السيد عبد العزيز رباح وزير التجهيز والنقل يتمتع هو أيضا ب" ريع " سياسي يمكن أن نسميه " ريع نشر اللوائح " , فبعد نشر لوائح رخص النقل الطرقي يأتي اليوم الدور على نشر رخص المقالع , رباح قام بنشر اللوائح الأخيرة بعدما طلب منه السيد رئيس الحكومة ذلك , ونحن ننتظر من السيد بن كيران أن يواصل الأمر في جميع القطاعات الوزارية في مجالات الصيد البحري والفلاحة والمعادن وكل القطاعات الحكومية التي تشرف على تدبير رخص معينة , ولو أننا كنا نأمل أن يكون الأمر وفق مقاربة حكومية شاملة وليس قطاعية كما نلاحظه اليوم. الحكومة الحالية ورغم رفع إقتناعها بضرورة محاربة الريع والإمتيازات عن طريق الرخص , لم تستطع أن تمنع نفسها من منح 100 رخصة في سنة واحدة لمقالع جديدة وتستعد لمنح 50 ألف رخصة للنقل المزدوج بناء على دفتر تحملات , لا يحمل من فلسفة دفتر التحملات سوى الإسم , إذ أننا بصدد تغيير الأسماء فقط والمساهمة في إضعاف جودة قطاع النقل ومركزة منح الرخص الجديدة عبر وزارة السيد رباح , ولتوضيح الصورة اكثر فإن الرؤية الجديدة تعتزم إنهاء العمل عن طريق الخطوط والمسارات بالنسبة لكل نقال , والإنتقال إلى منطق المجال المفتوح داخل الإقليم أو الجهة , بحيث لن تكون هناك أية ضوابط وسنكون شهودا على حرب طرق من نوع جديد بين أصحاب رخص رباح والرخص السابقة وسيارات الأجرة والحافلات التي تربط بين الأسواق , ولكم أن تتصورا تبعات ذلك.. هناك مسافة قصيرة بين الشفافية و تمكين الناس من المعلومة وما يسميه المغاربة يدارجتهم الفصيحة " ضريب الطر " , والإكتفاء بنشر اللوائح يقترب من "ضرب الطر " أكثر مما يعكس إنتظارات المواطنين , فالمواطنون ينتظرون تطبيق الجزاءات على كل من يستفيد ويراكم الثروة بدون وجه حق وبناء على الإمتياز الذي قدم له في ظروف معينة , والحملة الدعائية والسياسية التي تواكب كل عملية نشر تنطلق من هذه الإنتظارات , وبالتالي فالإكتفاء بالنشر لا يقدم ولا يؤخر , كما أن الإمتناع عن التعريف بالشركات وأصحابها يفقد الحق في الحصول على المعلومة بعده الإجرائي , ومن هنا نكون أمام واقع أن النشر لا يتم لمواجهة قلاع الريع , ولكن للتطبيع معه ونزع رؤية المواطنين للريع كطابو وبناء مصالحة نفسية معه , وبالتالي فإن أكثر من يتحرر من ضغط خطاب محاربة الريع هم المستفيدون منه عبر نشر أسمائهم وإنتهى الأمر , وهم أصحاب الرخص الذين لا يستثمرون درهما واحدا , بل يقومون بكراء هذه الرخص مقابل مداخيل ضخمة. ربما نحن اليوم بحاجة إلى إعادة تعريف الريع , فالشركات والأفراد اللذين يستثمرون في الآليات والعنصر البشري ويقدمون الواجبات المالية المترتبة عليهم بحكم القانون للدولة, لا يمكن إعتبارهم مستفيدين من الريع , ومن يجلس في بيته ليتلقى مداخيل ضخمة بناء على ورقة مسلمة في ظروف معينة , هذا هو المستفيد الحقيقي من الريع , ومن يتجاوز القانون ويعتدي على البيئة , لا يجب نشر إسمه بل يجب تقديمه إلى القضاء وتسحب منه الرخصة فورا , وهذا هو مربط الفرس , فإذا كانت رخص الإمتياز غير قانونية , فما على الدولة سوى سحبها فورا ومصادرة أموال أصحابها والجميع سيصفق لهكذا إجراء , وإذا كانت هذه الرخص قانونية وقدمت في ظروف غامضة تنعدم فيها الشفافية , فعلى الحكومة إجراء تحقيقات عميقة لكشف هذه الظروف ومن يقف وراء ذلك , هكذا نحقق فعليا الحق في المعلومة , أما الإكتفاء بنشر اللوائح ووضع الجميع في سلة واحدة فهذا أمر لا يساهم في بناء قواعد الشفافية كما ينتظرها المواطنون.