إنتهت المخرجة التونسية الشابة "مروى جوابي" من وضع اللمسات الأخيرة على فيلمها التسجيلي الأول حول مسيرة الأديب الراحل "سمير العيادي" الذي غادر الساحة الإبداعية يوم 31 ماي 2008 مخلّفا وراءه مسيرة زاخرة بالأعمال الأدبية والمسرحية والتلفزيونية، حيث كان الراحل قاصا وروائيا ومسرحيا وممثلا.. وفي حوار لجريدة "العلم" مع المخرجة الشابة "مروى" قالت أن اختيارها الراحل "العيادي" لم يكن اعتباطيا بل إنها انطلقت من كونه مبدعا متكاملا ترك بصمته في المشهد الثقافي التونسي، كما أنّه تميز طيلة مسيرته بأعماله الإبداعية المتنوعة حيث ساهم في الإرتقاء بمضامين التنشيط الثقافي على امتداد أكثر من ثلاثة عقود من الزمن وقد عرف الفقيد بشغفه الدائم بالإبتكار والتجديد وكان من مؤسسي حركة "الطليعة" الأدبية وعضو الهيئة المديرة لاتحاد الكتاب التونسيين. كما تقلد العديد من المسئوليات في صلب وزارة الثقافة منها مستشار ثقافي ومدير لمهرجان "قرطاج" ومدير "دار الثقافة ابن خلدون" و"دار الثقافة ابن رشيق" كما ترأّس العديد من اللجان الإستشارية الثقافية. وقد أكدت "مروى" في حديثها أنّها قارئة جيدة لكتابات "العيادي" وأثرت أعماله فيها منذ الصغر كما ترى أنّ الراحل لم يأخذ حقه مع أنه من أعلام الأدب والفنّ في "تونس" ورمز من رموز المسرح التونسي، كما ترى أنه صاحب فضل على أجيال بأكملها، وتضيف "نحن كجيل شاب لا يمكننا أن ننحت مستقبلنا بعيدا عن التاريخ الحافل لمبدعينا الكبار...". أمّا عن اختيارها أن يكون ثاني عمل لها في مجال الإخراج والإنتاج السينمائي وثائقيا بعد فيلمها القصير "المشهد الرابع" رغم أنّ الأعمال التسجيلية والوثائقية لا تجد نفس الحظوة التي تجدها الأعمال الروائية أكدت "مروى" أنّها تميل إلى هذا النوع من الأفلام وأنه آن الأوان لفرض تقليد جديد لدى المتلقّي الذي يجب أن يبدأ بمتابعة الأعمال السينمائية التسجيلية والوثائقية، لأنها في النهاية تقدم الواقع والحقيقة. واعتمدت "مروى" في فيلمها التسجيلي على شهادات لثلّة من الكتّاب والفنانين الذين عايشوا "العيّادي" وعملوا معه من بينهم "الفاضل الجزيري" و"لطفي الدزيري" و"سنية مبارك" و"ليلى الشابّي" و"حليمة داود" و"محمد بالرجب" و"رؤوف بن عمر" و"جعفر القاسمي" و"المنصف المزغني" و"عبد الرحمان مجيد الربيعي" و"حسن بن عثمان"... هذا فضلا عن عائلة الراحل طبعا، ولم تخف مروى أن الإختيار كان صعبا لأن علاقات "العيادي" وصداقاته كثيرة ومتنوعة. وعند سؤال "مروى" عن سبب عدم تسجيلها مع أصدقاء "العيادي" من المبدعين المغاربة مع علمنا أنها أتت ل"المغرب" في شهر يوليوز وأقامت في "الدارالبيضاء" لمدة أسبوع خصيصا لهذا الهدف قالت: كنت أعلم أن وزيرة الثقافة السابقة الفنانة "ثريا جبران" قد كرمت الراحل في "المغرب" وكانت قد استضافته في بيتها كصديق عزيز على العائلة ولهذا قررت أن أصور معها لكنني عندما وصلت اتصلت بها كثيرا لكنها لم ترد لا على مكالماتي ولا على رسائلي لمدة أسبوع، وكنت أتمنى أن أصور مع الفنان المسرحي القدير "الطيب الصديقي" لكن جميع أصدقائي المغاربة بلغوني باستحالة التصوير معه لمرضه الشديد وعدت خاوية الوفاض لكنني ارتبطت بصداقات عديدة وقريبا إن شاء الله سأعود ل"المغرب". هذا الفيلم التسجيلي من إنجاز الشابة "مروى جوابي" كتابة وتصوّرا وإخراجا وإنتاجا أيضا وساهم معها ثلة من الشبّان على مستوى التصوير والإضاءة ونجد "أمين ذوادي" و"سليم مهبولي" وقام بالمونتاج "حكيم". ويعتبر هذا الفيلم ثاني عمل في رصيد المخرجة الشابة التي تستعد في نفس الوقت لتنفيذ عمل سينمائي آخر ستعلن عنه قريبا. العرض الأول للفيلم سيكون خلال الأسابيع القليلة القادمة ب"دار الثقافة ابن خلدون" لو تمّ الإتفاق بحكم أن الراحل كان قد أشرف على إدارتها في إحدى مراحل حياته. يذكر أن الراحل "سمير العيادي" كانت قد منعت أعماله الأخيرة من النشر قبل وفاته نظرا لمعارضته للرئيس الهارب "زين العابدين بن علي" ولم تقم وزارة الثقافة بتكريمه نهائيا ويعد هذا الفيلم تكريما حقيقيا للراحل من شابة في عمر الزهور.