خرج زعيم جبهة الانفصاليين بالرابوني بخفي حنين من زيارة استغرقت أربعة أيام بالعاصمة الأمريكيةواشنطن ، على الرغم من حملة التطبيل الإعلامي التي سبقت وواكبت جولة عبد العزيز المراكشي إلى أمريكا بترتيب مسبق من رئيسة مؤسسة كينيدي . ولم يتضمن برنامج زيارة زعيم جبهة الرابوني أي لقاء أو استقبال رسمي من مسؤول بالخارجية الأمريكية ، و هو ما دفع كيري كينيدي الى التدخل لحفظ ماء وجه زعيم الانفصاليين و استعطاف النائبة الديمقراطية بيتي ماكولوم لتخصيص حيز من أجند ة برنامجها اليومي لاستقبال المراكشي ، و مجاراة مطالبه الانفصالية . و تتزامن زيارة زعيم الانفصاليين الفاشلة لأمريكا مع حملة إعلامية مستفزة للمغرب ، انساقت وراء مقاصدها العديد من المنابر الوطنية الغرض منها زعزعة ثقة المملكة المغربية في أعقاب مبادرة الرئيس الأمريكي الخاصة بتعيينات جديدة في هرم السلطة بالبيت الأبيض همت أساسا ترقية سفيرة واشنطن لدى الأممالمتحدة سوزان رايس إلى منصب مستشارة الأمن القومي خلفا لتوم دونيلون و تعيين مستشارة أوباما الصحفية و الحقوقية سامنتا باور مكان رايس بالأممالمتحدة . وقد بالغت الصحف و المواقع المقربة من جبهة الانفصاليين في تأويل تعيينات الرئيس أوباما و اعتبرتها بمثابة صفعة على خد الرباط بالنظر الى ما زعمت أنه تعاطف ّ معهود " للمسؤولتين الجديدتين مع الأطروحات الانفصالية . وواقع الحال أن سوزان رايس و على الرغم من مبادرتها غير الودية قبل أسابيع المتمثلة في رفع مشروع قرار أمريكي لتعديل اختصاصات قوات المينورسو قبل أن يتدخل الرئيس أوباما و يأمر بسحبه تظل نتاجا خالصا للإدارة الأمريكية بالنظر إلى تجربتها الطويلة نسبيا في دواليب الخارجية الأمريكية سواء كسكرتيرة مساعدة للشؤون الأفريقية خلال الولاية الثانية للرئيس السابق بيل كلينتون ، أو كمستشارة وسفيرة الولاياتالمتحدة لدى لأمم المتحدة قبل أن تتقلد منصب مستشارة الأمن القومي بداية الشهر المقبل تظل مطالبة بتنفيذ السياسة الدولية لرؤساها المباشرين سواء في البانتاغون أو بالبيت الأبيض . و بغض النظر عن أصول مستشارة الأمن القومي الأمريكي الجديدة الافريقية و التي يطرحها خصوم الوحدة الترابية كمبرر للادعاء بمناصرتها لمواقفهم ، فإن هذا الواقع و معه مبادرة رايس الانفرادية يظلان عنصران ثانويان غير مؤثرين بالمرة في رسم حاضر و مستقبل السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة شمال إفريقيا و منطقة الساحل و التي تظل محكومة أساسا بالمصالح العليا للبيت الأبيض المبنية على مؤشرات الاستقرار و التماهي مع إستراتيجيته الأمنية و الاقتصادية . زعيم الانفصاليين و بترتيب من كيري كينيدي و الجزائر، كان يراهن على زيارته لواشنطن لابتزاز الساسة الأمريكيين بالسلم مقابل ضغط البيت الأبيض على حليفتها الرباط و حملها الى تقديم تنازلات جديدة في مسار التسوية السياسية الأممية للنزاع المفتعل . و تهديدات قادة البوليساريو المتسلسلة منذ أسابيع بالعودة لحمل السلاح كانت تندرج ضمن هذا المخطط , لكن البيت الأبيض تفطن "لمقلب" عصابة الرابوني و تعمد بالتالي تجاهل زيارته للعاصمة الأمريكية . و أمام فشل الانفصاليين في تحصيل أي مكسب سياسي أو دبلوماسي من الجولة " المرتبة " سارعت رئيسة مؤسسة روبرت كينيدي التي تحولت رسميا إلى لوبي أمريكي لرعاية المصالح الانفصالية إلى برمجة لقاءين يتيمين لزعيم الرابوني الخالد مع نائبين بالكونغرس لا يؤثران كثيرا في صناعة القرار الأمريكي ليغادر المراكشي واشنطن اليوم في اتجاه نيويورك أين يحتمل أن يلتقي ببان كي مون و هو يجر ذيول الخيبة من الإعراض الرسمي الأمريكي .