قدم نحو 70 نائبا اشتراكيا فرنسيا طلبا للرئيس فرانسوا هولاند ليفي بوعده الانتخابي المتمثل في منح حق التصويت للأجانب في الانتخابات المحلية. و يثار حاليا في فرنسا نقاش سياسي صاخب في شأن حق تصويت الأجانب في الانتخابات المحلية، و الذي يشكل أحد الوعود التي تضمنها برنامج الحملة الانتخابية الأخيرة للرئيس فرانسوا هولاند . وينص الدستور المغربي في مادته الثلاثين على أن "الأجانب يتمتعون بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين والمواطنات المغاربة_ وفق القانون. ويمكن للأجانب المقيمين بالمغرب المشاركة في الانتخابات المحلية_ بمقتضى القانون وتطبيقا لاتفاقيات دولية أو ممارسات المعاملة بالمثل". و بمقتضى هذا المبدأ الدولي الجاري به العمل في العلاقات الديبلوماسية سيصبح بامكان الجاليتين الفرنسية و الاسبانية المقيمة في المغرب التصويت في الانتخابات الجماعية المحلية في مقابل سماح حكومتي باريس و مدريد لأفراد الجالية المغربية بالتصويت بدورها في الانتخابات المحلية . و في حالة إسبانيا يبدو هذا المطلب صعب التنفيذ بالنظر الى ميولات اليمين الاسباني الحاكم (الحزب الشعبي ) المعارضة لهذا التوجه على الرغم من أن حكومة خوسي لويس ساباتيرو ، سبق و طالبت المغرب بتوقيع اتفاقية في هذا الشأن حتى يتمكن المغاربة من التصويت في الانتخابات البلدية، لكن المغرب تحفظ حينها على المقترح اليساري لاعتبارات تتصل بصعوبات التعديل التقني لفصول الدستور. و يبدو حاليا أن فرنسا هي المرشحة الأفضل لاعادة تفعيل هذا المطلب الذي يشكل توجها إستراتيجيا على الأقل للوعود الانتخابية للرئيس الفرنسي هولاند الذي سار على نهج رفيقه في الحزب الرئيس ميتران الذي كان قد وعد بدوره بتدابير في نفس الاتجاه لكنه تراجع عنها مستبدلا إياها بتسريع وتيرة التجنيس الذي إستفاد منه عشرات آلاف الأجانب بالجمهورية الخامسة و في مقدمتهم المغاربة و الجزائريون على وجه الخصوص و هو ما مكنهم من الاسهام كفرنسيين في المعترك السياسي الوطني . و سبق للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند كمرشح للرئاسيات الفرنسية أن دافع في مواجهة تلفزية مباشرة مع غريمه ساركوزي عن موقفه في منح حق التصويت للأجانب في الانتخابات المحلية ، مستشهدا بمثال المغرب الذي أدخل هذا الحق في الدستور الذي تمت المصادقة عليه في فاتح يوليوز الماضي. و تبرز حواجز قانونية و سياسية هامة أمام التنفيذ العاجل لبرنامج الرئيس هولاند فيما يتصل بهذه النقطة . و أول هذه الحواجز حرص اليمين الفرنسي و خاصة المنتمي لصف المعارضة و أيضا المتطرف الذي تقوده اليمينية لوبين ذات الميولات العنصرية المعلنة على معارضة و إجهاض مسعى الحكومة الاشتراكية لتبني قرار بالبرلمان الفرنسي لتمكين الأجانب المقيمين بفرنسا في وضعية قانونية سليمة من التصويت في الانتخابات المحلية . و يتطلب قرار من هذا القبيل موافقة ثلاثة أخماس أعضاء البرلمان الفرنسي بغرفتيه العليا والسفلى و هو ما يشكل رهان صعب التحقق في الوقت الذي تتمسك فيه تشكيلات المعارضة بعرض الأمر الى إستفتاء شعبي لن يكون بالضرورة متماهيا مع رغبات الرئيس هولاند و حكومته الاشتراكية خاصة و أن نتائج آخر إستطلاعات الرأي تشير الى أن زهاء ثلث الفرنسيين فقط يدعمون قرارا بمنح التصويت للأجانب بعد أن كانت هذه النسبة تتعدى نصفهم قبل أقل من سنة , و هو ما يعني أن الأفكار اليمينية الشعبوية أضحت تتجذر تدريجيا في قناعات و أراء الشارع الفرنسي المكتوي بتبعات الأزمة الاقتصادية و أن أي لجوء لهولاند الى تحكيم الاستفتاء الشعبي حول القضية سيمثل مغامرة انتحارية قد تكلفه الكثير سياسيا و شعبيا