في حفل اختتام الدورة الثانية للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي ، الذي سيحتضنه المركب الثقافي بمدينة خريبكة ابتداء من الخامسة عشية من يومه السبت، سيتم تكريم المخرج السينمائي المتميز ريمون بطرس. وفيما يلي ورقة تعرف بجوانب من مسيرته الفنية ريمون بطرس (60 سنة) مخرج سينمائي سوري مثقف ومتعدد المواهب، تشبع بفن النحت على الحجر مند نعومة أظافره على يدي والده الفنان الكبير أنطانيوس، الذي تربعت زخارفه على جدران مساجد وكنائس مدينة حماة ومدن أخرى سورية ولبنانية وفلسطينية وأردنية، وعشق الموسيقى وعزف على الكمان، ومارس الكتابة الصحافية والنقد السينمائي مند سن الخامسة عشرة، كما احترف الترجمة من الروسية إلى العربية أساسا بعد عودته من الاتحاد السوفياتي (سابقا)، وكتب سيناريوهات جل أفلامه ... ظهر ميله إلى السينما منذ مرحلة الطفولة حيث كان يرتاد قاعاتها بمسقط رأسه حماة لمشاهدة أفلام المغامرات الأجنبية والأفلام الاستعراضية المصرية (أفلام فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ وغيرهما)، وبعد مشاهدته لفيلم «روميو وجولييت»، الذي أخرجه المبدع الإيطالي فرانكو زيفيريللي سنة 1968، حصل تحول كبير في تعاطيه مع السينما إذ انتقل من مستوى الاستهلاك العفوي للصور والأصوات السينمائية إلى مستوى الاهتمام بالسينما كفن وثقافة والبحث في عوالمها ومكوناتها الأساسية. وهكذا كتب وعمره خمسة عشر سنة أول مقالة موضوعها فيلم «روميو وجولييت» المذكور ونشرها في جريدة سورية، وبانتقاله إلى التعليم الثانوي ترسخ اهتمامه بالأفلام المتميزة والكتابة عنها بواسطة التثقيف الذاتي والانفتاح على المجلات المتخصصة في السينما والمسرح وفنون أخرى وكتب الأدب والفلسفة والسياسة والعلوم وغيرها. بعد انهائه لمرحلة التعليم الثانوي مع مطلع السبعينات من القرن الماضي طرح أمامه خياران أما دراسة الموسيقى أو السينما وفي الأخير اختار الإخراج السينمائي وسافر في بعثة طلابية إلى مدينة كييف الأوكرانية وعوض أن يتابع دراسته الجامعية في الفيزياء والكيمياء بمعهد الطاقة غير الاختصاص والتحق بمعهد السينما، الذي تخرج منه سنة1976 بماجيستير في الإخراج السينمائي. الملاحظ أن التجربة الإبداعية السينمائية لريمون بطرس انطلقت قبل تخرجه من معهد كييف وذلك لأنه أخرج وهو طالب بهذا المعهد السينمائي السوفياتي باكورة أفلامه سنة 1974 بعنوان «صهيونية عادية»، وهو فيلم تسجيلي مدته عشرة دقائق حاول من خلاله الكشف عن الحركة الصهيونية في العالم، وبعده جاء فيلم التخرج «نشيد البقاء» عن نهر العاصي بمدينة حماة. وبعودته إلى سوريا ستبدأ مرحلة جديدة من حياته الفنية وستواجهه صعوبات تضطره إلى ترك العمل السينمائي مؤقتا وممارسة الصحافة والترجمة والنحت على الحجر، وبالصدفة سيتم إلحاقه بالمؤسسة العامة للسينما لتنطلق مسيرته السينمائية بشكل رسمي وتفرز مجموعة من الأعمال التسجيلية والروائية نذكر منها بالخصوص الأفلام التالية: فيلم وثائقي بعنوان «الشاهد» سنة 1986 و»المؤامرة المستمرة «، وهو فيلم روائي طويل أنتج سنة 1987 بالاشتراك مع مؤسسة سوف-فيلم السوفياتية المشهورة آنذاك، والأفلام الروائية الطويلة «الطحالب» سنة 1991 و»الترحال» سنة 1996 و»حسيبة» سنة 2008، بالإضافة إلى أفلام وثائقية قصيرة لعل آخرها هو الفيلم الرائع «ملامح دمشقية» من إنتاج سنة 2008، الذي عرض في الدورة الأولى لمهرجان خريبكة الدولي للفيلم الوثائقي سنة 2009. كل هذه الأفلام تعكس جوانب عدة من حياة الناس بالمدن السورية كحماة ودمشق، كما تعكس جوانب من تاريخ وحضارة الشام وبعضها يقدم رؤية لواقع العرب المتخلف وما يزخر به من تناقضات وظواهر مرضية. إنها أفلام تهتم بالتفاصيل الحياتية وتترجم أحاسيس مبدعها ومشاعره وهو يتفاعل مع ما يحيط به من أحداث ومعمار وأمكنة وبشر وغير ذلك، بأسلوب فني جميل يظهر تمكن ريمون بطرس من أدوات التعبير السينمائي ويعكس اطلاعه الواسع على ثقافة وهموم عصره. فتحية لهذا المبدع السينمائي العربي والكوني الكبير بمناسبة تكريمه بمدينة خريبكة المغربية.