خرجة وزير الخارجية الأمريكي »جون كيري« التي طالب فيها بمراقبة حقوق الإنسان بالصحراء، هي في الحقيقة عملية يراد بها استفزاز مشاعر المغاربة، ومحاولة المس بأحد مقدسات الأمة المغربية وبالسيادة الوطنية، ومن جهة أخرى هي رسالة غير مشفرة ل»كيري» لها مضمون عدائي دفين، أرجعت به بعض وسائل الإعلام الوطنية إلى أكثر من عقد، و تحديدا سنة 2001 ، حين وقع «كيري» رفقة أعضاء من الكونغريس الأمريكي رسالة إلى الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش، لإعادة النظر في موقف الولاياتالمتحدةالأمريكية المساند للرباط في ملف الوحدة الترابية للمغرب. من جانب آخر يعتبر هذا الموقف تعبيرا واضحا عن اصطفاف الخارجية الأمريكية مع الجانب الجزائري. وفي هذا السياق بالذات، كشف الموقع الأمريكي «ويكيليكس»، عن وثيقة من الأرشيف الأمريكي حملت مستجدات، ووصفت بالمدهشة تهم النزاع المفتعل في الصحراء المغربية. وهذه الوثيقة عبارة عن مذكرة مكونة من 16 صفحة ومؤرخة بتاريخ 1975/12/17، وهي أيضا توثيق لمجريات اللقاء الذي جمع في باريس بين وزير الخارجية الجزائري آنذاك «عبد العزيز بوتفليقة» ونظيره الأمريكي آنذاك «هنري كسنجر». ومما قاله كسنجر لبوتفليقة في هذا الحوار، إن الولاياتالمتحدةالأمريكية إذا تبنت موقف الجزائر، فإنه سيتعين عليها تغيير جميع مواقفها، وأوضح كسنجر في بداية هذا اللقاء أن الولاياتالمتحدةالأمريكية، بصراحة، كانت تود أن تبقى خارج مشكل الصحراء. وفي الحوار دائما، تساءل كسنجر بعظم لسانه عن »الاستفتاء«، قائلا: »هل يمكن تنظيم الاستفتاء والمغاربة موجودون في الصحراء؟«، فإن تمعنا في هذا السؤال، الذي طرح منذ ما يقارب الأربعين سنة وبالتحديد في 1975 ، فإننا نلاحظ على أنه استنكاري ويعترف ضمنيا بمغربية الصحراء. والمطلع على الحوار الذي دار بين بوتفليقة وكسنجر تنكشف لديه مسألة في غاية الأهمية، هي أن بوتفليقة كان يجتهد، مستخدما الأيادي والأرجل لتوريط الولاياتالمتحدةالأمريكية في قضية الصحراء. وكسنجر كان واضحا وكان دائما يترك مسافة بين الموقف الأمريكي والموقف الجزائري. لكن بعد ما يقرب الأربعة عقود من الزمن، ما لم يستطع بتوفليقة القيام به كسنجر، ها هو كيري يلبي طلبات بوتفليقة من غير أن يدري. إحداث «آلية لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء»، كلام ينم على جهل كبير بحيثيات القضية، وبالوضع الحالي للحياة الاجتماعية بالأقاليم الجنوبية، وفي نفس الوقت جهل كبير أيضا بتقارير وبمبادرات الفعاليات الحقوقية الوطنية والدولية المواكبة للملف. على كيري استلهام الدرس بالرجوع إلى حوار كسنجر وبوتفليقة في ويكيليكس.