قلتُ للبحرْ أنتَ لاَ تقدِرُ أنْ تطردَ عاصفةً ستدُقُّ عليكَ البابْ قلتُ للبحرْ أنتَ رغْوةُ نبعٍ كانَ كأساً لِمُدمِنَةٍ سَوْدَاءْ طردُوها منَ الحانةٍ في صُبحٍ عاصفْ قلتُ للبحرْ أنا لاَ أرهبُ سُلطانكْ أنا لا تعْرُوني الرجفةُ إنْ هِجتَ لأني مثلكَ منْ ماءْ قلتُ للبحرْ أنتَ بيْداءٌ هرِئَتْ فيها أجنحةُ الطيرِ وتاهتْ فيها الغِزْلانْ ولاَ قَبَسٌ في الأفقْ قلت للبحرْ أنتَ مثلي تتقَلَّبُ في الأحوالْ من البَوحِ إلى السرِّ من الحسِّ إلى الحدسِ من الذكرِ إلى النسيانْ لا تدري ما الحالُ وما غيرُ الحالْ قلتُ للبحرْ كنتَ قبلي نطفةً ثمَّ سافرتَ فيكَ تجوَّلتَ في جُزرٍ بين عينيكَ طفتَ عليكَ وما نالَ منكَ صقيعُ خريفٍ ولا قيظُ صيفٍ وها أنت مثلي تُجَدِّفُ في الرملِ من دُونِ مَاءْ قال لي البحرْ يا إبني لا تشمتْ بي يا مِثْلي الأثوابِ ستبْلَى الأحْوَالُ سَتَفْنَى لا يَبْقَى مِنَّا إلاَّ طَيْرٌ يَخْرُجُ منْ بَيْنِ الطِّينْ