فرضت حالة مريض استقبلتها مستعجلات مستشفى ابن طفيل ، منذ يوم الأربعاء 17 أبريل 2013 حالة استنفار في الأوساط الطبية ، وذلك بالنظر لنوعية وخاصية هذه الحالة جراء إصابة هذا الشخص بمرض وصف بالغريب والخطير في نفس الآن. هذا المريض المصاب يوجد منذ اليوم المذكور تحت المراقبة والعناية الطبية المركزة، بغرفة معزولة عن المرضى والزوار، بقسم الإنعاش حيث مازال في حالة غيبوبة وفقدان للوعي والحركة. وقد علمنا أن الحالة محاطة بكثير من التكتم والسرية وأيضا بتتبع يومي كبير من طرف الطاقم الطبي الذي يبذل مجهودات حثيثة ومكثفة لإنقاذ حياة المصاب بهذا المرض الخطير والفريد من نوعه. وقد أكد هذا الطرح الأخير، شقيق المريض المصاب في اتصال بجريدة «العلم » حيث أوضح بأنه طالب الطاقم الطبي المشرف بنسخة من المحضر الطبي لمعرفة نوعية المرض الذي ألمّ بأخيه،غير أن هذا الطلب ، يوضح الشقيق - مشروط من طرف الطاقم الطبي أولا بالتأكد من فاعلية العلاج ، وثانيا ضرورة الحصول على موافقة وإذن بذلك من وكيل الملك. المعلومات الأولية بخصوص هذه الحالة تشير إلى أن مصدرها مرض معد خطير غير معلوم ، ينتقل من الحيوانات إلى البشر فيما ترجح مصادر طبية أن تكون له علاقة بانتقال ميكروبات من أحشاء البقرة النافقة عن طريق الشم، وهي ميكروبات فيما يبدو تلحق أذى مدمرا بكرويات الدم الحمراء كما تفتك بالدماغ ... وبحسب إفادة شقيق المصاب فقد أكدت له مصادر طبية بأن الشبهات بخصوص مصدر هذا المرض الخطير تحوم حول كبد البقرة الميتة التي استخرجها المريض. إلى ذلك روى الشقيق «عبد الجليل لكهيدة» «للعلم » سيناريو هذه الواقعة وتفاصيلها وتسلسل وقائعها . وأوضح في البداية أن أخاه المصاب بهذه الحالة وهذا المرض الغريب ، يدعى لحبيب ويبلغ من العمر 44 سنة متزوج وأب لأربعة أطفال ،كان يعمل بأجر يومي زهيد منذ أربعة أشهر بضيعة فلاحية في ملكية طبيب بيطري من أسرة معروفة بالمنطقة توجد بدوار أولاد عموش بجماعة زمران بمنطقة سيدي رحال بإقليم قلعة السراغنة. وكان لحبيب يشغل مهمة مراقبة المواشي بالضيعة المذكورة وتزويدها بالمأكل والمشرب وأيضا القيام بعملية حلب الأبقار. وفي صباح يوم الجمعة 12 أبريل استدعاه مالك الضيعة لدى اكتشافه نفوق بقرة ، وطلب منه وقتها ،ومن دون اتخاذ أية إجراءات احترازية أو وقائية بأن يفتح أحشاءها بواسطة سكين ،وأن يستخرج كبدها لمعرفة أسباب الوفاة، في الوقت الذي بقي فيه الطبيب البيطري مبتعدا عن البقرة الميتة. وبحسب أقوال الشقيق دائما فقد استخرج أخوه كبد البقرة الذي كان في حالة غريبة وكأنه مفتت مع ما يرافق ذلك من روائح كريهة. مضاعفات هذا العمل الذي قام به المستخدم لحبيب، من دون علم بمخاطره الكبيرة عليه، ستظهر أولى آثارها ومضاعفاتها خلال اليومين المواليين حيث أصيب خلال يوم السبت والأحد بارتفاع في درجات الحرارة، كما أن سمات أمراض جلدية منعته من الالتحاق بعمله، ليتصل به مالك الضيعة لمعرفة أسباب الغياب، وعندما علم بنوعية مرضه عمل على نقله صباح يوم الاثنين 15 أبريل الجاري إلى مستشفى المنطقة بالقلعة. وأمام العجز عن تشخيص نوعية الإصابة والمرض قام الطبيب أولا بضرب حقنة للمصاب وطالب مالك الضيعة بنقله إلى مستشفى ابن طفيل بمراكش لتشخيص وتحديد نوعية المرض. و أحضر مالك الضيعة سيارة إسعاف التي عملت صباح اليوم المذكور على نقله إلى ابن طفيل ثم بعدها إلى مستشفى محمد السادس. وأحيل المصاب يوم الثلاثاء على مستشفى أمرشيش بمراكش في وقت كانت حالته الصحية في تدهور مستمر وكان يشتكي من آلام حادة