أكدت العديد من الدراسات العلمية والأبحاث الجامعية بكل من المغرب وإسبانيا فرضية تراجع سمك التون على الواجهتين المتوسطية والأطلسية، وبالتالي إمكانية انقراضه خلال السنوات القليلة القادمة، إذا لم تتدخل السلطات الحكومية المختصة في مجال الصيد البحري لحمايته من شباك الصيادين الجشعين. وقد أدى الانتشار الكبير لنشاط تسمين التون بالسواحل الشمالية للمغرب، إلى تكثيف عمليات صيد هذا النوع من السمك باستعمال تقنيات محظورة عالميا، منها الشباك المنجرفة، التي أصبح المغرب مطالبا بمنعها طبقا لما تنص عليه عدة معاهدات واتفاقيات دولية. ولقد سبق للعديد من الجمعيات غير حكومية بالمغرب وإسبانيا وبالبلدان المتوسطية أن قامت بإصدار عريضة تحمل توقيعات مئات من المتضررين من الصيد المفرط لسمك التون (الصيادون التقليديون، قطاع السياحة، الجماعات المحلية)، و تطالب الحكومات الوطنية والمحلية ومجلس الاتحاد الأوروبي واللجنة العليا للصيد في البحر الأبيض المتوسط واللجنة العالمية لحماية التون، بالإيقاف الفوري للمشاريع الرامية إلى إنشاء مزارع جديدة، مع إقرار قانون خاص لتقنين وتنظيم هذا النشاط الصناعي الغذائي الجديد. كما دعت العريضة إلى ضرورة ضمان التوازن بين نشاط تسمين التون، وباقي أنشطة الصيد البحري الأخرى، مع ضرورة حماية المجالات الطبيعية ذات القيمة الإيكولوجية العالمية، وكذا حماية الصيد التقليدي، باعتباره وسيلة ناجعة لعقلنة وترشيد استغلال الثروات البحرية. وشددت العريضة على إلزامية وقف الدعم المادي الرسمي الموجه إلى تشجيع هذا النوع من النشاط، إلى جانب التعاون مع حكومتي اليابان وكوريا الجنوبية(أكبر المستفيدين من هذا النشاط البحري) من أجل ضمان دعمهما لخلق وتطبيق الإطار القانوني المنظم لعمليات صيد سمك التون. لكن رغم هذه التحذيرات الجدية، فالملاحظ أن الثروات السمكية الوطنية أصبحت مشرعة أمام شباك النهب والتهريب في أعالي البحار، في وقت تبدو فيه الوزارة الوصية على القطاع، غير معنية بحمايتها. وهي التي لا تزال تسلم تراخيص صيد سمك التون، خاصة لأصحاب المراكب التي تؤمن حاجيات شركات الصناعات الغذائية، وهو موقف غير مفهوم بعدما التزمت هذه الوزارة في مناسبات مختلفة، بحماية هذه الثروة السمكية المهددة بالانقراض. في نفس السياق، أكدت تقارير صادرة عن هيئات مدنية من المغرب، تهتم بالمحيط الإيكولوجي البحري، أن الترخيص لهذا النوع من المشاريع ستكون له انعكاسات سلبية، ليس فقط على مخزون التون، بل يتجاوز ذلك إلى فرص الشغل التي يوفرها قطاع الصيد التقليدي بكل من أقاليم العرائش وطنجة أصيلة والفحص أنجرة والمضيق الفنيدق وتطوان وشفشاون.