يبدو أن مظاهر الاحتقان والاحتجاج التي عرفتها بعض المدن المغربية، بخصوص الزيادة في فواتير الماء والكهرباء مازالت ترخي بظلالها على شرائح عريضة من المواطنين المغاربة، الذين يبدون تخوفاتهم من الإقدام على اتخاذ قرار رسمي بالزيادة في أسعار هاتين المادتين الحيويتين، إلا أن مصادر من وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة أكدت أن الحكومة لم تتخذ، حتي الآن، أي قرار في اتجاه الرفع من أسعار استهلاك الماء والكهرباء . وأشارت هذه المصادر إلى وجود دراسة أعدتها الحكومة حول عقد برنامج جديد يربط الدولة بالمكتب الوطني للكهرباء، وهو العقد الذي يتضمن عددا من المقترحات والتدابير التي تهدف إلى إعادة الحيوية لهذه المؤسسة والرفع من قدرته التمويلية،وضمان تحسين تدبيره، وهي الإجراءات التي قد تهم إعادة النظر في نظام التعريفة المعمول به، ولكن دون المساس بالقدرة الشرائية للطبقات ذات الدخل المحدود. والواقع أن التخوفات تبقى مشروعة خصوصا وأن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يعيش وضعية مقلقة جدا، لاسيما بالنسبة للفرع المتعلق بالكهرباء، حيث يعتبر من المؤسسات العمومية الأكثر استدانة والتي تعاني من عجز مالي كبير ، فالمعطيات المتوفرة تفيد أن المكتب الوطني للكهرباء السابق، أنهى سنة 2011 بنتائج صافية سلبية قدرت بحوالي ناقص 3.7 مليار درهم ، مقابل ناقص 452 مليون درهم ، وهو ما يعني تفاقم العجز المالي للمكتب بشكل مخيف خلال سنة واحدة، بالإضافة إلى العجز المسجل على مستوى نتائج الاستغلال التي تضاعفت مرتين أي انتقلت إلى 2.03 مليار درهم، وتضيف المعطيات أن مديونية هذه المؤسسة ارتفعت إلى 32.4 مليار درهم برسم سنة 2011، منها مديونية خارجية تقدر بحوالي 27.6 مليار درهم . وتفيد المعطيات أن سنة 2012 سجلت سنة 2012 عجزا بالنسبة للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب قدر بناقص ثلاثة ملاييردرهم، ومن المتوفع ان يرتفع هذا العجزبرسم سنة 2013 ، بحوالي مليار درهم إضافي، ليصل إلى عجز إجمالي بحوالي أربعة ملايير درهم .ويظهر من المعطيات أن حجم الاستهلاك يتزايد باستمرار ، مسجلا ارتفاع بنسبة 10 فب المائة خلال العشرة أشهر الأولى من سنة 2012 ، كما أن دعم صندوق المقاصة بخصوص مادة الفيول بلغ حوالي 6 ملايير درهم . وبخصوص الاستهلاك، تبرز المعطيات أن مابين 10 و11 في المائة في الجهد العالي تستفيد منه الشركات الكبرى التي يصل عددها إلى حوالي 150 شركة. وبالنسبة للإنتاج تشير المعطيات إلى أن 40 في المائة يأتي من القطاع الخاص ، في حين أن 15 في المائة تأتي من إسبانيا . وتقول مصادر وزارة الطاقة إنه منذ شهر مارس من سنة 2012 بدأ الاشتغال على عقد البرنامج الجديد ، والذي من بين أهدافه المساهمة من قبل الدولة في الرفع من حجم رأسمال المؤسسة بمبلغ ثلاثة ملايير درهم ، منها 500 مليون درهم تسلم من أجل مواجهة الأقساط القصيرة المدى، على أساس تسليم المبالغ المتبقية في مراحل لاحقة ، والتزام الدولة بحسين وضع المكتب مع الهيئات الدولية للحصول على القروض، وتدخل الدولة أيضا من أجل استرداد ديون المكتب لدى الجماعات المحلية والتي تقدر بحوالي ثلاثة ملايير درهم، بالإضافة إلى ذلك،هناك تدابير أخرى تهم شروع المكتب في بيع جميع الممتلكات غير الضرورية التي لا يستعملها والتي تقدر قيمتها بحوالي ثلاثة ملايير أيضا ، والعمل على تحسين وسائل الإنتاج .وتوضح المصادر المذكورة أن التوجهات الإصلاحية الجديدة ، تتضمن تدابير متعلقة بالزيادة في الأسعار بهدف تحسين مردودية المكتب، خلال ثلاث سنوات ، وهو ما يمكن من توفير حوالي 18 مليارا، وتهم زيادة على ثلاثة مراحل في الاستهلاك الصناعي، وكذا زيادة في الشطر المرتفع للاستهلاك الأسري، دون المساس بذوي الدخل المحدود الذين يصنفون ضمن الشطر المنخفض ، علما بأن هناك ثلاثة أشطر ، حيث يصنف 62 في الماءة من المستهلكين في الشطر الأول ، ويصنف 75 في المائة ضمن الشطرين الأول والثاني، وهو ما يعني أن الزيادة إذا ما تم إقرارها ستهم حوالي 25 في المائة من مجموع المستهلكين الذين يصنفون ضمن شطر الاستهلاك المرتفع .