وصداع في الرأس ترتفع نسبتها مع مرور الوقت ، بحسب إفادة الشقيق الذي كان باتصال دائم بالهاتف النقال . وانقطع الاتصال بين الشقيقين خلال هذه الليلة ليجد عبدالجليل صباح يوم الأربعاء 17 أبريل الجاري ، شقيقه مكبل اليدين والرجلين في السرير الذي كان ينام عليه حيث أخبره الطاقم الطبي أن هذا الإجراء فرضته حالة الهيجان الكبيرة التي أصبح عليها وكأنه أصيب بحالة صرع خطيرة أو جنون البقر على حد وصف وقول الشقيق. الحالة التي أصبح عليها فرضت على الطاقم الطبي منح المصاب ست «6» حقنات حتى يستقر حاله ووضعه الصحي ليدخل في حالة سكون وقلة حركة. وقد تمّ نقله صباح الأربعاء، بذات السرير الذي كان يرقد به وهو مكبل، إلى مستشفى محمد السادس بهدف إجراء التشخيص والفحوصات اللازمة عبر جهاز «السكانير» وهو ما تم بالفعل. ومنذ هذا اليوم والمصاب دخل حالة غيبوبة وفقد وعيه ، والاتصال مع العالم الخارجي حيث يوجد تحت العناية الطبية المركزة بقسم الإنعاش. زيارة أفراد العائلة _ دائما بحسب الشقيق - تتم يوميا من خلال إلقاء نظرة عليه تتم عن بعد عبر زجاج الغرفة التي يوضع بها وحيدا منعزلا في انتظار تحديد ومعرفة المرض الغريب بأمل السيطرة عليه وتمكين المصاب من العلاج الشافي. إلى ذلك يحمل شقيق المصاب المسؤولية كاملة ، فيما حدث لأخيه ، إلى الطبيب البيطري مالك الضيعة مشيرا إلى أن هذا الأخير مختص في المجال ويعلم جيدا مخاطر بقرة ميتة مستوردة نافقة وما تحمله من أخطار كلها تستوجب وتستلزم القيام باحتياطات احترازية ضرورية لتجنيب أخيه هذا المصاب. وأضاف: «ما كان على المشغل و هو طبيب بيطري أن يأمر أخي بتشريح تلك البقرة لأن ذلك ليس من مهامه _كما لم يمكنه من وسائل وشروط الوقاية «. و أوضح _في ختام هذا اللقاء_ بأن البقرة المعنية كان عمرها أربع سنوات وتم أولا رميها بعد الحادث غير بعيد من الضيعة قبل أن يتم حرقها لاحقا. ولتسليط الضوء على ما تم تداوله من أوصاف و نعوت بِشأن هذه الحالة المرضية ولمعرفة طبيعتها ونوعية مخاطرها والحالة التي عليها المصاب بها كان لنا اتصال بمدير مستشفى ابن طفيل البروفسور هشام نجمي والذي أكد في البداية أن الغرابة التي تحملها هذه الحالة كونها قد اختفت وقلت نسبة الإصابة بها بشكل كبير منذ فترة زمنية طويلة وبعيدة في ظل التطور الطبي ومحاربة الأمراض التعفنية. وأكد بأن هذا المرض خطير ومعد وهو معروف ومعلوم في الوسط الطبي_ وقد سبق وأن ظهر بشكل حاد وملحوظ نهاية القرن 19 وبداية القرن العشرين وعلاجه ومواجهته تتم الآن بواسطة مضادات حيوية. وقال بأن هذه الحالة المرضية الخطيرة معروفة باسم»بالجمرة الخبيثة» وبإمكانها أن تؤدي إلى الوفاة مشيرا إلى أن مبعث ومصدر هذا المرض جرثومة ، يمكن أن تتواجد بالأرض أو حيوان ، تنتقل عن طريق اللمس أو السوائل إلى وعبر الدم لتنتشر بذات أو جسم المصاب ، وتحدث عنها مضاعفات جد خطيرة في حال عدم تشخيصها في الوقت المناسب مشيرا إلى أهمية ودور المستشفى الجامعي بهذا الخصوص. وقال بأن هذه الحالة تعد من الدرجة الثالثة وتفرض عزل المصاب كما هو الحال بالنسبة للمريض الذي يرقد بقسم الإنعاش وبغرفة منفردة ، حيث تم وضعه تحت المراقبة والعناية الطبية المركزة والتنفس الاصطناعي مؤكدا أن المريض لم يتجاوز بعد المرحلة الخطيرة والأمل قليل في علاجها. وأكد بأن هذه الحالة هي الأولى من نوعها التي تعرض على مستشفى ابن طفيل بمراكش ، ولم يسبق تسجيل مثيل لها من ذي قبل مشيرا بأن عدواها لم يلحق أي أحد من أفراد أسرة المصاب ،حيث أعراضها تبرز و تظهر بسرعة.