجتهادات القضائية لخبراء القانون وقضاة محكمة العدل الدولية بمدينة لاهاي الهولاندية) يهتم بدراسة إشكالية ترسيم الحدود البحرية والمياه الإقليمية بين الدول. وهذا الإشكال يطرح تحديا جيواستراتيجيا بين الدول خصوصا المحيطة أو الموجودة في المضايق ( نموذج إشكالية ترسيم الحدود البحرية بين المغرب وإسبانيا بمضيق جبل طارق).